20/06/2016 - 07:31

العراقيب: الإهمال والبكاء على الأطلال

إعادة قضايا النقب وقضايا الأرض عامة إلى أجندة الأحزاب والمؤسسات بشكل أقوى ووضعها على سلم أولوياتها.

العراقيب: الإهمال والبكاء على الأطلال

تحولت قضية قرية العراقيب في النقب، كما تحوّل شهداؤنا الأبرار وأسرانا البواسل من قبل، إلى مجرد رقم في سجل القضايا المنسية، قضية غابت عن الأذهان بفعل النسيان والإهمال وكثرة أهوال الاستعمار، حتى كف الناس عن التفاعل معها في كل مرة تهدم، ولو بأبسط الوسائل وأقلّها، أي من خلال منشور غاضب أو حتى 'هاشتاغ' عابر.

قبل عدة أيام فقط هُدمت القرية للمرة 99، ومر الحدث كأنَ شيئًا لم يكن، ما يطرح سؤالًا جديًا على كافة الأحزاب والجمعيات والناشطين والمثقفين: هل خدرتنا كثرة الأحداث والقضايا؟ أم هل نجحت إسرائيل في تخويفنا وترهيبنا؟ أم أن العراقيب لم تعد مادة إعلامية دسمة حتى تخلف عنها الجميع؟

الأسباب كثيرة، لكن لا يكفي البكاء والعويل، وهي ليست مزايدة أو عتبًا بل صرخة، علّها تلقى آذانًا مصغية.

لمن لا يعرف قرية العراقيب، هي قرية عربية فلسطينية مسلوبة الاعتراف تقع في صحراء النقب جنوبيّ فلسطين، شمال مدينة بئر السبع تحديدًا. تقطنها حوالي 22 عائلة، تعيش في خيام وبيوت من صفيح. هدمت القرية للمرة الأولى في أواخر شهر تموز/يوليو من عام 2010، ومنذ ذلك الوقت، يتكرر المشهد كثيرًا، يقول المحصون والمراقبون إنها بلغت الآن 99 مرة.

تدار ضد العراقيب وأهلها حملات قضائية على عدة مستويات، منها قضايا 'جنائية' ضد بعض الأفراد من القرية، بتهم مثل إعاقة عمل الشرطة، الاستيلاء على أرض الدولة، غزو أرض الدولة، بناء غير مرخص وحيازة أرض الدولة بالقوة، بالإضافة إلى دعوى أخرى لدفع حوالي2 مليون شيكل كرسوم لعمليات الهدم (الأولى حتى الثامنة)، ومنذ شهر حزيران/ يونيو من العام 2014، حكمت المحكمة على أهل العراقيب بـ50 ألف شيكل على كل يوم يتواجدون فيه على الأرض. ومؤخرًا، تبث المحكمة في قضية ملكية الأرض، حيث منذ العام 1973 حتى اليوم لم يُبت في قضية الملكية.

في مقابل كل هذه الخطوات القاسية والظروف غير المسبوقة، يناضل أهل القرية بشكل يومي متمسكين بأرضهم وبالعيش فيها، بين تحمل مشاق العملية القضائية وعمليات الهدم المتكررة وبين زيارات دوريات الشرطة الدائمة للاستفزاز.

إنها حرب ضروس يتصدى لها أهل القرية بنفسٍ طويل، لوحدهم تقريبًا، عدا عن زيارات تضامنية قليلة من أفراد وجمعيات في بعض الأحيان ومرافقة البعض لهم في المحاكم، لكنه تضامن لا يكاد يذكر أمام حجم القضية وأهميتها.

وجب التنويه والتأكيد على أن قضية العراقيب، كما سائر قضايا الأرض في النقب، هي قضية وطنية وليست مجرد قضية مسكن وخدمات، هي قضية تجريد شعب من أرضه وليست مجرد قضية مواطنة عادية، هي قضية تهويد للأرض، نكبة أرض وسرقة في وضح النهار ضمن مخططات سلب الأراضي المستمرة منذ عام 48، لذلك لا يمكن التعامل معها كقضية شخصية تهم العراقيب وأهلها لوحدهم فقط بل هي قضية وطنية بامتياز تطالنا جميعًا، تتطلب منا الالتفاف حولها، حمايتها والتصدي ضد من يحاول سلبها.

لذلك ما المطلوب منا؟

أولًا: إعادة قضايا النقب وقضايا الأرض عامة إلى أجندة الأحزاب والمؤسسات بشكل أقوى ووضعها على سلم أولوياتها.

ثانيًا: مشاركة أهالي العراقيب في الوقفات التضامنية الأسبوعية المستمرة منذ عام 2010 حتى يومنا هذا دون كلل ولا ملل، حيث الوقفات تقام كل يوم أحد في ساعات بعد الظهر.

ثالثًا: مرافقة الأهالي إلى المحاكم وتقاسم هذا العبء معهم.

رابعًا: يتم التحضير في هذه الفترة، على ما أبلغت، لمهرجان شعبي على أرض العراقيب لدعم القضية، ومن هنا أقترح إطلاق تسمية 'تجديد العهد' على هذا المهرجان كفاتحة خير لبقاء القضية حية في نفوس الجميع، نحو مشروع وطني جامع يتعامل مع الأرض كقضية وجود حقيقية.

 

التعليقات