24/03/2015 - 10:05

مغزى "أسف" نتنياهو

المغزى الأساسي من "أسف نتنياهو" وما سبقه هو أن علاقة العرب في إسرائيل مع الدولة ليست علاقة مواطنة وكأن العرب شأن إسرائيلي داخلي

مغزى

نتنياهو والكومبارس، أمس (تصوير الليكود)

* المغزى الأساسي من 'أسف نتنياهو' وما سبقه هو أن علاقة العرب في إسرائيل مع الدولة ليست علاقة مواطنة وكأن العرب شأن إسرائيلي داخلي، ومحاولة حصر هذه العلاقة بخطاب المواطنة و”كلنا سوية” هو تقزيم لمكانة العرب الأصلانيين في هذه البلاد، وتنازل كبير عن وسيلة من أهم وسائل نضال العرب في الداخل...


لا حاجة للتركيز في أسماء ووجوه شهود الزور من العرب الذين حضروا أمس “مسرحية أسف” بنيامين نتنياهو في مقر إقامته في القدس. فهم كومبارس، حتى لو تولوا منصب رئيس سلطة محلية أو لبسوا عباءة شيخ عربي. هم ديكور لا أكثر. صحيح، أن استدعاء الكومبارس يعني تجاهل نتنياهو والمؤسسة الحاكمة للقيادة المنتخبة للمواطنين العرب، لكن الأخيرة ليست بحاجة لنيل الشرعية من نتنياهو أو من هذا الوزير أو ذاك.

كما أن لا حاجة في الخوض إن كان كلام نتنياهو أسفا أو اعتذارا، فهو ليس هذا ولا ذاك، بل تلاعب فهلوي في الكلام. فهو لم يذكر حتى كلمة المواطنين العرب بل اكتفى بالإشارة إلى “أبناء الأقليات” و”عرب إسرائيل” وأشار إلى “المنن” التي منحتها حكومته للعرب وهي في الحقيقة لا تذكر.

تفوهات نتنياهو في يوم الانتخابات ضد العرب تؤكد أن العنصرية والكراهية للعرب أصبحت التيار المركزي في السياسة الإسرائيلية، فلم يعد أفيغدور ليبرمان ابنا ضالا للصهيونية أو ذاك الجسم الغريب في المشهد “الديمقراطي”. فها هو نتنياهو يتصرف مثل أصغر العنصريين مثل بيبي الشاب تاجر المفروشات.

يجب وضع سياق تصريحات نتنياهو أمس في سياق أزمته مع الإدارة الأميركية التي دانت تصريحاته واعتبرته خطرا على ما وصفتها بالديمقراطية الإسرائيلية. ويبدو أن نتنياهو أدرك أن في هجومه على المواطنين العرب يحرق القناع الرئيسي الذي تستخدمه إسرائيل أمام العالم وهو قناع واحة الديمقراطية في صحراء الديكتاتوريات العربية. كما أنه قدر جيدا استنكار قادة الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة بيمينهم ويسارهم لتفوهاته التي اعتبروها مسا بصورة الديمقراطية الإسرائيلية.

وهذا ما يؤكده المحللون في إسرائيل، بأن “أسف” نتنياهو كان موجها للإدارة الأميركية وليهود أميركا وليس للعرب في إسرائيل، ولأنه أدرك أن تفوهاته ضد العرب قد تستغل من قبل البيت الأبيض في معركته ضده، ولأن الإدارة الأميركية قد تستغل هذه التصريحات بالإضافة إلى تصريحاته خلال الانتخابات بتخليه عن حل الدولتين لضرب علاقاته في الأوساط اليهودية في أميركا.

نتنياهو والكومبارس، أمس (تصوير: نيو ميديا الليكود)

المغزى الأساسي من “أسف نتنياهو” وما سبقه هو أن علاقة العرب في إسرائيل مع الدولة ليست علاقة مواطنة وكأن العرب شأن إسرائيلي داخلي، بل هي أوسع وأعقد. ومحاولة حصر هذه العلاقة بخطاب المواطنة و”كلنا سوية” هو تقزيم لمكانة العرب الأصلانيين في هذه البلاد، وتنازل كبير عن وسيلة من أهم وسائل نضال العرب في الداخل، وهي تدويل النضال.

هذا لا يعني أن نكون “فشكا” في الأزمة الحالية بين نتنياهو وأوباما، بل أن نجيد استغلال ما تخشاه إسرائيل وهو كشف زيف الديمقراطية الإسرائيلية.

تفوهات نتنياهو كشفت الوجه الحقيقي لرئيس حكومة إسرائيل منذ العام ٢٠٠٩، وكشفت زيف الديمقراطية. وهذه فرصة لكي نستغلها في إفشال العديد من القوانين العنصرية التي ستصوت عليها الكنيست في الفترة القريبة مثل قانون يهودية الدولة.

أسبوع تقريبا يفصلنا عن ذكرى يوم الأرض الـ٣٩، وكأن شيئا لم يتغير في سياسات إسرائيل منذ الذكرى الأولى. المصادرات وعمليات الهدم والتهجير أكثر شراسة في النقب. رصاص الشرطة ما زال يفتك بشبابنا العزل، لكن أشياء كثيرة تغيرت فينا، وهي قدرتنا على المواجهة في الميدان وعلى المرافعة الدولية أيضا. تفوهات نتنياهو جاءت لتذكرنا بزيف الديمقراطية، والمواطنة أيضًا وبتقصيرنا بحق أنفسنا من خلال حصر علاقتنا مع هذه الدولة بخطاب المواطنة الإندماجي وشعار “كلنا سوية”.

 

التعليقات