08/05/2016 - 22:54

الدولة تحرّض على الحب فكيف نرد عليها!

دخل اليوم الأحد، الشّيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلاميّة الشّماليّة، سجن بئر السّبع، لقضاء محكوميّة تسعة أشهر. وتهمة الشّيخ رائد الأساسيّة هي التّحريض على العنف والكراهيّة، كذلك فالشّاعرة دارين طاطور تقضي سجنًا منذ أشهر بتهمة التّحريض.

الدولة تحرّض على الحب فكيف نرد عليها!

دخل اليوم الأحد، الشّيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلاميّة الشّماليّة، سجن بئر السّبع، لقضاء محكوميّة تسعة أشهر. وتهمة الشّيخ رائد الأساسيّة هي التّحريض على العنف والكراهيّة، كذلك فالشّاعرة دارين طاطور تقضي سجنًا منذ أشهر بتهمة التّحريض.

لا يعرف الإنسان كيف يهضم تهمة 'التّحريض على الكراهية' الموجّهة للشيخ رائد وللشاعرة دارين طاطور، وهي تهمة وجّهت من قبل لكلّ من يقول لا لممارسات الاحتلال الإجراميّة، فالمفروض أن نكون عقلاء وأن نصمت كي لا تتّهم بهذه التّهمة: التّحريض على الكراهية.

فالاحتلال كما يبدو منهمك في التّحريض على الحبّ بين الشّعبين، بل بين شعوب المنطقة، ومصادرة 40% من مساحة الضّفّة الغربيّة منذ احتلال عام 1967، ليست سوى دليل تحريض على الحبّ الأبديّ بين شعبيّ هذه البلاد.

رفض الاحتلال تسليم جثامين الشّهداء الفلسطينيّين والتّنكيل بذويهم من خلال هدم منازلهم، هو أيضًا تحريض كبير على الحبّ.

إذلال النّاس على الحواجز في أثناء تنقّلهم بين مدنهم وقراهم، وتحويل عمليّة التّنقّل إلى مغامرة قد تنتهي بالموت برصاص المحتلّين أو المستوطنين، فهذا تحريض على الحبّ والهيام.

تحويل مسافة لا تستغرق خمس دقائق في الواقع إلى مسافة تستغرق ساعات، بسبب جدران الفصل العنصريّة، فهذا تحريض على الغرام.

رفض اليد الممدودة للسلام من قبل شعب فلسطين والرّدّ المهين على المبادرات العربيّة والفلسطينيّة والدّوليّة عامًا بعد عام، وعقدًا بعد عقد، وإدارة الظّهر للشرعيّة الدّوليّة ومواصلة الاحتلال، فهذا تحريض على الحبّ.

بناء المزيد من المستوطنات وطرح فكرة اعتماد القانون الإسرائيليّ وتطبيقه على المستوطنين في الضّفّة الغربيّة وصناعة الأبرتهايد، ليس إلّا تحريضًا على الحب.

دخول المستوطنين باحات الأقصى، خصوصًا في الأعياد اليهوديّة لإقامة الصّلوات داخل الحرم، فهذا يزيل التّوتّر ويصنع الألفة بين النّاس والشّعوب.

إعدام الجرحى، وممارسات عصابات تدفيع الثّمن وحرق البيوت وسرقة المحاصيل الزّراعيّة، وإحراق الأشجار المثمرة، فهل يوجد حبّ أكبر من هذا.

القتل المتعمّد للفلسطينيّين بعد حوادث طرق عاديّة أو بعد العثور في حقيبة أحدهم أو إحداهنّ على سكّين مطبخ أو مقصّ، هذا قتل يحرّض على الحبّ والتّعايش.

التّمييز ضدّ العرب في فرص العمل وفي الرّواتب في كلّ المؤسّسات الحكوميّة وفي الميزانيّات ومحاصرتهم في مسطّحات بناء ضيّقة، وإرغام بعضهم على هدم  بيته  بيده بحجّة البناء غير المرخّص، فهذه هي زراعة التّسامح والمحبّة التي ستزهر حبًّا كبيرًا قادمًا لا ريب فيه.

عندما يهتف الآلاف في ملاعب كرة القدم 'الموت للعرب'، فإنّما يقصدون بها 'الحبّ للعرب'.

عندما تدخل الشّرطة قرانا وتسجّل مخالفات السّير على أحزمة الأمان، بينما تهمل تجّار السّلاح والمخدّرات وتدعهم يسرحون ويمرحون في قرانا ومدننا، فهذا أكبر محرّض على الحبّ والتّسامح.

التّحريض على ممثّلي الجماهير العربيّة، ومنتخبيهم، من أعضاء كنيست عرب ولجنة متابعة، وكلّ من يتصدّى للعنصريّة ولو بكلمة بسيطة واتّهامه باللاساميّة والعداء لليهود، والتّحريض على طرد أعضاء الكنيست العرب الذين طالبوا بتحرير جثامين الشّهداء، كلّ هذا تعبير عن الحبّ والصّداقة!

التّعامل العشوائيّ من قبل الشّرطة مع العرب والإسراع باستخدام السّلاح والقتل، هذا من دواعي المحبّة أيضًا.

طرد سكّان قرية مثل أم الحيران في النّقب لإسكان مستوطنين يهود في مكانهم، والعمل على ترانسفير لمئات آلاف العرب في النّقب  كلّ هذا من أسباب الحبّ الكبير.  

الحصار الطويل المتواصل لأبناء شعبنا في قطاع غزّة والتّهديد المستمرّ بالعودة إلى الغارات والقتل العشوائيّ للمدنيّين فهذا حبّ حقيقيّ وكبير.

اعتقال مليون فلسطينيّ منذ عام 1967 حتّى اليوم، ووجود آلاف الأسرى بينهم قاصرون ونساء، والتّنكيل بمن يضربون عن الطّعام، والاعتقالات الإداريّة وغيرها، كلّ هذا تعبير عن الحبّ والاحترام.  

حرمان فلسطينيّي الدّاخل من الحبّ والزّواج من الضّفّة الغربيّة ومن الوطن العربيّ ومنع لم شمل هذه العائلات هو حبّ رائع.    

إذا كان الشّيخ رائد صلاح قد حكم بالسّجن الفعليّ لتسعة أشهر، ودارين طاطور معتقلة لأشهر بتهمة التّحريض  فما هو الحكم الذي يستحقّه من يحرّضون على كلّ هذا 'الحبّ' المذكور أعلاه، ويمارسونه على أرض الواقع!

طبعًا، نحن لا ننتظر عدلًا من احتلال كولونياليّ عنصريّ، ولكننا نتوقّع من أنفسنا أن نكون أكثر ثباتًا ونضالًا ووحدة.

اقرأ/ي أيضًا للكاتب | سهيل كيوان

التعليقات