20/05/2016 - 16:24

عن "خبراء الشّأن الإسرائيليّ"!

منذ تصاعد نجم "خبراء الشّأن الإسرائيليّ" في العالم العربيّ، لمجرّد كونهم يتقنون اللغتين العبريّة والعربيّة، صار الإعلام الإسرائيليّ يحدّد أولويّات الإعلام العربيّ، إن لم نقل الزّعماء العرب، وتعاطيه مع السّياسة الإسرائيليّة الدّاخليّة.

عن "خبراء الشّأن الإسرائيليّ"!

منذ تصاعد نجم 'خبراء الشّأن الإسرائيليّ' في العالم العربيّ، لمجرّد كونهم يتقنون اللغتين العبريّة والعربيّة، صار الإعلام الإسرائيليّ يحدّد أولويّات الإعلام العربيّ، إن لم نقل الزّعماء العرب، وتعاطيه مع السّياسة الإسرائيليّة الدّاخليّة.

صار الإعلام العربيّ يحيي حفلات التّرجمة والتّحليلات السّياسيّة (المبنية على التّرجمة طبعًا)، ويروّج، بدراية أم بغير دراية، لليسار الصهيونيّ الحاضر، تحديدًا في صحيفة 'هآرتس' التي تحظى بالقسط الأكبر من أهازيج النّقل الحرفيّ، ليعتقد القارئ العربيّ أنَّ لا شيء يحدث في مقرّ وزارة الدّفاع الإسرائيليّة دون علم 'الخبير'.

جزء كبير من الصّحف العربيّة نقلت حرفيًّا الجدل السّياسيّ الإسرائيليّ الدّاخليّ حول تعيين أفيغدور ليبرمان وزيرًا للأمن، ونقلوا (عن الصّحف طبعًا) تفاصيل بعيدة عن الأهميّة حول المناورات الائتلافيّة. ومنهم فعلًا من اجترّ مصطلحات مثل 'صقور الليكود' وغيرها، ليبيّن أنّه ضالع في صلب القضايا، علمًا أنّه ينقل  تفاصيل مملّة لا تعني القارئ العربيّ بشيء، تمامًا كما لا تعني القارئ الإسرائيليّ مجريات الائتلاف الحكوميّ في مصر أو لبنان والسّودان.

هذه حالة من الانحدار غير المعقول، كنت أتمنّى لو كتب هؤلاء 'الخبراء' مادّة واحدة تجيب على سؤال ما هو تأثير تعيين ليبرمان أو استقالة موشيه يعالون على القضيّة الفلسطينيّة أو العلاقة الإسرائيليّة العربيّة، بدلًا من الثّرثرة واللتّ والعجن حول حرب 'هرتسوغ- يحيموفيتش'، وهما اللذان لا يؤثّران حتّى على قرارات أتفه لجنة في الكنيست. 

كنت أتمنّى لو أنّ أحدًا كتب عن مساهمة يعالون في بلورة السّياسة العسكريّة الإسرائيليّة تجاه العرب والفلسطينيّين (وهي سياسة شرسة ومتطرّفة) المرتكزة على تحليل منطقيّ، وليس على ما يقوله عاموس هارئيل في 'هآرتس' أو بن كسبيت في 'معاريف'.

ما يجري هو مسرحيّة عبثيّة إلى حدّ السّماجة، فيها إزاحة للضوء عن القضايا الجوهريّة وتسليطه على الشّأن الإسرائيليّ الدّاخليّ، دون رؤية تذكر أو أهميّة تطرح. إنّه مشهد جعل النّقاش السّياسيّ العربيّ يأخذ بعين الاعتبار المتغيّرات السّياسيّة الإسرائيليّة الدّاخليّة، وعلينا ألّا نستغرب حين يدلي رئيس أكبر دولة عربيّة تصريحات تهتمّ بالتّركيبة الحكوميّة الإسرائيليّة عوضًا عن إدانة سياساتها.

إنّ الشّأن الإسرائيليّ السّياسيّ هامّ للغاية، ولكنّ الانحدار يكمن في كون المجريات الإسرائيليّة الدّاخليّة تحظى باهتمام وترويج أكثر بكثير من قضايا عربيّة هامّة وقراءات موضوعيّة لمسرحيّات الائتلاف الحكوميّ.​

التعليقات