24/02/2016 - 16:29

حيفا والعدل البيئي/ جميلة هردل - واكيم

دعوة لكل الناشطين وممثلي الجمهور لفتح النقاش تحديد الأسئلة ومطالبة وزارة الصحة بفحص قضية نسبة المرض المرتفعة عند سكان حيفا العرب وقضايا أخرى مشابهة

حيفا والعدل البيئي/ جميلة هردل - واكيم

دعوة لكل الناشطين وممثلي الجمهور لفتح النقاش تحديد الأسئلة ومطالبة وزارة الصحة بفحص قضية نسبة المرض المرتفعة عند سكان حيفا العرب وقضايا أخرى مشابهة 


نتحدث كثيرا في السنوات الأخيرة عن نسبة الأمراض المرتفعة لدى سكان منطقة خليج حيفا، إذ تشير الإحصائيات والأبحاث إلى أن نسبة الإصابة بأمراض خطيرة بينهم، خصوصًا السرطان، تفوق نسبة الإصابة العامة في الدولة بنسب تتراوح بين 16٪ وحتى 40٪.

ولكن يتضح لنا اليوم أن سكان حيفا العرب هم الشريحة صاحبة نسب الإصابة الأعلى بالمرض، وتشير الأرقام الى أن نسبة الأمراض السرطانية بشكل عام في صفوف سكان حيفا العرب أعلى بـ 40 ٪- 41٪  من باقي المواطنين العرب في إسرائيل، ونسبة سرطان الرئة عند الرجال أعلى بـ 50٪، وسرطان الثدي عند النساء أعلى بـ44٪ من باقي النساء العربيات.

هناك أبحاث عالمية ومحلية تؤكد أن التلوث البيئي يسبب عددا كبيرا من الأمراض: أنواع عديدة من السرطان، الأمراض التنفسية، مشاكل القلب والأوعية الدموية وغيرها وحتى أنه يوثر على الأجنة. جزء من هذه الأبحاث يشير إلى وجود علاقة سببية بين هذه النسب المرتفعة وبين تلوث الهواء العالي في المنطقة، والتي تتميز بعدد كبير جدًا من الصناعات الخطيرة خصوصًا المصانع البتروكيماوية وصناعات مشتقات النفط.  مع ذلك, فإن من الصعب إثبات علاقة سببية شخصية مباشرة، لأن تطور هذه الأمراض عادة ينتج عن عدة عوامل، ذاتية وخارجية، ومن الصعب تحديد أيًا منها كان له التأثير الأقوى في تطور المرض. 

لكن وبغض النظر عن إمكانية إثبات علاقة سببية مباشرة، لا شك أن هذه المعطيات مقلقة وبحاجة إلى فحص أعمق، خاصة أننا لا نعرف عن وجود مميزات خاصة لسكان حيفا العرب مقارنة بباقي العرب في البلاد بكل ما يتعلق بالعادات الشخصية نمط الحياة أو عوامل وراثية. إذ أن سكان المدينة، إن كان الأصليين منهم أو الذين انتقلوا للعيش فيها، يمثلون كل شرائح المجتمع العربي ولا ينتمون لفئة عرقية أو قومية مختلفة. 

السؤال الذي يطرح هو لماذا لم تقم وزارة الصحة أو وزارة البيئة بنشر هذه المعلومات بشكل واضح ومفصل أمام الجمهور، والأهم من ذلك - لماذا لم تهتم حتى اليوم بفحص الأسباب؟

في محاولة أولية للبحث عن الأسباب يتبادر إلى الأذهان فورًا مبدأ العدل البيئي أو بالأصح انعدام العدل البيئي، والذي يفحص كيف يؤثر التلوث على فئات تختلف عن بعضها البعض من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، إذ أثبت أن تأثير الظروف البيئية على الصحة ليس متشابها على الجميع وأن الطبقات المستضعفة التي تعاني من تدني اقتصادي واجتماعي، تمييز سياسي وعدم المشاركة في عمليات اتخاذ القرارات، هي الأكثر تضررا من التلوث الصناعي والإهمال البيئي .

ويشتمل الحق للعدل البيئي على جانبين: جانب المساواة – هل تتوزع الأضرار البيئية بصورة متساوية بين جميع سكان الدولة؟ وجانب الإنصاف – هل يحظى السكان المتضررين بإجراء مُنصف لمعالجة الضرر؟ 

ربما مسألة توزيع الأضرار هي أقل أهمية عندما نتحدث عن مدينة صغيرة نسبيًا ومختلطة، لذلك برأيي السؤال الثاني هو الأهم وهو يشمل أسئلة أخرى عدا الإنصاف: هل يتركز سكان حيفا العرب في أحياء مكتظة ومزدحمة بالمواصلات مثلا؟ أم أن هناك أسباب ومتغيرات أخرى؟ 

قضية حيفا والتلوث تتعدى حدود الحوار البيئي التقليدي وربما أمامنا مثال جيد يجسد لنا بأن الصراع البيئي هو جزء لا يتجزأ من الصراع الاجتماعي والسياسي.

اقرأ/ ي أيضًا | حيفا: نسبة الإصابة بالسرطان الأعلى بين العرب في البلاد

هذه دعوة لكل الناشطين وممثلي الجمهور لفتح النقاش، وتحديد الأسئلة وتوجيهها ومطالبة وزارة الصحة بفحص هذه القضية وقضايا أخرى مشابهة بشكل أعمق.​​

(المحامية جميلة هردل - واكيم، هي مديرة القسم القانوني في جمعية مواطنين من أجل البيئة)

 

التعليقات