28/04/2015 - 22:44

أن يتظاهر الفلسطيني في ساحة رابين../ خليل غرّة

شرعت جرافات الهدم الإسرائيلية، مؤخرا، بهدم منازل فلسطينية في اللد وكفر كنا، ويرافق ذلك هدم مستمر في قرى النقب، كما يهدم الاحتلال بيوت الفلسطينيين في أحياء القدس بالإضافة إلى مخططات الهدم والتهجير التي تهدد حياة آلاف الفلسطينيين في الأغوار والنقب

أن يتظاهر الفلسطيني في ساحة رابين../ خليل غرّة

شرعت جرافات الهدم الإسرائيلية، مؤخرا، بهدم منازل فلسطينية في اللد وكفر كنا، ويرافق ذلك هدم مستمر في قرى النقب، كما يهدم الاحتلال بيوت الفلسطينيين في أحياء القدس بالإضافة إلى مخططات الهدم والتهجير التي تهدد حياة آلاف الفلسطينيين في الأغوار والنقب.

وفي أعقاب الهدم في الداخل، دعت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في الداخل والقائمة المشتركة إلى الإضراب الشامل يوم الثلاثاء (28/04/2015) وأيضًا للتظاهر في مدينة 'تل أبيب' في ساحة 'رابين' وأطلقت على هذا اليوم تسمية 'يوم البيت'، رفضًا لسياسة الحكومة اليمينة الفاشية الراهنة التي تتصف سياستها بالتطهير العرقي على حد بيان لجنة المتابعة.

كما هو متعارف فإن ساحة رابين في مدينة تل أبيب لها قيمتها المكانية في السياسة الإسرائيلية، ولها صور في المخيلة 'الديمقراطية' الإسرائيلية، وفكرة التظاهر هناك لها صبغة خاصة، مواطنون إسرائيلييون يرفعون الأعلام الإسرائيلية بجانب بعض المطالب أو شعارات الفخر بالجيش أو دعم للحزب الفلاني.

هيا بنا نشحذ مخيلتنا المفصومة قليلًا. ساحة رابين استضافت عشرات المظاهرات الداعمة للمجازر على شعبنا، وقفات تنادي بتخفيض أجور المنازل ورفع الحد الأدنى للأجور، وقفات داعمة للأحزاب الصهيونيّة، احتفالات الجيش والاستقلال، مظاهرات المثليين واحتفالات فرق الرياضة. إذًا هذا الفناء يعبر عن الديمقراطية الإسرائيلية ويعبر عن المواطنة الصالحة التي تحمل ثقافة سياسية ديمقراطية نشطة، تتظاهر وتعبر عن رأيها وموقفها. هل من مطرح للفلسطينيين هناك؟ على أساس أنهم يقارعون الإحتلال ويطمحون لتفكيكه وإنهائه. لكن من يسعى؟!

تتصرف لجنة المتابعة العليا والتي تُمثل جميع الأحزاب والحركات السياسية في أراضي 48، بما فيها الحركة الإسلامية الشق الشمالي وحركة أبناء البلد اللتان تقاطعان انتخابات الكنيست، بصبيانية سياسية على الطريقة الحنبلية الأوسلوية التي تكرّس حل الدولتين وفكرة 'إقبلونا كمواطنين صالحين' وفكرة التعايش والحياة الديمقراطية المشتركة التي يقودها أيمن عودة المرشح الأول في القائمة المشتركة التي تخوض إنتخابات الكنيست، فكرة القائمة الديمقراطية المشتركة فرضت نفسها على القائمة المشتركة وهذا خطاب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة التي تحتوي لجنة المتابعة وتضعها تحت باطها حتى أمست الدعوة لمظاهرة في تل أبيب بهذا الخطاب بدعوة من المتابعة.

استحواذ الجبهة على المشتركة وعلى المتابعة يجب أن يتوقف، هذا ليس مطلب، هذه دعوة لباقي الأحزاب أن تفيق وتعمل.

 مظاهرة في ساحة رابين، هذا النهج يقول لأوسلو: نحن نكمل طريقك نحو ترسيخ التعامل مع فلسطين على أنها شطرا وطن، وأن اللعبة السياسية للفلسطينيين محصورة بالأدوات الاستعمارية ولا يمكنها أن تخلق هامشا تحرريا، وأن العنصريّة الإسرائيلية هي ممارسات دخيلة على هذا الشعب والحركة الصهيونيّة، وأن هناك ثلة من المتطرفين يعبثون بإسرائيل إلى الخيار المتطرف الدموي الذي نرفضه ونرفض العنف من الطرفين، كما نسعى لأن تكون إسرائيل ديمقراطية تعج بالمواطنة.

الشعوب التي ترزح تحت الاحتلال والقمع ويحكمها سياق معين ترفضه، عليها أن تعاديه وتخلق هوامش تناضل فيها، أو تنشئ لنفسها سياقات جديدة تشمل نوعا آخر من طرق النضال والمقاومة. أما أن نعتبر تل أبيب هامشًا نناضل فيه فهذا اختزال للقضية وسلوك سياسي بائس ومهزوم، يدعو للتصالح ولا يواجه نفسه وحقيقة هذا الكيان الاستعماري.

إن 'العنصريّة' الإسرائيلية و'التطرف' وما يُسمى بـ'اليمين' و'اليسار' لهي مفاهيم خالية من تعريفاتها الحقيقيّة ومدجّنة بالفكر الصهيوني الاستعماري الاستيطاني والذي تعتبر العنصرية فيه أمرا بنيويا مركزيا وليس ثانويا.

ما هي علاقة الداخل بالكل الفلسطيني؟ وكيف ينظر أبناء الضفة والقدس إلى هذه المظاهرة؟ إن الزمن الذي كانت تقول فيه الجبهة الشعبية أو فتح للأحزاب في الداخل حول انتخابات الكنيست، هذا شأنكم، كما هو العكس في حالة أحزاب الداخل تجاه انتخابات التشريعي يجب أن ينتهي فورًا، هكذا نتخطى أوسلو!  دور الفلسطينيين الآن ضروري في بناء الكل الفلسطيني، في بناء مشروع سياسي يفكك المشروع الصهيوني، هناك أهمية في تعميق التواصل محليًا فلسطينييًا وعربيًا.

ها هي القدس تُعاني أقسى 'موجات العنصريّة' من هدم وقتل وتهويد وتغريب، لماذا لا يخرج الفلسطينيين إلى التظاهر في ساحة بلدية القدس؟ ألا يستطيعون تنظيم وقفة مرخصة تنادي بالإصلاحات وتطلب المواطنة واستصدار تصاريح البناء محملة بثقافة الاستجداء من المستعمر؟ لكنها وشبابها وأهلها يرفضون مجمل هذا النهج، هم يرفضون البلدية وساحاتها، يرفضون إشاراتها الضوئية وقطارها الخفيف. يواجهون ويخرجون من بيوتهم ومن ساحاتهم، ومن أحيائهم إلى الشوارع معلنين رفضهم للذل والظلم، يخلقون الهامش ويصنعون السياق، وهذا ضمان مؤكد على حفاظهم وتمسكهم بالقدس.

يُذكر أنه منذ الانتفاضة الثانية والفلسطينيون في القدس لا تحكمهم  قيادة، كما الحال في الداخل والضفة وغزّة.
 
 

التعليقات