10/06/2015 - 12:14

نفتالي يبنيت؟ هاي الساحة والميدان../ خالد تيتي

المطلوب اليوم هو البدء في تحويل مشروع الحكم الذاتي الثقافي من مستوى الشعار إلى مستوى الخطوات العملية، التي من شأنها منفردة أن تضفي صبغة الحكم الذاتي على مناحي معينة في الثقافة والتربية التعليم، والتي من شأنها مجتمعة أن تؤسس أرضية للمشروع بشكل فعلي، يزيد من فرص مقارعة الدولة في المستقبل

نفتالي يبنيت؟ هاي الساحة والميدان../ خالد تيتي

أعلن وزير التربية والتعليم، نفتالي بينيت، عن إخراج مسرحية 'الزمن الموازي' من 'سلة الثقافة' - البرنامج القُطري لدعم وتمويل فعاليات ثقافية، في أعقاب التحريض المستمر على المسرحية التي تجسد إحدى قصص الأسير وليد دقة، والتي تعرض في مسرح الميدان في حيفا.

ومنذ دخول الوزراء بينيت وريچيف إلى وزارتي التربية والثقافة تشهد الساحة السياسية هجمة شرسة على الفنانين والفعاليات الثقافية العربية كانعكاس 'منطقي' لنهج شخصيات وخطاب بينيت وريچيف اليمينية المتطرفة، الذين ينتهجون سياسية العداء للعرب من كل منصة، بطرق شعبوية وبغرض دغدغة المشاعر وكسب تأيد سياسي من الشارع الإسرائيلي المعادي للعرب أصلًا، خاصة في موضوع التعليم والثقافة، ووفق عقلية الوصاية على المجتمع العربي في هذه المواضيع، حيث يعتقد الإسرائيلي المتوسط أنه مخول بأن يقرر أو أن يعارض ويراقب المضامين التي 'يعلمها العرب لأولادهم' وفق المقولة الرائجة.

والملفت للنظر أن الاثنين ينتهجان سياسة مشابهة تجاه أي عمل ثقافي وفني يتسم بالانفتاح والثورية حتى في قطاع الثقافة اليهودي.

الظروف الجديدة التي نتجت عن تشكيل الحكومة الحالية، والتغييرات التي حصلت في مواقع الوزراء المختلفة، أغلقت، حتى إشعار آخر أي منفذ لأي تصرف براغماتي، ولأي مناورة مقابل السلطة في مجال تطوير الثقافة أو جهاز التعليم في ظل سيطرة وزراء من نوع بينيت وريچيف.

ليست هذة مفاضلة بين الجيد والسيئ أو بين السيئ والأسوأ، فسياسة السلطة الإسرائيلية في السيطرة على مناهج التعليم العربي أو التضييق على النشاطات والمؤسسات الثقافية واضحة منذ زمن، ولا أهمية كبيرة لمن يشغل منصبا معينا في وزارة معينة، إلا أن الظروف الجديدة هذه أدت إلى طريق مسدود في كل ما يتعلق بنهج المناورة وخطاب الحقوق الجماعية القومية كمطلب للأقلية العربية من الممكن أن تشتق منه مطالب تتعلق بإثراء وتسييس الحياة الثقافية أو مطالب عادلة لتسيير الحياة العادية في جهاز التعليم العربي، ولا أتحدث هنا عن حكم ذاتي ثقافي أو حقوق جماعية تنقلب على المنظومة القائمة، فالحديث مع وزراء من هذا النوع عن هذا النوع المشاريع أشبه 'بمحادثة طرشان' في أفضل الأحوال.

 فلا مجال إذا للحاور مع السلطة في هذه الظروف لإيجاد مسارات وحلول وسط حول التعنت في الأزمات كأزمة مسرح الميدان والأزمات الأخرى، والتي من الواضح أنها لن تكون الأخيرة، فما هي الخطوات الواجبة إذا؟

قد يبدو الحديث عن مشروع الحكم الذاتي الثقافي كحل في هذه الإحداثيات خيالا، أو ترفا، فلا يوجد مادة جاهزة قابلة للتنفيذ، اسمها الحكم الذاتي الثقافي، بل أكثر من ذلك، ليس ثمة توافق داخلي على معالم هذا المشروع ومضامينة وآليات تنفيذه، إلا أن المطلوب اليوم هو البدء في تحويل مشروع الحكم الذاتي الثقافي من مستوى الشعار إلى مستوى الخطوات العملية، التي من شأنها منفردة أن تضفي صبغة الحكم الذاتي على مناحي معينة في الثقافة والتربية التعليم، والتي من شأنها مجتمعة أن تؤسس أرضية للمشروع بشكل فعلي، يزيد من فرص مقارعة الدولة في المستقبل.

فثمة ضرورة لتحديد الموضوعات التي من الممكن إحداث تقدم بها، في مقابل وضع تصور للمسارات المختلفة الممكنة، للبدء بالعمل على ملفات عينية قانونيا وبرلمانيا وحتى دوليا لتحصيل مكاسب ونقاط نحو الحكم الذاتي وتحضير الأرضية له، إضافة إلى تفعيل المسارات الشعبية والمسارات الأهلية المجتمعية بهدف إرساء ثقافة الحكم الذاتي. علاوة على زيادة جهود مأسسة المجال االثقافي والتعليمي والأكاديمي وتطوير أدوات التمويل الذاتي في هذا المجال، والبدء بتفكير جدي في استعمالات المنظومة النقابية لمعلمي المدارس العرب بالذات.

الحق يصنع ولا يعطى 

في خضم التفكير في هذا الموضوع، وفي مواجهة سياسة التحريض والتضييقات، لا بد من استثمار القوة السياسية للأقلية العربية وترسيخها، كأقلية كبيرة ذات قدرة كامنة ومؤثرة في امتداداتها الشعبية والوطنية وحتى في امتدادها العربي، فلن يأتي اليوم الذي ستسمح به الدولة بأن يربي ويعلم العرب أبناءهم كما يحلو لهم، ولن تتطور الظروف إلى حد اعتبار عمل ثقافي فني جزءا من التعددية الثقافية والحق في التعبير. فالحق في الحكم الذاتي الثقافي للعرب حق يُصنع ولا يعطى في دولة اليهود، إلا أنه لن يصنع من تلقاء نفسه، ولن يصنع بين ليلة وضحاها، فإذا أردنا لكتب التاريخ والأدب في مدارسنا أن 'تتغير'، وإذا أردنا للزمن الموازي أن تستمر في المسرح، فعلينا بالكف عن الكلام، والبدء بعمل النملة، وحتى ذلك الحين تجب المواجهة والحذر أو كما في المقولة الشعبية 'هاي الساحة والميدان'.

التعليقات