25/03/2015 - 16:48

"توحدنا" لا تكفي../ رازي نابلسي

التعدّدية مطلوبة، ولكنها تحتاج أن تكون ضمن برنامج عمل سياسي تتبنّاه كافة المركبّات والفئات والتطلّعات

انتهت الانتخابات البرلمانية، واستطاعت القائمة المشتركة تحقيق إنجاز انتخابي، ولو ليس كما تمنته الجماهير العربية. ولكنه يبقى إنجازاً، إذ استطاعت رفع نسبة التصويت في المجتمع العربي بزيادة 10%، وزادت عدد مقاعد النواب والتمثيل العربي في الكنيست، وهذا الإنجاز السياسي لم يتحقّق بفضل الحملة الإعلامية، ولا بفضل شخص رئيس القائمة وخطابه السياسي الذي كان وما زال يخاطب الإسرائيلي وقلقه الدائم من العربي أكثر ممّا يخاطب المواطن العربي ويطرح حلولاً لمشاكله المتفاقمة جراء هذا النظام العنصري.

بل إن هذا النجاح تحقّق بفضل عاملين أساسيين: الوحدة ما بين الأحزاب العربية ووعي الناخب بأن استمرارها يكون من خلال دعمها؛ والهم القومي للناخب العربي، إذ خرج للتصويت لقائمة عربية مشتركة من دوافع قومية وإيمان ولو ضمنيّ بأنه مستهدف لكونه عربيا، وليس لأي سبب آخر، وهذا ما عوّلت عليه مركّبات القائمة، إذ لم تتعدّ الحملة الإعلامية شعار 'توحّدنا'.

من الواضح أن مركّبات القائمة المشتركة، انشغلت بإنجاز الوحدة وترتيب الأمور التنظيمية والاتفاق فيما بينها في فترة ما قبل الانتخابات. لذلك كان واضحاً أن الخطاب السياسي ضبابيّ ودون برنامج عمل مستقبلي.

هذا الخطاب (توحدنا) لا يمكن أن يدوم، فالشارع العربي فعلاً تحمّل عبء القائمة المشتركة، ووصلت نسبة دعمها في بعض البلدات العربية لأكثر من 90%، وهي فرصة حصلت عليها القائمة المشتركة، ويتوجّب على مركّباتها الآن تحمّل أعباء الحفاظ على ثقة الجماهير، فخطاب الوحدة لن يكون مجدياً في المرّات القادمة وحتى في فترة ما بين الانتخابات، إذ سيتحوّل إلى ما تحقق من خلال الوحدة. وخطاب المواطنة الذي يسعى لطمأنة الإسرائيلي لا يحقّق شيئاً، وصراعنا مع هذه المؤسسة يثبت هذا الادعاء.

على سبيل المثال، قام أيمن عودة برمي قضية رفض فائض الأصوات في ملعب التجمّع من خلال الإعلام الإسرائيلي، وحتّى في لقائه مع زهافا غلؤون في القناة الثانية قال مؤكداً أنه أراد هذه الاتفاقية إلّا أن مركّبا آخر رفضها. وهنا وبلا خطاب سياسي وخطوط حمراء واضحة استطاع مرشّح زج حزب آخر من ذات القائمة في خانة المتطرّف وموضع ذاته في خانة المعتدل. هذا بالإضافة إلى المناظرة التي التقى فيها رؤساء القوائم في القناة الثانية الإسرائيلية، إذ توجّه عودة لدرعي موازياً نضال الصهيونية الدينية بنضال العرب مدعياً أن كليهما مضطهد وشفّاف، واستعمل في حديثه مع زعيم البيت اليهودي، نفتالي بينيت، كلمة 'كلّنا' أكثر من مرة. وهذا إن كان خطاب عودة فهو لا يمثّل شريحة واسعة من الجماهير التي تمثّلها القائمة المشتركة. وبالتالي عليها الآن أن تحمل مشروع الحفاظ على الوحدة من خلال بناء وحدة سياسية تخطّت المرحلة الانتخابية ورسم خطوطها السياسية الواضحة التي ترتكز أولاً على محاربة الصهيونية، هذا الخط الأحمر الذي يمثّل فعلاً إرادة الشعب، وغاب غياباً تاماً عن الحملة الانتخابية.

التعدّدية مطلوبة، ولكنها تحتاج أن تكون ضمن برنامج عمل سياسي تتبنّاه كافة المركبّات والفئات والتطلّعات، ولا يخرج عن مسيرة التطوّر التي شهدها الداخل الفلسطيني في علاقته مع السلطة القامعة منذ يوم الأرض مروراً بالانتفاضة الثانية وبلورة هويته الوطنية وسقفه النضالي تحديداً منذ العام 2000، إذ كان مرحلة جديدة في الصراع مع السلطة والمد القومي السياسي والثقافي. والعودة إلى ما قبل هذا ممنوعة وعلى مركّبات القائمة المشتركة التي تتبنّى هذا الطرح السياسي أن تطالب ببرنامج عمل وخطاب واضح يحمي هذا السقف من الهبوط، وتمنعنا من إعادة المسيرة ذاتها التي مررنا بها. 

التعليقات