24/01/2016 - 18:20

مناكفة كلامية وتوافق استراتيجي/ د. جمال زحالقة

أثارت المناكفة الكلاميّة في مؤتمر "المعهد الإسرائيليّ لدراسات الأمن القوميّ"، الذي عقد الأسبوع الماضي، ضجّة إعلاميّة، خاصّة بعد تصريحات الوزير اليمينيّ المتطرّف وعضو المجلس الوزاريّ المصغّر، نفتالي بينيت، وردود الفعل عليه من مكتب نتنياهو.

مناكفة كلامية وتوافق استراتيجي/ د. جمال زحالقة

د. زحالقة

أثارت المناكفة الكلاميّة في مؤتمر 'المعهد الإسرائيليّ لدراسات الأمن القوميّ'، الذي عقد الأسبوع الماضي، ضجّة إعلاميّة، خاصّة بعد تصريحات الوزير اليمينيّ المتطرّف وعضو المجلس الوزاريّ المصغّر، نفتالي بينيت، وردود الفعل عليه من مكتب بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الاسرائيليّ، ومن وزير الأمن موشيه (بوغي) يعلون.

اتّهم بينيت الحكومة، التي هو عضو فيها، بالجمود الفكريّ، وبعد القيام بالخطوات اللازمة بنظره  لقمع الفلسطينيّين وبالاكتفاء بخطوات دفاعيّة.  نتنياهو وصف انتقادات بينيت بأنّها سخيفة، في حين أجرى يعلون حسابًا مع بينيت بسبب مواقفه منذ الحرب على غزّة وقال ساخرًا بأنه يسمع كلامًا في المجلس الوزاريّ المصغّر ثم يخرج إلى الإعلام ويكرّره وكأنّه صاحبه.  ليس هذا نقاش استراتيجيّ فعليّ، بل محاولة لكسب نقاط في رأي عامّ اسرائيليّ يميل نحو اليمين والتطرّف باستمرار.

جرى في المؤتمر نقاش سؤال 'ما هو 'التّهديد الأوّل' لإسرائيل؟'، وتعدّدت الرّدود، حيث قال رئيس الأركان الإسرائيّلي بأنه لم يعد إيران بل حزب الله، ورد عليه وزير الأمن يعلون بأن العدو هو إيران بالذات. وذهب الجنرال السابق والوزير الحالي 'يتسحاقغلانت' بأنّه الخطر الأكبر على إسرائيل هو التّقارب بين أصدقائها وأعدائها في الحرب ضدّ 'داعش'، في إشارة إلى إيران والولايات المتّحدة.

أما الوزير  بينيت فشدّد على أنّ التّهديد هو ما يجري في الضّفّة والقطاع، ولحقته الوزيرة من حزبه 'إييليت شاكيد' وأضافت من عندها بأنّ ما يجري في المنطقة هو الخطر الأكبر ، ودعت لمساعدة الأكراد في تركيا والعراق وسوريا على إقامة 'دولة كرديّة صديقة'.  واتّهم الوزير الليكوديّ السّابق، 'غدعون ساعار'، حكومة نتنياهو بالانجرار  وراء الأحداث بدل المبادرة والمواجهة.

رغم النّقاش والمناكفة، لم ترشح في المؤتمر خلافات جديّة في وجهات النّظر، وحتى اللذين انتقدوا نتنياهو  في المؤتمر اتّهموه بالتّقصير في تطبيق سياسته هو، ولم يطرح أحد منهم بديلًا ولو صوريًّا. زعيم حزب 'يوجد مستقبل'، لم يجد ما يقوله سوى أنّ نتنياهو لا يعتني بما فيه الكفاية بالحلبة الدّوليّة شاكيًا من 'وضع اسرائيل صعب دوليًا'.  أما رئيس حزب العمل ورئيس كتلة 'المعسكر الصّهيونيّ'، يتسحاق هرتصوغ، فقد ألقى خطابًا يمينيًّا متطرفًّا وصفته حتى صحيفة 'هآرتس' في افتتاحيتها بأنّه خطاب عنصريّ ينسجم وخطّ نتنياهو، خاصّة وأنّه قال بأنّ لا إمكانيّة للتوصّل إلى تسوية في المستقبل المنظور، ودعا الى بناء الجدار حول الكتل الاستيطانيّة، حتى يفهم الفلسطينيّون بأنّها 'جزء من اسرائيل'، حسب قوله.

عكس مؤتمر الأمن القوميّ الإسرائيليّ اتفاقًا في وجهات النّظر في إسرائيل، مفاده أن لا أفق للتسوية في المستقبل وأنّ على إسرائيل أن تركز على 'تعزيز أمنها' وعلى الحفاظ على علاقتها المتميّزة مع الولايات المتّحدة وعلى مكانتها الدّوليّة. وفي ظلّ استراتيجيّة أمنيّة بلا أفق سياسيّ، فإن حكم الليكود مضمون لفترة طويلة، حيث أنّ غالبيّة الإسرائيليين تدعم اليمين، ويبدو أن 'المعارضة' لا تريد أن تغيّر ذلك وتسعى لكسب رضا الجمهور، حيث يظهر هرتصوغ بمشهد رعب بائس مدعيُا بأنه سيكون 'أشطر' من نتنياهو في قصف غزّة، ولعلّ هذا هو دليل قاطع على غياب الخلاف والاستعداد للتحالف مع نتنياهو حين تلوح أوّل فرصة.

التعليقات