26/04/2016 - 18:22

العفولة أيضا لن تصمد طويلا أمامنا

العرب والحال كذلك هم حجارة الوادي وطين وصخورسهول وجبال الجليل، كانوا قبل المنهال والكيرن كييمت وسيبقون بعدهما، لن تقف العفولة ولا غيرها أمام مسيرة تطورهم على أرضهم

العفولة أيضا لن تصمد طويلا أمامنا

مظاهرة في العفولة ضد فوز مواطنين عرب بمناقصة إسكان (activestills - يوتام رونين)

لم يكن عنصريو "نتسيرت عيليت" بحاجة للاستعانة بالمحكمة، أسوة بعنصريي العفولة لالغاء مناقصة "إبن بيتك"، فقد كان فوز العرب بـ 80% من قطع الأرض المعروضة للبيع، في حينه، سببا كافيا ليقوم "المنهال" بنفسه بإلغاء المناقصة دون أن يحمل العنصريين الذين ما كادوا يقلبون الدنيا، مشقة المسار القضائي.

في العام 2001 أعلن "المنهال" عن مناقصة شملت 150 قسيمة للبناء الخاص في حي "براك" في "نتسيرت عليت" بسعر مخفض، وعندما تبين له فورإغلاق المناقصة أن 80% من المتقدمين هم من العرب، قام بالغائها وعقد صفقة مع مديرية الإسكان في الجيش الاسرائيلي، إلا أنه وخلال أربع سنوات قام المشترون اليهود ببيع قسائم البناء للعرب ولكن بثمن مضاعف.

عندما أدرك "المنهال" أنه لن يستطيع منع العرب من شراء قسائم الأرض، أعلن عن المناقصات التالية بسعر غير مخفض واليوم يشكل العرب 70% من "مشروع ابن بيتك" و30% من سكان "نتسيرت عليت".

وفي العفولة قامت الدنيا ولم تقعد لمجرد أن العرب فازوا بـ 48 قسيمة بناء في منطقة "نزلات العفولة" وهي أرض تمت مصادرتها من قرية الدحي الفلسطينية القريبة، واحتل التحريض ضد العرب والتخوف من إقامة حي عربي في المدينة وإقامة مسجد ومدارس عربية، عناوين الاحتجاجات المختلفة التي جرت في المدينة وشارك فيها مسؤولون من بلديتي العفولة ونتسيرت عيليت، و دافيد سويسا، كبير مستشاري وزير الإسكان يواف غالانت الذي يقيم في العفولة، إضافة إلى رئيس مجموعة "لهافا" اليمينية المتطرف، بنتسي غوبشتين.

الغريب في الأمر هو أن الاحتجاجات التي حظيت بتغطية واسعة في وسائل الإعلام المختلفة، أبرزت جميع الأسباب التي يجب أن تحول دون أن يمتلك العرب قسائم بناء في العفولة، لم تشر في حينه إلى أية عيوب قانونية اعترت المناقصة، مثل تنسيق الأسعار بين المشترين أو غيرها من الحجج التي قدمت للمحكمة واستندت عليها في إلغاء المناقصة، ما جعل القاضي يبدو وهو ينفي تأثر قراره بمخاوف عنصرية كمن يحاول تغطية الشمس بغربال، خاصة وأن عورة "عدالتهم" باتت مكشوفة أكثر من أي وقت مضى عندما يتعلق الموضوع بالعرب فكيف وهو يتعلق بالعرب والأرض معا، الأرض التي سطوا عليها بـ"الجملة" ويرفضون أن يبيعونها لنا بـ"المفرق".

هي أراضي عين ماهل والرينة وكفركنا في نتسيرت عليت، وأراضي الدحي ونين وسولم في العفولة، والتي لن تصمد طويلا أمام "الغزو العربي"، في ظل سياسة خنق مسطحات البناء ومناطق نفوذ القرى والمدن العربية المجاورة وسط هجرة متزايدة إلى مركز البلاد، تقتصر على اليهود فقط لأن العرب يحرمون من نعمة المدينة أو العاصمة الاقتصادية الخاصة بهم أسوة بتل أبيب.

العرب والحال كذلك هم حجارة الوادي وطين وصخورسهول وجبال الجليل، كانوا قبل "المنهال" و"الكيرن كييمت" وسيبقون بعدهما، لن تقف العفولة ولا غيرها أمام مسيرة تطورهم على أرضهم ولو كانت قلاعا مشيدة، ليس لأن سنة الحياة أقوى من أسوار وجدران الحقد والعنصرية فقط، بل لأن هذه الجدران ما عادت قادرة على مجابهة الواقع الذي أفرزته سياسة الاستيطان الكولونيالي، فلا حياة للعفولة بدون الشرايين التي تمدها بها القرى العربية المحيطة، وربما العكس صحيح أيضا، هي حاجة تبادلية فرضتها صيرورة الواقع المتشكل منذ 68 عاما هي عمر نكبة شعبنا التي تصادف ذكراها هذه الأيام، واقع بدأ يمتد على مساحة الوطن ويلح علينا بالتفكير في حلول غير تقليدية تتناسب مع حيثياته، واقع ما عاد يتصالح معه "حكم ذاتي إقليمي في الجليل" بعد أن أصبح اليهود يشكلون 70% من سكانه، ونسفت معطياته الديمغرافية والجغرافية، على ما يبدو، حل الدولتين.

التعليقات