28/07/2015 - 01:03

داعش وكورية الشمالية../ محمد العبادي

ويعتبر نظاما كوريا الشمالية وتنظيم داعش أفضل أنموذج على ذلك. فهما متشابهان في الوسائل والآليات التي يلجأ إليها كل منهما رغم اختلافهما في الأهداف والإيديولوجيات

داعش وكورية الشمالية../ محمد العبادي

قد تختلف أنظمة الحكم في الأهداف الإستراتيجية التي تسعى لتحقيقها، ولكن بعضها يتشابه إلى حد كبير جدا في الوسائل والآليات المعتمدة لتحقيق أهدافها، بغض النظر عن إيديولوجية هذه الدولة أو تلك.

ويعتبر نظاما كوريا الشمالية وتنظيم داعش أفضل أنموذج على ذلك. فهما متشابهان في الوسائل والآليات التي يلجأ إليها كل منهما رغم اختلافهما في الأهداف والإيديولوجيات.

سياسات ترهيب العالم

تتشابه سياسات كيم جونغ اون -كيم الثالث - زعيم كوريا الشمالية وأبو بكر البغدادي زعيم داعش من حيث أن كلا منهما يعمل على زرع الرعب في العالم.

فالرئيس كيم الثالث يهدد العالم بقنابله الذرية وصواريخه البالستيه المصوبة إلى نيويورك وطوكيو وسيئول، ويطلق تهديدات بين فترة وأخرى متوعدا أمريكا واليابان وكوريا الجنوبية بالفناء.

وزعيم داعش أبو بكرالبغدادي لايختلف عنه، فهو يهدد العالم أيضا بمقاتليه المنتشرين على امتداد الكرة الارضيه الذين يؤثرون الموت على الحياة بعد أن تم غسل أدمغتهم، والذين يزيد عددهم عن مائة ألف من أكثر من 80 جنسية دولية تتمركز غالبيتهم في الدول العربية، ومئات منهم منتشرون عبر العالم على شكل خلايا نائمة تمكن بعضهم من القيام بعمليات إرهابيه استهدفت مدنيين في أمريكا وبعض الدول الأوروبية، إضافة إلى قيامهم بمهمة تدمير دول عربية وإعادة الاستعمار للمنطقة.
 عبادة الزعيم الأوحد

ينتهج زعيما كوريا الشمالية وداعش سياسة واحدة فيما يتعلق بانفرادهما في الحكم وضرورة انقياد الشعب والرعية وراءهما دون مساءلة.

فقد كرس كل من كيم الثالث المنحدر من أسرة كيم الأول الحاكمة منذ القرن الماضي، وزعيم داعش أبو بكر البغدادي سياسة عبادة الفرد لضمان استمرار حكم داعش.

ترهيب الشعب

بالغ النظامان الكوري الشمالي والداعشي في تطبيق سياسات الترهيب الوحشي على رعاياهما مستخدمين أساليب غير مسبوقة في التاريخ القديم والحديث على حد سواء.

 ففي كوريا الشمالية استخدم نظام كيم الثالث قذائف المدفعية وقذائف اللهب لقتل المعارضين، وقدم النظام لحوم معارضيه طعاما للكلاب بعد تجويعها عدة أيام كوجبة شهيه لها.

وتمارس داعش عمليات إعدام غريبة أيضا تشبه ممارسات كوريا الشمالية كالقتل حرقا أو ذبحا بحيث يفصل الرأس عن الجسد أو إعدام جماعي مع صيحات الله أكبر إمعانا في الوحشية.

أهداف ترهيب الشعب

يتفق كيم الثالث زعيم كوريا الشمالية وأبو بكر البغدادي على أهداف استخدام أقسى أنواع الوحشية ضد المعارضين، إذ يرون أن الحل الوحيد لإدامة حكم مكروه وديكتاتوري هو نشر الرعب، معتقدين إن الإمعان والمبالغة في سياسة التوحش والترهيب قد تحول دون أن يجرؤ أحد على التمرد عليهم وأن الجميع سيضطر لقبول الأمر الواقع والتأقلم معه بل وتأييده خوفا من القتل البشع.

نظرية واحدة

تطبق كوريا الشمالية و تنظيم داعش نظرية واحدة في مضمونها رغم اختلاف في تسميتها... فكوريا الشمالية تطبق نظرية "الزوتشيه"- التي ابتدعتها أسرة كيم الحاكمة للحيلولة دون تحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية إذ تؤكد النظرية أن لرئيس الدولة، وهو من آسرة كيم، السلطة النهائية في البلاد. لذا فإن كيم الثالث رغم صغر سنه يتولى رئاسة الدولة وقيادة الجيش ورئاسة اللجنة المركزية لحزب العمل الحاكم وووو...الخ، وبالتالي فإنه الزعيم الوحيد لكوريا الشمالية، حسب النظرية، وهو صاحب صلاحيات مطلقة في كل شأن.

وتنظيم داعش ابتدع نظرية جديدة في الحكم تماما كما فعل كيم الأول حين ابتدع نظرية الزوتشيه للهيمنة على الشعب. فقد ابتدع أبو بكر البغدادي وعصابته نظرية مشوهة عن أفكار شيخ الإسلام ابن تيمية، وأخذوا منها ما يناسبهم للتغطية على فجورهم وإرهابهم وتوحشهم وجرائمهم تماما كما فعل كيم الأول وسار على دربه كيم الثاني والثالث.

التمييز العنصري ورفض التعددية السياسية أو المذهبي

تطبق كوريا الشمالية وداعش سياسات تقوم على رفض التعددية السياسية والمذهبية، وتعمل أجهزة الإعلام في كوريا الشمالية وداعش على تقديس ما يقوله كيم الثالث وأبو بكرالبغدادي.

وفي الوقت الذي اعتقل فيه كيم الثالث أكثر من 5 آلاف مسيحي، فان داعش أجبرت المسيحيين على الهجرة أو سبت نساءهم ونهبت بيوتهم ودمرت كنائسهم، بل وتمادت في غيها فقتلت المسلمين الشيعة واليزيديين.

الإعلام الغوغائي

يتشابه إعلام الزعيمين البغدادي وكيم الثالث بالديماغوجية، إذ نشرت كوريا الشمالية فيديوهات تتخيل فيها أسر 150 ألف جندي أمريكي، وتدمير نيويورك، وحرق أوباما، في حين نشرت داعش فيديوهات لترهيب الناس من شر مخالفة تعليماتها، ببث صور حية لعمليات الإعدام والحرق وقطع الرؤوس التي تقوم بها مع صيحات الله أكبر فرحا وابتهاجا، كما نشرت خرائط لدولتها الوهمية التي تشمل عدة دول عربية وإسلامية. ومثلما يعتمد إعلام كوريا الشمالية على نشر يافطات وإعلام البلاد في كل مكان فإن داعش تعتمد نفس الوسيلة في المناطق التي تحتلها.

الفشل يلاحق أسرة كيم

 فشلت أسرة كيم الحاكمة في كوريا الشمالية في تحقيق أي من أهدافها الخاصة بتنمية اقتصاد البلاد ورفاهية الشعب، ولم تنجح إلا في بناء قوة عسكريه لحماية النظام من السقوط فقط وليس لتحسين أحوال الشعب وتقدمه، فسخرت موارد البلاد للحرب، وتركت الشعب الكوري الشمالي نهبا للمجاعات التي تتكرر بين فترة وأخرى نتيجة سياسات كوريا الحربية التي تستهدف حماية النظام وليس تقدم الشعب.

ورغم مروا قرابة 70عاما على حكم أسرة كيم لكوريا الشمالية فإنها فشلت في بداية حكمها كما فشلت هذه الأيام التي يقال بأنها نهاية حكمها.

فقد فشلت أسره كيم في إعلان الحرب على كوريا الجنوبية عام 1950 وسعيها لضمها إلى كوريا الشمالية حين قامت بالتعاون مع حلفاء لها بمهاجمة كوريا الجنوبية ثم اضطرت للانسحاب دون أن تنجح بتوسيع حدودها سنتمترا واحدا في أكبر هزيمة منيت بها سقط فيها وعلى مدى 3 سنوات 3 ملايين وشرد الملايين وخلفت الحرب وراءها الملايين من المعاقين والأيتام والأرامل.

... وسيلاحق الفشل داعش أيضا

يبدو أن أبو بكر البغدادي يسير على طريق سلفه كيم الأول، فقد أعلن أن خلافته تمتد حسب خريطة وزعتها داعش على امتداد بلادا لشام ومناطق من مصر وإفريقيا وآسيا إلا أن تراجع مقاتليه في العديد من مناطق احتلوها لا يؤشر على أنهم قادرون على تحقيق الحد الأدنى من طموحات البغدادي بل إنه سيفشل أخيرا كما فشل كيم الأول ولن يستطيع تحقيق أطماعه كما لم يستطع كيم الأول والثاني والثالث تحقيقها.

التعليقات