08/08/2015 - 17:39

حين يصبح الحلم مروحة ببطارية../ مصطفى إبراهيم*

حين يصبح حلم الناس بكهرباء مستمرة، ومياه نقية، ومروحة ببطارية، ووظيفة بألف شيكل في الشهر أو مستحقات مالية يتقاضاها الفقراء من الشؤون الاجتماعية كل ثلاثة أشهر، أو 2 شيكل موصلات لطالب جامعي كي يصل جامعته أو 200 دينار رسوم فصل وديون مستحقة لآلاف الطلاب، أو مرضى يموتون من الحصار والفقر ولا يملكون تأمينا صحيا برسوم 50 شيكل شهرياً، يكون الحلم بوطن حر نوع من الفنتازيا.

حين يصبح الحلم مروحة ببطارية../ مصطفى إبراهيم*

منذ الصغر ونحن نحرص على النظام والقانون و الإلتزام بتسديد فواتير الكهرباء والهاتف والمياه، ولاحقا الجوال والإنترنت ورسوم المدارس، وما تسميه الحكومة تبرعات، والتأمين الصحي، ورسوم تسجيل ساعات الجامعات وغيرها من مستحقات مالية للحكومة، وغيرها من المؤسسات الحكومية والخاصة.

هكذا تعلمنا من آبائنا مع نهاية كل شهر يجمع الوالد كل هذه الفواتير وغيرها ويتم تسديدها مباشرة ويا ويله إذا كلف أحدنا بالذهاب والتسديد وتأخر، لما كان يلقاه من تأنيب وتقريع.

هكذا تربينا، وهكذا مستمرون مع أبنائنا، وتعليم الناس أصول إحترام القانون وسيادة القانون والديمقراطية والشفافية والنزاهة والمساءلة ومن أين لك هذا.

جميعنا يعلم أن ما يسمى بالنظام السياسي الفلسطيني فاسد، نظام السلطة الوطنية ومن قبله قصص و حكايا وأشعار تغنى وتقال في فساد المتنفذين في قيادة منظمة التحرير. ربما اعتقد الناس أن الحال تغير لكنهم على قناعة تامة بأن النظام فاسد وذيل الكلب ما بنعدل، وذاكرتنا ما زالت حية وتقرير هيئة الرقابة العامة في العام 1998، ما زال ماثلا أمامنا، وما شكل من فضيحة للسلطة، ولن يغيب اليقين لدي وآلاف، وربما عشرات الآلاف، أن جميع الحكومات السابقة كانت فاسدة وأفسدت الناس والحياة السياسية و الاقتصادية والاجتماعية.

وصفقات كثيرة مثل اتفاقية إنشاء محطة توليد كهرباء وما نعانيه منها في غزة، واتفاقية استخراج غاز بحر غزة، وغيرها من الصفقات التي لم يسمع أو يعلم عنها الناس شيئا، وما زالت رائحتها النتنة تزكم أنوفنا، ولن يقنعنا أي منهم أن العلاج بالخارج والتعليم لكبار الموظفين هو ليس على حساب الناس، وأن النظام الذي يسمح هو نظام فاسد، وغير قانوني وأخلاقي وهو نهب لموازنة السلطة المنهوبة بكل أشكال العهر السياسي.

وكل ما أشيع بعد الانقسام وقبل ذلك منذ تولي الرئيس محمود عباس تمسكه بالقانون، ونسف إرث الراحل ابو عمار بمنع كتب المساعدات والهبات والمناشدات، كل ذلك تم منعه عن الغلابا والمساكين من الفقراء والعاطلين عن العمل، وأن حديث الشفافية وبناء مؤسسات الدولة تحت الاحتلال وخطط التنمية هي قصص وهمية انهارت بمجرد خروج صاحبها من الحكومة، وأن حديث محكمة الفساد هو لمحاكمة بعض الأشخاص من غير المقربين من النظام أو من خرجوا من عباءته.

منذ قيام السلطة لم تؤسس المنظمة نظاما سياسيا شفافا، ويعتمد على المساءلة والمحاسبة، إنما أسست نظاما قائما على المصالح وموازين القوى وتقاسم الغنائم وأجهزة أمنية موازناتها غير معلومة، وإن قيل أنها 35% من الموازنة العامة.

حين يصبح حلم الناس بكهرباء مستمرة، ومياه نقية، ومروحة ببطارية، ووظيفة بألف شيكل في الشهر أو مستحقات مالية يتقاضاها الفقراء من الشؤون الاجتماعية كل ثلاثة أشهر، أو 2 شيكل موصلات لطالب جامعي كي يصل جامعته أو 200 دينار رسوم فصل وديون مستحقة لآلاف الطلاب، أو مرضى يموتون من الحصار والفقر ولا يملكون تأمينا صحيا برسوم 50 شيكل شهرياً، يكون الحلم بوطن حر نوع من الفنتازيا.

وفواتير تعليم سالي ومنى وسارة وعلاج عائلتها، وغيرها من الفواتير التي لا يعلم الناس عنها وتكلف موازنة السلطة ملايين الدولارات، في حين أن آلاف الطلاب الجامعيين في غزة لم يتسلموا شهاداتهم لعجز ذويهم عن سداد ما تبقى من رسوم، وآلاف الطالبات والطلاب المتفوقين الذين لم يكملوا تعليمهم الجامعي الأول أو العالي بسبب فقرهم أو ضيق حالهم بسبب البطالة وغياب تكافؤ الفرص.

التعليقات