06/06/2016 - 12:21

لم تعد الشهادة الأكاديمية كافية، التميز هو المطلوب

الآن ورغم أن نسبة الأكاديميين ما زالت منخفضة مقارنة مع الوسط اليهودي، إلا أننا لم نعد نحصي أعداد الأطباء والمحامين والمحاسبين والمختصين في مجالات علمية كثيرة، لقد صار اللقب الجامعي أمرا عاديا، ولهذا فالتميّز هو المطلوب وليس الشهادة فقط.

لم تعد الشهادة الأكاديمية كافية، التميز هو المطلوب

اختصت كل قرية عربية بعمل ما، على الأقل هذا ما أعرفه في منطقتي الجليل. كان هذا في سني الاحتلال الأولى، بعد تدمير وتهجير المدينة الفلسطينية واستئثار العمل العبري على الإنتاج الزراعي والصناعي، هكذا صارت ميزة معظم شباب كل قرية في عمل ما، إليكم بعض الأمثلة، اختص أهل مجد الكروم في الخدمات، فعلموا في محطات الوقود وتوزيع الغاز ومصانع المشروبات الخفيفة، إضافة للمحاجر والكسارات.

أهل نحف اختصوا في عمل المطاعم من الشمال حتى تل أبيب، يكاد لا يخلو مطعم من طباخ نحفاوي حتى أصبح مفهوما ضمنا أن أهل نحف طهاة ممتازون! ومن يفتح مطعما في المنطقة، على الأغلب يكون طباخه أو مستشاره في الطبخ نحفاويا!

أهالي دير الأسد اشتهروا بالعمل في جرم اللحوم، ولهذا، فحيث يوجد مسلخ لجرم وتقطيع اللحوم تجد معظم عماله من دير الأسد، حتى أصبحوا مقاولين، وامتد نشاطهم في هذا المجال، من الجليل حتى النقب، ونتيجة عملهم هذا يشتهر أهل دير الأسد بتناول اللحوم والشواء بكثرة، وفي دير الأسد أكبر مستورد للأغنام ومصدّر للحوم في البلاد وهو مسلخ  عائلة الذباح، إضافة لحوالي خمسة عشرة ملحمة في البلدة كلها تعمل.

البعنة اشتهرت بحجر الطلياني، فيها كثير من المقاولين الذين يعملون بالحجر المسمى (طلياني)، ومنه انتقلوا إلى تبيلط جانبي الشوارع (حجر شك)، كذلك تلبيس الحجر اليابس للبيوت، مهنة أساسية عندهم حتى يومنا هذا.

أهالي عرابة البطوف اختصوا بالبناء ومشتقاته، فتجد الكثير من القصارين والبنائين والبلاطين والمهن التابعة، واشتهر أهل سخنين بالبناء، والعمل في دكاكين الخضار والمحلات التجارية في المدن اليهودية. أما سبب اختصاص كل قرية بعمل ما، فهو أن صاحب العمل كان يطلب من عماله إحضار عاملين إضافيين إلى ورشته فيحضرون من أبناء قريتهم، حتى صار كثير المجالات من اختصاص بعض القرى.

أم الغنم ودبورية مثلا تجدهم سائقي شاحنات للشركات الكبيرة وخصوصا شركات نقل الإنتاج الزراعي، وذلك لأنهم في مرج ابن عامر. 

الرامة كانت توزع المعلمين على قرى المنطقة، ويعود ذلك إلى الكنائس التبشيرية التي كانت سباقة في نشر العلم بين أبناء الطوائف المسيحية، فسبقوا الطوائف الأخرى في التعلم حيث توجد قرى وتجمعات مسيحية، فيما بعد استفاد منها أبناء الطوائف الأخرى.     

لقد تعب الأهل والأجداد كثيرا كي نرى جيلا جديدا متحررا من الأعمال السوداء التي كانت تشبه أعمال العبودية.    

المنافسة اليوم على التحصيل العلمي، فأهل عرابة البطوف يشتهرون بأنهم الأكثر إنتاجا للأطباء والمحامين، يقال إنها من النسب الأعلى في العالم نسبة لعدد السكان.

لقد صار ثلث الأطباء في مستشفيات البلاد من العرب بعدما كان في منطقة عكا كلها ثلاثة أطباء فقط.

الكثير من الأقسام في المستشفيات يرأسها عرب، هذا لا يعني عدم وجود تمييز وعنصرية، فعلى العربي أن يبذل جهدا هائلا ويثبت كفاءات مضاعفة ومتميزة وإبداعية عن اليهودي حتى يصبح رئيسا لقسم.   

الآن ورغم أن نسبة الأكاديميين ما زالت منخفضة مقارنة مع الوسط اليهودي، إلا أننا لم نعد نحصي أعداد الأطباء والمحامين والمحاسبين والمختصين في مجالات علمية كثيرة، لقد صار اللقب الجامعي أمرا عاديا، ولهذا فالتميّز هو المطلوب وليس الشهادة فقط.

لقد ذوت شعبنا حقيقة أن العلم هو سلاحنا الوحيد، وأنه أهم عوامل صمودنا في وطننا، العلم والتميّز قوة مادية ومعنوية، بالعلم ننمّي طبقة متوسطة متحررة اقتصاديا نوعا ما، قادرة على قيادة مجتمعنا، يجب أن نتعلم ولا مفر من ذلك، إلا أننا يجب أن نختار المهن المطلوبة، هناك آلاف الخريجين لا يعملون في مجالات علمهم بل وكثير منهم عاطلون، لهذا من المفروض اختيار المهن المطلوبة في سوق العمل، والتميز في الموضوع الذي نختاره، وليس إضافة رقم جديد على قائمة أصحاب الشهادات.

اقرأ/ي أيضًا للكاتب | “نكبة وبقاء” سيثير حفيظة الكثيرين وعلى رأسهم الشيوعيون

التعليقات