07/02/2016 - 11:53

بان كي مون والحقيقة البسيطة/ جمال زحالقة

بان كي مون من جهته أصدر بيانًا فند فيه كلام نتنياهو قائلًا: يمكن تزييف الكلام لكن لا يمكن تزييف الواقع، وتبعه بمقال في صحيفة نيويورك تايمز جاء في مستهله: لقد أشرت إلى حقيقة بسيطة وهي أن التاريخ يثبت بأن الشعوب دائمًا تقاوم الاحتلال

بان كي مون والحقيقة البسيطة/ جمال زحالقة

فوجئت إسرائيل مؤخرا بتصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في جلسة خاصة في مجلس الأمن حول الأوضاع في الشرق الأوسط، جاء فيها أن الشعب الفلسطيني يعاني من الاحتلال ما يقارب خمسين عامًا، وأن مقاومة الاحتلال هي أمر طبيعي مارسته، على مدى الأجيال، الشعوب التي وقعت تحت الاحتلال، الذي يشكل 'دفيئة للتطرف والكراهية'. وتحدث الأمين العام للأمم المتحدة عن أن التعامل الأمني مع الهبة الفلسطينية لن يوقف التصعيد، ولا يؤثر على مشاعر اليأس والغربة عند الشباب الفلسطيني وعبر عن شكه في أن من يوسع الاستيطان يريد فعلًا التوصل إلى حل الدولتين.

 جاء رد نتنياهو على بان كي مون فوريًا في شريط فيديو قصير، كرر فيه الادعاءات الإسرائيلية الممجوجة واتهم بان كي مون بدعم الإرهاب وبتجاهل أن الفلسطينيين، كما قال، لا يريدون بناء دولة بل القضاء على دولة اسرائيل. وعاد نتنياهو على الادعاء الإسرائيلي التقليدي بأن الأمم المتحدة فقدت حيادها من زمان وبأن تصريحات بان كي مون تؤكد ذلك.

بان كي مون من جهته أصدر بيانًا فند فيه كلام نتنياهو قائلًا: 'يمكن تزييف الكلام لكن لا يمكن تزييف الواقع'، وتبعه بمقال في صحيفة نيويورك تايمز جاء في مستهله: 'لقد أشرت إلى حقيقة بسيطة وهي أن التاريخ يثبت بأن الشعوب دائمًا تقاوم الاحتلال'.

هذا الكلام تحديدًا يثير غضب إسرائيل وقادتها، لأنه يضع الأمور في نصابها الصحيح وهو أن الاحتلال غير شرعي ومقاومة الاحتلال شرعية.  وحتى لو كان للبعض انتقاد لبعض الوسائل المقاومة المتبعة، فإن المسؤولية عن سفك الدماء تقع على عاتق الاحتلال، والضحايا جميعًا هم ضحايا الاحتلال.

ولعل أكثر ما أغضب نتنياهو هو أن بان كي مون تطرق الى مسألة حساسة، ففي حين تعمل اسرائيل ليل نهار لإقناع العالم بأنها تواجه 'إرهابًا' وبأنها تدافع عن نفسها، جاء بان كي مون ليقول إنه، وبغض النظر عن الموقف من العمليات الفردية التي عبر عن معارضته لها، فإن السياق ليس 'الإرهاب' بل هو سياق مقاومة احتلال وبأن الشعب الفلسطيني يفعل الأمر الطبيعي، الذي تفعله شعوب تتعرض للاحتلال. والمعنى الحقيقي لهذا الكلام هو رفض محاولة إسرائيل إخراج الشعب الفلسطيني من قائمة الشعوب المقاومة للاحتلال.

حين يصدر مثل هذا الكلام عن المسؤول الأول في أهم منظمة دولية، وهو المعروف بالتزامه الصمت عادة وحين يخرج عنه ينتقى كلامه ويعبر عن 'قلقه' تجاه الأوضاع لا أكثر، فإن إسرائيل تخشى أن يكون كلامه قد جرى تنسيقه مسبقًا مع دول كبرى ومؤثرة، وتخشى أن تخسر نقاطًا في المعركة على الرأي العام الدولي.  وجاءت تصريحات وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، ودعوته لمؤتمر دولي عن قضية فلسطين وإلا فإن فرنسا ستعترف بدولة فلسطين، صفعة لنتنياهو، الذي يريد أن يلزم الجميع الصمت على ما يجري في فلسطين من احتلال وحصار وقمع وتشريد.

يفاخر نتنياهو بأنه استطاع تهميش القضية الفلسطينية، داعيًا إلى الاهتمام بقضايا أخرى في المنطقة. والواقع أن قضية فلسطين أزيحت إلى الهامش، ليس بسبب 'شطارة' نتنياهو بل تبعًا للحروب الأهلية في العالم العربي، وبسبب الانقسام الفلسطيني والتردد في إطلاق حملة شاملة لمقاومة الاحتلال. لقد أطلقت في الأسابيع الأخيرة مواقف دولية ترفض هذا التهميش وتظهر استعدادًا دوليًا للعمل بشأن القضية الفلسطينية, وهنا القيادة الفلسطينية مطالبة فورًا بالتحرك على المستوى المحلي والدولي لإعادة قضية فلسطين إلى الصدارة.

التعليقات