10/08/2016 - 19:12

إضراب الأسير بلال كايد والبطولات الفردية

حين يندحر الجيش تظهر صورة البطل الفرد، الذي يشق الفلول المتقهقرة لينتصر وحيدا ويعيد الاعتبار لكرامة الشعب والأمة المهزومة. إنه بقعة الضوء الساطعة في عتمة الليل، والأمل المتجدد الذي يحرك فينا ما تبقى من عزة وعزيمة.

إضراب الأسير بلال كايد والبطولات الفردية

حين يندحر الجيش تظهر صورة البطل الفرد، الذي يشق الفلول المتقهقرة لينتصر وحيدا ويعيد الاعتبار لكرامة الشعب والأمة المهزومة. إنه بقعة الضوء الساطعة في عتمة الليل، والأمل المتجدد الذي يحرك فينا ما تبقى من عزة وعزيمة، والبرهان الثابت على أن هذا الشعب ما زال يستطيع إنتاج الأبطال واجتراح المعجزات.

في هذه الأيام، يسجل أحد هؤلاء الفرسان، الأسير بلال كايد ملحمة بطولية من هذا الطراز، بدخول الإضراب الذي يخوضه يومه الـ57، وهو يزداد تصميمًا على الصمود حتى كسر قيد الاعتقال الإداري الظالم والانتصار على السجان.

ينضم الأسير كايد إلى ملاحم الصمود والبطولة، التي سطرها الأسرى محمد القيق ومحمد علان وخضر عدنان وسامر العيساوي وغيرهم من فرسان المنازلة الفردية، الذين انتصروا على الموت والسجان وعانقوا فضاء الحرية، بعد أن حفروا نماذجَ خالدةً في سجل الحركة الوطنية الأسيرة.

الأسير بلال كايد (34 عاما) من بلدة عصيرة الشمالية قضاء نابلس، تم تحويله للاعتقال الإداري بعد انتهاء فترة حكمه البالغة 14 عامًا، هو واحد من 750 معتقلًا إداريًا، تزجّ بهم سلطات الاحتلال في سجونها دون محاكمة، وهو عدد ازداد بعد أن وسعت سلطات الاحتلال نطاق الاعتقال الإداري، بإيعاز من الحكومة الإسرائيلية عقب الهبة الفلسطينية.

منذ الأول من تشرين أول/ أكتوبر 2015، أي منذ انطلاق الهبة الفلسطينية الأخيرة، التي تعرف بالقاموس الإسرائيلي بانتفاضة الأفراد، اعتقلت سلطات الاحتلال 647 مواطنًا اعتقالًا إداريًا، كما تفيد معطيات نادي الأسير، التي تشير إلى 1144 أمرًا إداريًا صدر منذ بداية تشرين أوّل/ أكتوبر، ما بين أوامر جديدة وتمديد، إذ مددت محكمة الاحتلال العسكرية في عوفر غالبية الأوامر التي صدرت بحق الأسرى.

وفي الحديث عن المنازلة الفردية، فهي وإن كانت تعكس إقدام الفرد، فإنها لا تعني، بالضرورة، قصور الجماعة وإن كانت في حلتنا الفلسطينية نتاج لحالة الانقسام والتخبط والإرباك التي يشهدها النضال الوطني، والتي تغيب معها الإستراتيجية الجامعة عن مختلف الساحات، ما يترك الميدان مفتوحًا للمبادرات والمنازلات الفردية، التي تتراكم لتتحول إلى 'انتفاضة أفراد' في الشارع و'انتفاضة أفراد في السجون'، هي صرخات تستدعي الجموع المسترخية ونداءات تكسر السكون وتشق الصمت المطبق، وتؤسس لما هو آتٍ.

66 يومًا استمر الاضراب الأسطوري للشيخ خضر عدنان (33 عامًا)، الذي شق هذا الطريق (إذا تجاوزنا الأسير سامر العيساوي، كونه حالة مختلفة) الذي شارف خلالها أكثر من مرة على الموت، قبل أن ينتصر عليه وعلى سجانه. وكان الشيخ عدنان قد بدأ اضرابه في أيار 2015، احتجاجًا على اعتقاله إداريا في الثامن من أيلول 2014 لمدة ستة أشهر، وعلى الرغم من قرار محكمة سالم الاحتلالية بإطلاق سراحه فورًا، في تشرين الأول 2014، اعترضت النيابة على القرار لعدم استكماله محكوميته، وجددت المحكمة اعتقاله في كانون الثاني 2015 ومرة أخرى في أيار من نفس العام لمدة أربعة أشهر.

وفي تشرين ثاني 2015، أنهى هو الأسير محمد علان إضرابه وانتصر، أيضًا، على سجانه وعلى الموت، بعد أن سطر ملحمة صمود إضافية. وكان علان (31 عامًا)، والذي ينحدر من قرية عينابوس قضاء مدينة نابلس اعتقل إداريا في مطلع حزيران 2014، وبدأ إضرابه عن الطعام، الذي استمر لمدة 65 يومًا في منتصف حزيران 2015.

على هذا الدرب سار الصحفي محمد القيق، بعد أن ضرب رقما قياسيا بإضرابه الذي استمر 94 يومًا، انتصر خلالها على الموت والسجان، وانتهى في 26 شباط/ فبراير 2016 باتفاق يقضي بعدم تجديد اعتقاله الإداري.

وكان القيق (34 عامًا) قد اعتقل في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، من منزله في مدينة رام الله، وشرع بإضراب مفتوح عن الطعام بعد أأأربعة أيام من اعتقاله، وفي 20 ديسمبر/كانون أول 2015، قررت السلطات الإسرائيلية تحويله للاعتقال الإداري، دون محاكمة، لمدة 6 أشهر.

هذه النماذج الساطعة لا تحجب الأنظار عن إضرابات الأسرى، ثائر حلاحلة وأيمن الشراونة وهناء شلبي ومحمود سرسك وغيرهم، ممن يضيئون بصمودهم عتمة الليل الفلسطيني ويراكمون المنجزات النضالية، التي لا بد وأن تؤدي إلى تحول نوعي في مسيرة نضاله وإعادة الاعتبار لقضيته.

التعليقات