08/03/2016 - 14:40

الفلسطينيون بين خيار حل السلطة أو انهيارها/ سليمان أبو إرشيد

أما حكومة دولة الاحتلال، فيختلف أقطابها بين من يريد ومعني بمواصلة عملية إحياء هذه السلطة اصطناعيا، وبين من يريد لها الموت الزؤام ويسعى إلى وجود شاهد قبر ملائم لها ولاتفاقية أوسلو برمتها، كما هو حال الوزير إلكين الذي يقول إن السلطة الفلسطي

الفلسطينيون بين خيار حل السلطة أو انهيارها/ سليمان أبو إرشيد

بعد أن تراجع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس دائرة المفاوضات صائب عريقات وغيرهم من القادة تهديداتهم بحل السلطة، والتي لوحوا بها كوسيلة ضغط على حكومة نتنياهو والمجتمع الدولي لوقف الاستيطان وتحريك المفاوضات، جاء دور سيناريو انهيار السلطة من تلقاء ذاتها، وهو سيناريو انطلق بتحذير كيري من مغبته وتلقفه نتنياهو، الذي بحث طاقمه الوزاري المصغر الاستعداد لوقوعه في أكثر من جلسة خلال الأيام الأخيرة وحسمه تصريح وزير الهجرة زئيف إلكين. السؤال بالنسبة لإلكين لا يتعلق بانهيار السلطة أو عدم انهيارها بل ستنهار، إذ أن انهيارها، هو مسألة وقت فقط. 

ولو سلمنا بأن إلكين يخلط بين التوقعات والأمنيات فمن الجدير أن نأخذ برأي يوسي بيلين أحد مهندسي اتفاق أوسلو، الذي يتوقع للسلطة الانهيار، بعد أن غدت أسباب بقائها ليست ذات صلة، وأن الفلسطينيين والإسرائيليين يعرفون أنه ليس هناك مبرر وأنه بات من الأجدر، والحديث لبيلين، أن تستعد الإدارة المدنية لإعادة الحكم الإسرائيلي في رام الله والخليل ونابلس…

تهديدات عباس بحل السلطة وأحاديثه عن دعوة نتنياهو إلى 'المقاطعة' لتسليمه المفاتيح ليس فقط إنها ذهبت أدراج الرياح، بل إنها تحولت إلى ردود فعل غاضبة على توقعات الحكومة الإسرائيلية بانهيار السلطة واتهام نتنياهو بالعمل على 'تدمير وإضعاف وتقويض وسحب صلاحيات السلطة'، كما جاء في بيان الخارجية الفلسطينية ردًا على التقارير التي أفادت  بأن الحكومة الإسرائيلية تجري منذ تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي سلسلة مشاورات أمنية وسياسية حول 'إمكانية انهيار السلطة الفلسطينية”، بمعنى أن عباس ومن سبقوه الذين تأخروا 17 عامًا في حل السلطة التي أنشأت لفترة انتقالية من خمس سنوات ليجري استبدالها بمؤسسات دائمة بعد إنجاز اتفاق الحل الدائم، عباس ومن سبقوه ليس أنهم لم يطبقوا المثل العبري 'الفعل المتأخر أفضل من من عدمه' ويقدمون على فعل ما كان يفترض القيام به في 4 أيار/ مايو 1999 (الموعد المتفق عليه للتوصل إلى الاتفاق النهائي)، بل أنهم ما زالوا مصممين على التمسك غير المبرر بكيان هو على حد تعبير بيلين، 'مجموعة من السقالات التي لن تؤدي إلى بناء بيت'.

 كان حريًا بهم منذ 17 عامًا الإعلان عن تفكيك السلطة ووقف التنسيق الأمني ومطالبة الدول المانحة بوقف التبرعات وإعادة المفاتيح لإسرائيل لتتحمل مسؤوليتها كسلطة احتلال، وما زال بإمكانهم الإقدام على ذلك اليوم أيضًا، إلا أنهم لم يفعلوا ولن يفعلوا ذلك رغم إدراكهم لحقيقة هزال السلطة التي تتولى المسؤولية على جزء صغير من الضفة الغربية ومسؤولية رسمية فقط عن قطاع غزة، ناهيك عن أنها لن تؤدي إلى دولة. كان حريًا بهم النزول عن 'السقالات' التي انتهى تاريخ صلاحيتها وقذفها في وجه مقاول البناء الرئيسي (دولة الاحتلال) لكي تتحمل مسؤوليتها لكنهم لن يفعلوا ذلك لأنهم وسلطتهم اصبحوا مرتبطين بنيويًا بدولة الاحتلال.

أما حكومة دولة الاحتلال، فيختلف أقطابها بين من يريد ومعني بمواصلة عملية إحياء هذه السلطة اصطناعيا، وبين من يريد لها الموت الزؤام ويسعى إلى وجود شاهد قبر ملائم لها ولاتفاقية أوسلو برمتها، كما هو حال الوزير إلكين الذي يقول إن السلطة الفلسطينية ولدت مع أبو مازن الذي بادر إلى اتفاق أوسلو وعمل على دفعه للإمام وستختفي معه حين يذهب، وهو يعبر بذلك عن أمنية مغلفة بنبوءة.

التعليقات