15/03/2016 - 14:38

{تعليق} بوتين يسقط أوهامًا/ رامي منصور

لن يكون الانسحاب الروسي الجزئي من سورية دون "مقابل أميركي" على حساب حقوق الشعب السوري، من خلال الضغط على المعارضة السورية في المفاوضات بأن تقدم تنازلات سياسية مقابل "التنازل الروسي". "انتهت العمليات" كما أعلن الروس لكن "لعبة الأمم" في أوج

{تعليق}  بوتين يسقط أوهامًا/ رامي منصور

بغض النظر عن الدافع الحقيقي لقرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، سحب معظم قواته من الأراضي السورية والهزّات الارتجاجية التي ستعقبه، سواء في سورية أو المنطقة، فإنه، على ما يبدو، لم يكن قرارًا مفاجئا وإنما إعلانًا مفاجئًا. فتحليلات كثيرة أشارت إلى أن أميركا كانت على علم بخفايا القرار الروسي، وإن لم تكن تعلم توقيت تنفيذه. إذ لا يمكن تصور أن دولة عظمى بحجم الاتحاد الروسي تقدم على قرارات بهذا الحجم، بشكل مفاجئ أو اضطراري.

فقد دخلت روسيا الحرب السورية بتنسيق مع أميركا، دون وضعها بكل التفاصيل والتوقيت، وها هي تقوم بسحب معظم قواتها بالتنسيق مع أميركا، لكن دون وضعها بصورة الجدول الزمني. أي أن الدخول والخروج الروسي من الحرب السورية لم يكن تحديًا لأميركا، بل منسقًا معها.

ولا ندّعي معرفة بما دفع بوتين لاتخاذ هذا القرار ولا معرفة تبعاته المستقبلية، لكن من شبه المؤكد أنه كان 'إعلانا مفاجِئا' لكن ليس لأميركا، مفاجئًا، على الأقل، لحلفاء موسكو ولإسرائيل، أيضًا، وهو ما عكسته كتابات المحللين العسكريين الإسرائيليين، الذين يُلقنونَ ما يكتبون، ولأن الإعلان الروسي كان مفاجئًا، فلم يجد الجيش الإسرائيلي ما يلقن به إعلامه.

ويجب التذكير أن الانسحاب الروسي ليس شاملًا، إذ أبقت موسكو قاعدة جوية لها بذريعة متابعة وقف إطلاق النار، فيما صرح  أحد مساعدي وزير الدفاع الروسيّ من قاعدة حميميم في سورية أنه 'من المبكر جدًا الحديث عن انتصار على الإرهابيين. الطيران الروسي لديه مهمة تقوم على مواصلة الغارات ضد أهداف إرهابيّة'. كما أعلن الكرملين، اليوم الثلاثاء، أن روسيا ستبقي نظام الدفاع الجوي إس- 400 الأكثر تطورًا في سورية.

في المقابل، يبدو أن للروس خطوطًا حمراء تماما مثل الخطوط الحمر، التي وضعها وزير الخارجية السوريّ، وليد المعلم، في مؤتمر صحافي قبل أيام وهي إحدى التصريحات التي قالت تقارير إنها 'أغاظت الروس'. إذ يكشف المعلم عن العقم السياسي الذي يعيشه النظام وعن العقلية المنتشرة لدى جزء واسع منا، غارقٍ في أجواء الحرب الباردة، يستخدم اللغة الخشبيّة ذاتها، وعندما يتحدث عن الروسيّ يقصد في لا وعيه الاتحادَ السوفياتي.

تصريحات المعلم، على شعاراتيتها، والانسحاب الروسي المفاجئ حفاظا للمصالح القومية الروسية تثبت أن العالم يعيش زمانين، الزمان الروسي الأميركي غير العربي أي الزمان الآني، وزمان الأنظمة العربية 'التقدمية' وأنصارها الذي توقف عند نقطة زمانية منذ 4 عقود.

إلا أن القرار الروسي يسقط أوهامًا تعلق بها قطاع واسع من العرب، الذين لا زالوا يعيشون، على ما يبدو، في سبعينيات القرن العشرين، لجهة الاعتقاد أن الاتحاد السوفياتي ما زال قائمًا ويتحرك بدوافع عقائدية، وكأن من يحكم سورية هو حزب البعث حليف موسكو الحمراء.

لكن الأهم  أن الانسحاب الروسي الجزئي من سورية لن يكون دون 'مقابل أميركي' على حساب حقوق الشعب السوري، يتجسد بالضغط على المعارضة السورية في المفاوضات بأن تقدم تنازلات سياسية لصالح تسوية مع النظام في مقابل 'التنازل الروسي'.

'انتهت العمليات' كما أعلن الروس لكن 'لعبة الأمم' في أوجها، أو بداية الشوط الثالث في الوقت الضائع.

اقرأ/ي أيضًا | مقال في الحرية: عزمي بشارة يقترح الخيارات المثلى عربيا

التعليقات