23/04/2016 - 10:13

كي يكون مؤتمرا للتجمع وليس حفلا وانشاء

الأيام والأسابيع القادمة ستكون حاسمة ومؤثرة في مسيرة التجمع الوطني الديمقراطي.. سنشهد حراكات تنظيمية واصطفافات فكرية وقيادية ربما ستفاجئ الكثيرين

كي يكون مؤتمرا للتجمع وليس حفلا وانشاء

قد كتبت قبل يومين مقالا مقتضبا ضمن سلسلة معالجات قدمتها عن المؤتمر السابع، حول القضايا التي على مؤتمر التجمع الوطني الديمقراطي السابع التطرق لها وحسمها وعلاجها. وأشرت خلال المقالة السابقة على صفحتي في الفيس بوك إلى 3 قضايا مركزية، وهي فاعلية البنية التنظيمية التقليدية المنخفضة للحزب، وغياب خطاب المواطنة الكاملة عن خطاب التجمع مؤخرا، واندثار خطاب التجمع وغيابه من خلال القائمة المشتركة.

سأحاول هذه المرة التطرق إلى 3 قضايا مركزية أخرى على المؤتمر السابع التطرق لها وحسمها وعلاجها وهي: التخبط داخل الحزب بين تأييد حل الدولة الواحدة أو الدولتين، التناحر والتجاذبات على أساس شخصوي بين القيادات، وأهمية التوافق حول موقف من الثورة السورية.

أولا: التخبط بين حل الدولة الواحدة أو حل الدولتين

تتسم الرؤية النهائية للحل بالتخبط بين الكوادر والقيادة، وعلى المؤتمر السابع أن يحسم أمره بأي اتجاه سيسير الحزب في الفترة القادمة بالنسبة للحل النهائي للقضية الفلسطينية. لن أخوض في مواطن القوة والضعف لكلا الحلين، ولكني أردت الإشارة إلى أهمية الحسم، ثم الالتزام بعدها ببرنامج الحزب. لا تتحمل الحركة الوطنية في الداخل عدم الوضوح بالرؤية بنسبة للحل النهائي، فوضوح الرؤية والالتزام بها أولى الخطوات للوحدة التنظيمية والسياسية والنمو والتوسع لقيادة وأفراد الحزب.

عند مناقشة حل الدولة العلمانية الديمقراطية الواحدة على أرض فلسطين التاريخية مقابل حل الدولتين يبرز اختلاف واسع في الآراء، بما في ذلك داخل حزب التجمع نفسه وبين قيادته وأعضائه، وعلى المؤتمر أن يحسم بين الخيارين، ثم الالتزام بذلك من الكوادر. من يؤيد الدولة الواحدة يعتمد في طرحه على المقارنة مع جنوب أفريقيا، وعلى كون طرحه أكثر عدالة وضمانا أكبر لحقوق اللاجئين الفلسطينيين والحقوق التاريخية الفلسطينية. زد على ذلك استفحال حكومة اليمين وتعطيلها لأي إمكانية لقيام حل الدولتين.

مقابل ذلك هنالك أعضاء وقيادة يتبنون حل الدولتين الذي يستند إلى قرارات منظمة التحرير، وإلى أن إقامة الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967 بات يحظى بتأييد عربي ودولي واسع، وأن ذلك يجعله أوفر حظًا لأن التحركات الدبلوماسية والحراك الدولي تؤيد هذا الاتجاه.

أنا شخصيا لا أرى تعارضا بين الشعارين على أساس أن الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967 يمكن أن توفر الحل المرحلي المؤدي والممهد للدولة الديمقراطية العلمانية الواحدة على أرض فلسطين التاريخية، لذا على المؤتمر السابع أن يحسم أمره بأي اتجاه سنسير، حل الدولة الواحدة أم حل الدولتين.

ثانيا: التناحر والتجاذبات على أساس شخصوي بين القيادات

كان يقول الرفيق مصطفى طه نائب الأمين مرددا في الاجتماعات ' نحن نتعامل مع عدونا في المعركة بأخلاق ومروءة، فمن البديهي أن نتعامل مع رفاقنا بأخوة وتسامح وتقبل للنقد والنقد الذاتي '. أسوق ذلك لأذكر الجميع بالوحدة السياسية والتنظيمية التي فرضها الأمين العام الرفيق عوض عبد الفتاح ونائبه لسنوات عديدة رغم اختلافهم الجوهري بنسبة للقضية السورية، والعلاقة مع الحركات الإسلامية وقضايا أخرى، وكان ذلك بسبب موقفهم الصلب تجاه القضية الفلسطينية، ما يجب أن يوحدنا جميعا.

نحن بحاجة بهذه الأيام المفصلية لحياة التجمع التنظيمية كشباب الحركة الوطنية أن نذود عن بيتنا السياسي من التجاذبات على أساس شخصي وجهوي للسيطرة والنفوذ. قد مرت كل الأحزاب السياسية في البلاد، ومن بينها نحن، بتجاذبات وتكتلات حول الأيديولوجيا والتمثيل الجماهيري والبرلماني وعلى القيادة التنظيمية للحزب، وقد تركت بعض هذه التجاذبات والتكتلات بصماتها العميقة على شكل وتوجهات هذه الأحزاب ودورها في المجتمع.

وتأخذ هذه الصراعات أشكالاً مختلفة، في ظروف وأجواء تميز فيها الطابع العام للآلية التي سلكتها هذه الأحزاب ببعدها الكبير عن الأشكال الديموقراطية في الممارسة، وفي معالجة الخلاف، وطغيان العصبية وتضخم العوامل الذاتية، وتغليب بعض القيادة المصالح الشخصية على مصالح الحزب والوطن. وجب التذكير بأنه لو اتبعت أساليب حضارية ديموقراطية في معالجة تلك الأزمات، لجنبت الحزب كثيراً من الخسائر وهدر الوقت والطاقات، لذا علينا الانتباه.

ثالثا: الثورة السورية والتباين حولها

إن استعمال كلمة 'تباين' حول القضية السورية هو تجميل لما حصل بالفعل بين القيادة والكوادر حول الموقف من الثورة السورية حيث لا أريد استعمال كلمات أشد قسوة. إن ما أريد قوله إن على المؤتمر السابع توحيد الإرادة والخطاب السياسي لأعضاء الحزب من الثورة السوربة وفرض الالتزام بالموقف على الجميع و'الجميع' ليست كلمة هينة.

خلال مرحلة البناء لا تملك الحركة الوطنية ترف الاستغناء عن جهود أحد أبنائها، ولا تستطيع إهمال رأي فريق منهم. وقلنا مرارا، وما زلنا نردد، إن اختلافاتنا واختلافنا مكمن قوة للحركة الوطنية التي ستكون حتما أقوى عزما وأعظم شأنا عندما تتضافر وتنتظم جهود أبنائها في مشروع وطني جامع، رغم تعدد اجتهاداتهم وتصوراتهم.

يجب تنظيم الاختلاف وإدارته حول سورية، فنحن مختلفون في المواقف، ولكن يمكننا الاتفاق بالحد الأدنى ومن ثم الالتزام ببرنامج الحزب. على المؤتمر منع الحزب من الدخول للاصطفافات الإقليمية فنحن لسنا لا وكالة إيرانية ولا أميركية لأن قضايا عرب الداخل وفلسطين قضايا عادلة وقضية تحرر وطني بحاجة لأوسع وحدة صف داخلية وتأييد دولي جارف لها.

أخيرا، أعتقد أن الأيام والأسابيع القادمة ستكون حاسمة ومؤثرة في مسيرة التجمع الوطني الديمقراطي. سنشهد حراكات تنظيمية واصطفافات فكرية وقيادية ربما ستفاجئ الكثيرين، وهنا كان لا بد من التأكيد على النقاط السابقة عسى أن يرتقي أداء من يقود السفينة لمستوى الجهوزية النضالية لأعضاء الحزب وتضحياتهم والكميات النوعية والواعية بين الجيل الشاب في الحركة الوطنية والتجمع. 

التعليقات