11/06/2016 - 11:00

القضية الفلسطينية بين الاستشهاديين والتصفويين

طبعا لا حاجة للتذكير بالموقف الأخلاقي الذي علينا انتهاجه وهو حرمة المدنيين في غزة والضفة وتل أبيب والقدس من جهة، ومن جهة أخرى، مسؤولية الاحتلال المباشرة عن تضييق الخناق على الشباب الفلسطيني الذي يضيق ذرعا بانسداد الأفق، فأحيانًا يلجأ لأسا

القضية الفلسطينية بين الاستشهاديين والتصفويين

تركز صراع عرب الداخل مع الحركة الصهيونية على مفهوم الهوية وإسقاطاتها لهذه الأقلية القومية في دولة إسرائيل. محاولة مستمرة ومستميتة من قبل دولة إسرائيل وأجهزة الظلام لكي الوعي للأقلية العربية الفلسطينية عبر تدجينها وأسرلتها. سنين طوال خاضت الحركة الوطنية بكل تياراتها معركة على هوية المجتمع العربي والاصطلاحات التعبيرية التي يستعملها، فكما يعلم الجميع الواقع والتاريخ تصنعهما اللغة التي تصيغهما.

كانت العملية الاستشهادية في تل أبيب واحدة ضمن سلسلة عمليات فردية ميزت المشهد الأمني والاحتجاجي في الدولة مؤخرًا. توالت الاستنكارات وتهافتت قيادات لعرب الداخل (انظر بيان أيمن عودة ولجنة المتابعة) على الاعتذار عما حصل. سأحاول خلال هذا المقال تبيان أهمية عدم الاعتذار في مثل هذه الحالات وأهمية التفكير بشكل منهجي ومثابر بتحميل الاحتلال ' أصل الحكاية' المسؤولية عن ما يحصل.

طبعا لا حاجة للتذكير بالموقف الأخلاقي الذي علينا انتهاجه وهو حرمة المدنيين في غزة والضفة وتل أبيب والقدس من جهة، ومن جهة أخرى، مسؤولية الاحتلال المباشرة عن تضييق الخناق على الشباب الفلسطيني الذي يضيق ذرعا بانسداد الأفق، فأحيانًا يلجأ لأساليب احتجاج فردية قد لا تلائم الأعراف المتفق عليها.

أولًا، نذكر أن العملية الاستشهادية أتت في ظل انسداد الأفق السياسي لحل القضية الفلسطينية، واستمرار تغول وحش الاستيطان في الضفة، واعتداءات متواصلة على القدس والأقصى من قبل المستوطنين، واستمرار حصار غزة وكل هذا مسؤول عنه الاحتلال أولًا، الذي أدّى بالشباب في عمر الورد بالتضحية بأغلى ما يملكون، مستقبلهم وذواتهم، فوجب التأكيد أن الاحتلال ودولة الأبرتهايد المسؤولة الأولى والأخيرة عن ما حصل في تل أبيب.

ثانيًا، مجرد دخولنا للكنيست وقبول قوانين المواطنة يؤكد على خيارنا الإستراتيجي كمجتمع عربي بالنضال السلمي ضد آلية العنصرية الإسرائيلية. لذا، لا داعٍ للتهافت بالاعتذارات والاستنكارات لنيل إعجاب فئات هامشية من المجتمع الإسرائيلي، متنكرين تماما لما قاموا به شباب فلسطينيين ضحوا بأغلى ما يملكون لأجل القضية الفلسطينية، فـ 'تطبيق' القانون مختلف عن 'التطبيل' له.

ثالثًا، الموقف الصلب وتحميل الاحتلال كامل المسؤولية ليس تطرفًا في هذا الصدد. ويجمع على هذا الموقف ناس وقيادات كثر منهم، حتى يهود صهاينة يعترفون بحق الفلسطينيين بالعيش الكريم وبحل الدولتين. لكن اختار أيمن عودة ومحمد بركة، رئيسا المشتركة والمتابعة، التخلي عن شبابنا. فبينما اختارت قياداتنا هذا الخطاب بمفرداته الانهزامية، انتقد رون خولداي، رئيس بلدية تل أبيب، الهجوم الذي أدى إلى مقتل 4 إسرائيليين في المدينة مساء الأربعاء، إلا أنه انتقد، في الوقت نفسه، الاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين. وقال خولداي لإذاعة الجيش الإسرائيلي أمس الخميس، 'نحن كدولة، الوحيدون في العالم الذين يعيش شعب آخر تحت احتلالنا، ويحرمون من أي حقوق مدنية'. وأضاف رئيس البلدية 'المشكلة هي أنه عندما لا يكون هناك إرهاب فإن لا أحد يتحدث عن الاحتلال، لا يملك أحد الجرأة للقيام بخطوات باتجاه نوع من الترتيبات النهائية'.

رابعًا وأخيرًا، فلتعلم إسرائيل أن استمرار الانسداد في الأفق السياسي، سيؤدي للمزيد والمزيد والمزيد حتى الانفجار الشعبي في فلسطين. الجهوزية النضالية والغليان والاستعداد العالي للتضحية والإقدام يعم الضفة الغربية ومناطق القدس وقطاع غزة وحتى في دوائر معينة بين عرب الداخل. إذا لم تتراجع إسرائيل عن غيِّها وانحدارها في مستنقع الأبرتهايد والعنصرية، فالاحتجاجات مستمرة حتى تحقيق الثوابت الفلسطينية. أما عن التهافت القيادي فإن لم تستطيعوا قول الحق، اصمتوا، فبينكم وبين الشهداء تكون القضية الفلسطينية بين الاستشهاديين والتصفويين.

التعليقات