06/05/2015 - 17:35

ما بين شرعية نضال فلسطينيي البلاد واليهود الأثيوبيين../ منيب طربيه

نجح الكيان بتسليط الضوء على العدائية بين فلسطينيي البلاد والكيان، وركز أن مشكلته هو بكل مركباته من يهود شرقيين ويهود غربيين ضد فلسطينيي البلاد والعرب في المنطقة

ما بين شرعية نضال فلسطينيي البلاد واليهود الأثيوبيين../ منيب طربيه

منذ أقام الأبيض الكيان الصهيوني، كان على رأس سلم أولوياته السيطرة على البلاد، وقمع سكانها الأصلانيين من الفلسطينيين غير آبه بكل مركبات الكيان ومطالبهم. اضطر الأبيض وعلى مدار عشرات السنين تسهيل هجرة كل من له صلة باليهودية لتخطي ظاهرة الأقلية أمام الأكثرية الفلسطينية، فضمن المهاجرين كانت مجموعات من اليهود العرب الذين هاجروا إلى البلاد من البلاد العربية تحت دعايات وهمية للتعداد السكاني مقابل سكان البلاد من الفلسطينيين.

قام اليهود من أصول عربية بالنضال على عدة مستويات إلا أن السلطوي الأبيض سرعان ما كان يروض النضال بعدة آليات بضمنها الوعود الكاذبة.

إن المحاولات العديدة من قبل اليهود من أصول شرقية لم تهز الكيان الصهيوني، ولم يُعرها الكيان أي اهتمام حتى ظهور حركة الفهود السود سنة 1971، والتي جيشت الآلاف للتظاهر في ميدان صهيون، حينها اضطر الكيان لدمج بعض قيادات اليهود الشرقيين في السياسة المحلية لترويض الاحتباس ولتهدئة الغليان، ولكنها لم تقتنع ولم تنه سياسة التمييز ضدهم إلى يومنا هذا.

كما نجح الكيان بتسليط الضوء على العدائية بين فلسطينيي البلاد والكيان، وركز أن مشكلته هو بكل مركباته من يهود شرقيين ويهود غربيين ضد فلسطينيي البلاد والعرب في المنطقة.

وفعلا لم يعد الصراع طبقيا عرقيا بقدر ما كان قوميا لاحقا، واصطف الكيان الصهيوني بكل مركباته تحت مسميات عديدة في الصراع العربي الإسرائيلي الذي بقي حاضرا حتى يومنا هذا.

مع الوقت أصبح اليهود من أصول شرقية أكثر تطرفا من الأبيض الذي سيطر على السلطة على عكس التوقعات، وحتى انضمت شخصيات قيادية شرقية إلى اليمين واليمين المتطرف متناسية المشكلة العرقية والطبقية تحت ادعاء الخطر الجاثم على صدورهم من الوجود الفلسطيني في الداخل ومن الأكثرية العربية في المنطقة.

مع مرور الوقت لم يعد للشرقيين أي فرصة أخرى للمطالبة بحقوقهم الاجتماعية والطبقية، وعلى الرغم من معاناتهم من التمييز العنصري في مؤسسات الدولة إلا أنه غرر بهم، وتفرقوا بين الحركات السياسية والاجتماعية العديدة في المجتمع الأبيض، ولم يجرؤ أي منهم على ذكر ذلك حتى الانتخابات الأخيرة حين ركز آرييه درعي في دعايته الانتخابية على التمميز ضد الشرقيين لكسب أصوات اليهود المضطهدين في البلاد.

إن صمت اليهود الشرقيين كان كسكوت أهل الكهف، وبالمقابل تطرفوا بمواقفهم ضد فلسطينيي البلاد، فعلى الرغم من الصراع الطبقي والاجتماعي إلا انهم فضلوا الصراع القومي ضد الفلسطيني في هذه البلاد لأنه كان أسهل لهم للتعايش ولإرضاء السيد الأبيض والذي شاركه في الصراع العربي الإسرائيلي.

لقد قامت المؤسسة وبشكل ممنهج إبراز الأزمة القومية خاصة في المناسبات الوطنية الفلسطينية، فمنذ يوم الأرض عام 1976 مرورا بأكتوبر 2000 كرست المؤسسة جل اهتمامها على أن فلسطينيي البلاد هم خطر يجب اجتثاثه، ويجب التعامل معهم بحذر إضافة إلى أنهم في خانة الغرباء.

إن الكيان الأبيض والذي غرر بباقي أطيافه من الأصول الشرقية مثل العراقيين، المغاربة، الأثيوبيين وغيرهم من مركبات الكيان، تفاجأ في الآونة الأخيرة عندما خرجت جموع اليهود من أصول اثيوبية غاصبة ضد الظلم والاضطهاد الممارس ضدهم، حيث ظن الكيان الأبيض أنه نجح بالتحايل على مركبات المجتمع الإسرائيلي المستضعفة، ولم يأبه للعنوان على الحائط، ولم يتخيل في أسوأ أحلامه أن الأثيوبي سيتظاهر وسيرفع صوته عاليا ضد الاضطهاد والتمييز، وأنه سيأتي يوم ويطالب به الأثيوبي بالمساواة، بل على العكس توقع الكيان الأبيض بما أنه يعتبر أن الأثيوبي أقل ثقافة وتطورا فإنه سيكتفي بما وصل إليه، ولم يأبه سابقا لأديسو مساله عضو كنيست الكيان من أصول أثيوبية الذي لم يعد يحتمل العنصرية المتفشية في البلاد، وعاد إلى موطنه الأم، واعتبره الكيان حالة فردية نادرة.

إن العنصرية المتفشية في البلاد لم تعد تحتمل، فما يعانيه اليهود الشرقيون، نعاني نحن أضعافه، ويجب ألا يغرر بِنَا ونعتبر أننا في ذات الخانة من الصراع الطبقي داخل مجتمع الكيان، ففي الجولة الأولى بعد هذه الأزمة سيصطف اليهودي الأثيوبي مع جلاده في أول مطالبة لفلسطينيي البلاد لحقوقهم، فتجربة الفهود السود أكبر دليل على ذلك، مع تمنياتنا أن يكون الأمر عكس ذلك عله يأتي يوم ويجتمع كل المستضعفين للنضال أمام الفاشية والعنصرية.

إن مطالب اليهود الأثيوبيين تتمحور حول الرتب والمواقع في أجهزة الأمن القمعية، وليست في مواقع اجتماعية أخرى، فاليهود الأثيوبيون لا يَرَوْن أن نضالهم إثني، ولا يمت لنضال فلسطينيي البلاد بصلة، وفي أول ظهور تلفزيوني لبعض ممثلي الأثيوبيين ركز عليهم الإعلام، ووضعهم في خانة الأبطال، إضافة إلى أنه كان واضحا الاختلاف بين نضال فلسطينيي البلاد وبينهم حيث بعد مظاهرات فلسطينيي البلاد، كان المكان الوحيد الذي يُستقبل به فلسطينيو البلاد هو المحاكم والمعتقلات.

حتى لو كان هناك أي شبه بين النضالين إلا أنه لا يمثلنا، ولا يجب أن نعيره أي اهتمام أكثر من تعاطف إنساني لفئة مستضعفة والتي فور حصولها على حقوقها، وهو أمر ممكن حتى لو كان في الاحتيال عليهم، سينقلبون علينا بأول مطالبة لفلسطينيي البلاد، ومن شبه المؤكد أنهم لن يشاركوننا نضالنا بل سيصطفون بجانب الأبيض لقمعنا.

هناك البعض من أبناء جلدتنا الذين لا يجرؤون على التظاهر المباشر بعد كل حدث أو لا يجرؤون على مواجهة المؤسسة بشكل مباشر، نراهم يحاولون اليوم التضامن مع الأثيوبيين والاختباء تحت مظلتهم، وإبراز أحقيتهم في النضال، أولئك سرعان ما سيخذلون في أول تصريح لهذه الفئة بتقسيمهم، حيث أن باعتبارات الكيان فإن الاثيوبيين في وسط هرم الطبقات ونحن بقاعه.

فعذرا.. إن المكانة التي بتمتع بها اليهود من أصول أثيوبية أرقى وأعلى من المكانة التي رسمتها لنا المؤسسة، وهم نفسهم الأثيوبيون يد السلطة في هذا التقسيم العرقي الطبقي الذي سرعان ما سيظهر في أول معركة فلسطينية ضد اضطهاد وعنصرية المؤسسة، وهم وجه آخر للسلطة، وصراعهم بعيد كل البعد عن صراعنا.

 

التعليقات