30/03/2016 - 10:49

حرب إسرائيل ضد أهل النقب/ بلال ضاهر

بعد أربعين عاماً على إضراب يوم الأرض الذي أعلنه فلسطينيو أراضي 48، في 30 آذار/ مارش 1976، لا تزال قضية الأرض حاضرة بقوة الآن، العام 2016، ويدور صراع حولها بين أصحابها الفلسطينيين والسلطات الإسرائيلية.

حرب إسرائيل ضد أهل النقب/ بلال ضاهر

بعد أربعين عاماً على إضراب يوم الأرض الذي أعلنه فلسطينيو أراضي 48، في 30 آذار/ مارش 1976، لا تزال قضية الأرض حاضرة بقوة الآن، العام 2016، ويدور صراع حولها بين أصحابها الفلسطينيين والسلطات الإسرائيلية.

وبعد مصادرة الغالبية العظمى من أراضي الفلسطينيين في الجليل والمثلث، فإن قضية الأرض تتركز الآن في منطقة النقب. بعد 28 عامًا من النكبة اندلعت مواجهات "يوم الأرض" في أعقاب حملة واسعة نفذتها السلطات الإسرائيلية، صادرت خلالها الغالبية الساحقة من أراضي الفلسطينيين، وكانت هذه أراضي زراعية واحتياطي أراضٍ من شأنها أن تخدم الزيادة السكانية بين الفلسطينيين.

وصودرت هذه الأراضي الواسعة لصالح إقامة مستوطنات يهودية، في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وأكبرها مدينتا "نتسيرت عيليت" قرب الناصرة و"كرمئيل" في منطقة الشاغور.

كما أقيمت بلدات استيطانية صغيرة في قمم الجبال وأطلق عليها اسم "المناطر"، كونها مطلة على القرى العربية. وكان يهدف هذا المشروع إلى تهويد الجليل، أي أن يكون عدد السكان اليهود أكثر من العرب، وهذا الهدف لم يتحقق حتى يومنا هذا.

لكن مشروع "تهويد النقب"، خلافاً لمشروع "تهويد الجليل"، مرتبط، بحسب كافة المخططات الحكومية الإسرائيلية والمؤسسات الصهيونية، مثل "كيرن كييمت ليسرائيل" (الصندوق الدائم لإسرائيل)، ليس بمصادرة الأرض فقط، وإنما بترحيل أصحابها الفلسطينيين البدو عنها وتجميعهم في بلدات أيضاً.

وفي موازاة هذه المخططات، صادقت الحكومة الإسرائيلية في السنوات الماضية على مخططات لإقامة بلدات يهودية و"مزارع لأفراد" في أراضي بدو النقب، بعد هدمها وترحيل سكانها.

وأراضي بدو النقب التي تريد السلطات الإسرائيلية مصادرتها، هي الأراضي التي تتواجد فيها 38 قرية بدوية ترفض السلطات الاعتراف بها، برغم أنها قائمة قبل تأسيس إسرائيل، ويسكنها أكثر من 90 ألفاً من بدو النقب.

ولذلك، فإن هذه القرى غير المعترف بها تفتقر لكافة الخدمات التي يتعين على الدولة أن تقدمها إلى مواطنيها، مثل ربطها بشبكات الماء والكهرباء والشوارع وإقامة مؤسسات تعليمية وعيادات طبية وما إلى ذلك. وإضافة إلى الأراضي المقامة فيها القرى غير المعترف بها، هناك أراض يزرعها البدو وأخرى تستخدم لرعي مواشيهم. وتقدر مساحة أراضي بدو النقب التي تسعى السلطات الإسرائيلية إلى مصادرتها بحوالي 800 ألف دونم.

وتهدف سياسة إسرائيل بعدم الاعتراف بملكية البدو في النقب لأراضيهم، إلى تحويلهم من أصحاب الأراضي إلى "مجرمين" و"غزاة" في أراضيهم. وبناء على هذه السياسة، فإن السلطات الإسرائيلية تهدم بيوتهم وترش محاصيلهم الزراعية بالمبيدات وتصادر مواشيهم وما إلى ذلك.

إلا أن الحقيقة الراسخة هي أن البدو هم أصحاب الأرض في النقب، تاريخيا. وهم تعاملوا مع هذه الحقيقة منذ مئات السنين. بل أن اليهود، أثناء الانتداب البريطاني وقبل قيام إسرائيل، اشتروا أراض في النقب من البدو، وأقاموا عليها كيبوتسات.  

لماذا تهدم حكومة إسرائيل قرية العراقيب مئة مرة، وكيف تنظر "الحكومة" إلى البدو؟ أجاب على هذا السؤال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في التصريح التالي الذي أدلى به في تموز العام 2010: "إننا دولة قومية، ومعنى هذا الأمر أن السيادة الشاملة على الدولة هي للشعب اليهودي. ويدور اليوم صراع دولي ضد تعريف إسرائيل بأنها الدولة القومية للشعب اليهودي. وأنا لا أريد إبقاء الوضع على حاله، لأننا نواجه هجومًا ضدنا في هذا الموضوع. ومعنى ذلك أنه قد تكون هناك جهات مختلفة ستطالب بحقوق قومية وحقوق لدولة داخل إسرائيل، في النقب مثلاً، إذا كانت هذه المنطقة من دون أغلبية يهودية. لقد حصل هذا في البلقان وهذا تهديد حقيقي".

بحلول الذكرى السنوية الأربعين ليوم الأرض، لا تزال حرب إسرائيل ضد "مواطنيها" العرب الفلسطينيين متواصلة، من أجل السيطرة على مواردهم، مثلما هي لا تزال متواصلة منذ قرابة خمسين عامًا ضد أشقائهم في الأراضي المحتلة عام 1967، من أجل الاستيلاء على مواردهم من خلال مشروعها الاستيطاني.

وبإعادة حكومات نتنياهو في السنوات السبع الماضية، من خلال ممارساتها هذه وممارسات عدوانية أخرى، الصراع إلى ما قبل العام 1948، ليس غريبًا أن نرى أن فلسطينيي 48 جزء فاعل في الحراك الفلسطيني الراهن.. فإسرائيل تشن حربًا ضد كل ما هو فلسطيني.

(نشرت مادة شبيهة وموسعة في ملحق فلسطين – العربي الجديد)

التعليقات