27/06/2016 - 18:18

السيارة عدو مبين، فاحذروها...

السيارة في اللغة العربية هي القافلة، وذكرت في القرآن الكريم في سورة يوسف: "وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام"، وتطوّر المعنى الدلالي للكلمة التي صارت تعني وسيلة النقل من أي نوع كان، ولهذا أطلق العرب على المركبة ا

السيارة عدو مبين، فاحذروها...

السيارة في اللغة العربية هي القافلة، وذكرت في القرآن الكريم في سورة يوسف: "وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام"، وتطوّر المعنى الدلالي للكلمة التي صارت تعني وسيلة النقل من أي نوع كان، ولهذا أطلق العرب على المركبة  الميكانيكية اسم "السيارة" بعدما كانت تعني قافلة الإبل.

السيارة ليست وسيلة نقل فقط، لقد صارت البيت الثاني لمعظم الناس، وبعضهم يقضي فيها وقتا أكثر مما يقضي في بيته، وصرنا نستودع فيها أجهزة ومعدات ضرورية كثيرة، ويترك فيها البعض حقائب العمل والدفاتر، وتكاد تكون مكتبا متنقلا، وإذا ترجمنا شعر المتنبي الذي قال "وأعز مكان في الدنى سرج سابح..." يصبح أعز مكان في الدنى وراء مقود سيارة فارهة.

ولكن إلى جانب هذا، فقد تحوّلت السيارة إلى مصيدة للموت حين يساء استعمالها، ومن المؤسف أن نسبة تورط العرب في البلاد في حوادث الطرق تبلغ ضعف نسبتهم من السكان وهذا يعني أن لدينا خللا ما.

بإمكاننا أن نعزي هذا الخلل للبنية التحتية المتخلفة في مدننا وقرانا عن البلدات اليهودية، والتي تؤدي لخراب أكثر في السيارات إضافة إلى قلة العناية بالسيارة بسبب الدخل المنخفض، وتأجيل التصليحات وأعمال الصيانة فيها، وفي أحيان كثيرة التحايل على النواقص بدلا من إصلاحها لاجتياز امتحان الترخيص، إضافة إلى نوعية العمل الذي يمارسه كثير من أبناء شعبنا والذي يحتاج إلى قطع مسافات طويلة متعبة للسائق، كذلك العمل الشاق الذي يمارسونه خلال النهار، ففي بعض الحوادث يقع عدد كبير من الإصابات أحيانا من نفس القرية من العمال العائدين من أعمالهم الشاقة أو الذاهبين إليها، كذلك نوعيات السيارات القديمة وهو أمر متعلق بمستوى الدخل، إضافة لكل هذا، فإن هناك جهلا واستهتارًا وعدم تذويت حقيقي بأن السيارة ليست للراحة والنقل فقط، بل وممكن أن تتحول إلى وحش مفترس ومصيدة للموت خلال أقل من ثانية.

بعد كل حادثة مأساوية يتمحور الحديث في مجالس العزاء  حول الحذر على الطرق ومسؤولية السائقين، ويعزي كثيرون الأمر إلى قلة التربية! لكن ما أن نخرج من بيت العزاء حتى ننسى ما تحدثنا به عن الحذر وخطورة السيارة، فنرى البعض وكأنه كان جالسًا على نار، ما أن يخرج من بيت العزاء حتى يفتح هاتفه ليطمئن ويرى من حاول الاتصال به أو التواصل معه، وذلك خلال قيادة سيارته!

يجب أن تحظى خطورة السيارة باهتمام أكبر في تربيتنا منذ الطفولة، تربية تترسخ في أذهان الأطفال، بأن السيارة أداة خطيرة وتؤدي للموت، وليس فقط للرفاهية، وأن يتوجس ويتهيب السائق كثيرًا، عندما يركب ويسافر بهذه الأداة الخطيرة، وأن يعرف أنه يخاطر بحياته عندما يتحدث بالهاتف خلال القيادة، وأنه يلعب مع الموت عندما يكتب رسالة نصية أثناء القيادة! وأنه قد يُقتل قبل وصوله بيته إذا ما شرب الخمرة وقاد السيارة! وعليه أن يكون في حالة الحذر القصوى فالشارع ليس محدودًا للسائقين الجيدين والجديين، هناك مستهترون يجب الحذر منهم ورفض الانجرار إلى ألعابهم الصبيانية! هذا الحذر ينطبق على المشاة أيضا، وعلى ربات البيوت والحذر بما يتعلق في ساحات المنازل وعدم تدليل الأولاد والسماح لهم بالركض إلى السيارة عند عودة الوالد أو الولدة من العمل، بل أن يهربوا ويتوخوا الحذر عند دخولها ساحة المنزل أو خروجها منه.

يبدو طرح هذه القضية ساذجًا إلى حد ما، لأن الجميع يعرف مخاطر السيارة وما الذي ممكن أن تسببه، ولكن الحقيقة المؤلمة هي أننا نعرف ولكن معظمنا لم يذوّت الأمر بحيث يصبح جزءًا من وعيه وينعكس على تصرفه أثناء القيادة،

بل أن البعض وخاصة الشباب والذكور يتهمون السائق الحذر بالجبن! وإلى النساء الحذرات بالشتائم، مثل "من أعطاكن الرخصة؟"! علما أن نسبة النساء المتورطات في حوادث سير أقل بكثير من نسبة الرجال المتورطين بحوادث. نعم، مثلما نحذر من قطعة السلاح الخطرة بيد مجنون، هكذا يجب أن نحذر من السيارات سائقين ومشاة وركابًا.   

التعليقات