05/08/2016 - 13:12

حول ندوة بحثية في إستراتيجيات المقاطعة ضد دولة الاحتلال

استخدام قضية فلسطين للتغطية على القمع وجرائم الإبادة ضد مجتمعات وشعوب عربية، وللتآمر على قضية فلسطين بتسخيرها في خدمة علاقات دولية آنية، فهو ما لن نسمح به كعرب وكفلسطينيين، ولا يستحق الأمر أي تعليق إضافي.

حول ندوة بحثية في إستراتيجيات المقاطعة ضد دولة الاحتلال

من مؤتمرالمقاطعة في تونس

يعقد المركز العربي للأبحاث ندوة أكاديمية لبحث إستراتيجيات المقاطعة ضد نظام الاحتلال والأبارتهايد الإسرائيلي، وتقدم في الندوة أوراق بحثية بمنهج مقارن مع تجارب أخرى، مثل جنوب أفريقيا، أو من وحي التجربة الفلسطينية ذاتها، والمقاطعة الرسمية العربية التي لم تول أهمية كافية والتي بدأت تنهار بعد كامب ديفيد، وغيرها. واختار المركز أن يعقد الندوة في تونس، وسبق أن عقد في هذا البلد العربي العزيز مؤتمرات عدة، وذلك للحرية الأكاديمية التي يتيحها هذا البلد، وللتواصل مع الباحثين التوانسة والمغاربة عموما، وتشجيعا منه لتجربتها الديمقراطية التي أشدنا مرات عدة بأهميتها.

وسبق أن عقد المركز العربي مؤتمرات مخصصة لقضية فلسطين، في تشجيع واضح ومعلن للباحثين الشباب للاهتمام بهذا الموضوع، وفي محاولة لوضع الواقع الفلسطيني بعناصره المختلفة (الاحتلال، اللجوء، القدس، الهوية الوطنية إلخ) بقوة على أجندة العلوم الاجتماعية والإنسانية، على ضوء محاولات تهميشه.

لا يطلب المركز إذنا من أحد لعقد مؤتمر أكاديمي أو نشاط بحثي حول القضايا التي تهم الأمة العربية، فهذا عمله، وهذه مهمته ورسالته.

تقدم في الندوة أبحاث محكمة، سوف تنشر لاحقا، وهذه خدمة يقدمها المركز للباحثين والنشطاء، إذا يعالج موضوعات راهنة تهم شعوبنا العربية، تتجنبها مراكز الأبحاث غير المستقلة.

لقد سبقت المؤتمر محاولة تحريض مشبوهة من جريدة ديلي تلغراف البريطانية. وأكد  المركز في رده عليها أنه مركز أكاديمي بحثي مستقل لا يتخذ مواقف سياسية، ولكنه يرى أن علماء الاجتماع والسياسة والإنسانيات لا يمكنهم التعالي عن قضايا مجتمعاتهم، وباحثو المركز جميعهم يعارضون التطبيع مع دولة الاحتلال ويؤيدون مقاطعتها.

ولكن باحثي المركز لا يزايدون على الفلسطينيين إذ يدركون أن الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال لا يمكنهم المقاطعة بشكل شامل، كما أن الفلسطينيين في حدود عام 1948 ولدوا كفلسطينيين مواطنين في إسرائيل، ويرتبط بقاؤهم على الأرض بهذه المواطنة. المقاطعة في ظروفهم ليست لها معنى. المهم في واقعهم هو عدم تطبيع العلاقة مع الخطاب الصهيوني والهوية الاسرائيلية والنضال من منطلق كونهم سكان البلاد الأصليين؛ وفي الضفة الغربية تعني المقاطعة أولا رفض التنسيق الأمني، واتخاذ موقف سياسي واضح من التطبيع مع الخطاب الصهيوني وإسرائيل، والنضال ضد الاحتلال. إن عدم التطبيع في فلسطين معناه ممارسة النضال ضد الاحتلال.

أما المقاطعة كإستراتيجية فيفترض أن تركز على رفض التطبيع عربيا ولا سيما في الدول التي تعقد علاقات سلام مع إسرائيل، هنا يجب العمل على مستوى المجتمعات ضد التطبيع، وكذلك على مستوى الدول التي لم تعقد معاهدات سلام، ولكنها تقوم بعملية تطبيع على مستويات مختلفة. وما يزعج إسرائيل كثيرا هو المقاطعة على مستوى الدول الأجنبية التي تقيم علاقات مع إسرائيل، فحملة المقاطعة على المستوى الأكاديمي والاقتصادي والسياسي والعمل على عزل إسرائيل دوليا خطوة مهمة باتجاه وضع إسرائيل في الموقع الذي كان فيه نظام الأبارتهايد في جنوب أفريقيا. ولكن الأخير لم يسقط إلا بعد أن قاطعته الدول نفسها. ففي حالة جنوب أفريقيا تناغمت المقاطعة الدولية الرسمية مع المقاطعة الشعبية مع النضال على مستوى جنوب أفريقيا ذاتها.

المركز العربي للأبحاث مركز أكاديمي مستقل، يعمل بحرية من دون إملاءات. وقد اكتسب مكانته المرموقة وسمعة عربية وعالمية بسبب مثابرته وصرامته العلمية ومستوى إنتاجه البحثي، وغزارته. هكذا تقيّم المراكز البحثية، فمراكز الأبحاث في العلوم الاجتماعية والإنسانية تمولها الدول. المهم هو مستوى إنتاجها البحثي واستقلاليته الأكاديمية التي تضمنها الحرية الممنوحة لها للعمل. هذه هي المعايير الوحيدة ذات العلاقة. كل كلام آخر فائض عن الحاجة، أو مغرض. فالباحثون في كل مكان يطالبون الدول بتمويل مراكز الأبحاث ومنحها الحرية، ويقدرون ذلك إن حصل.

محاولة الاعتداء التي قامت بها عصابة صغيرة مؤلفة من بضعة أفراد من الزعزان الفاشيين الأوباش على مؤتمر أكاديمي ليست مفاجئة أبدا، فالأنظمة التي يدافعون عنها تمنع الحرية الأكاديمية وتعادي البحث العلمي، وتزج بالباحثين في السجون. أما استخدام قضية فلسطين للتغطية على القمع وجرائم الإبادة ضد مجتمعات وشعوب عربية، وللتآمر على قضية فلسطين بتسخيرها في خدمة علاقات دولية آنية، فهو ما لن نسمح به كعرب وكفلسطينيين، ولا يستحق الأمر أي تعليق إضافي.

*باحثة من فلسطين في المركز العربي للأبحاث

التعليقات