12/09/2016 - 08:00

الانتخابات البلدية فرصة لإسقاط المتعاونين

تأجيل أو إلغاء الانتخابات سيزيد من عمق الأزمة، بينما إجراء الانتخابات في موعدها سيكون مدخلا لمعالجة مظاهر هذه الأزمة المستعصية الواحد تلو الآخر.

الانتخابات البلدية فرصة لإسقاط المتعاونين

نأمل أن لا يتعامل أحد باستخفاف مع قضية اجراء الانتخابات البلدية الفلسطينية في موعدها. فهذه الانتخابات، إن جرت في تشرين الأول، ستكون أول انتخابات في تاريخ الشعب الفلسطيني تجري مرتين متتاليتين في موعدها، ولذلك مدلول عظيم في تكريس تقاليد الممارسة الديمقراطية.

وهي ستكون أول انتخابات تجري في الضفة والقطاع بشكل موحد منذ عام 2006، ويمكن أن تفتح الطريق لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وللمجلس الوطني، والتي طال انتظارها بعد أن مر على موعدها سنوات.

وهي تمثل إثباتا على إمكانية الممارسة الديمقراطية رغم الانقسام، وكأسلوب فعال ومثالي لإنهائه واستعادة وحدة النظام السياسي.

 وستعطي هذه الانتخابات فرصة للشعب المغيب عن صنع القرار لاختيار قياداته المحلية، وتكريس مبدأ مساءلة المسؤولين أمام الشعب.

ومن شأن الانتخابات المحلية أن تكون فرصة لعزل ومحاصرة العناصر المتناقضة مع المشروع الوطني التحرري، ولتكرار مأثرة انتخابات عام 1976 في إسقاط المتعاونين مع أعداء شعبنا.

وستساهم الانتخابات في تعزيز وتمكين الشعب الفلسطيني بمجالس حيوية متجددة، أقدر على مواجهة مخططات الاستيطان وتحديات الاحتلال.

كما أنها تمثل وسيلة مباشرة لتأكيد استقلالية القرار الوطني الفلسطيني في وجه ضغوط الاحتلال وأي أطراف خارجية تريد أن تحرم شعبنا من حقه في ممارسة الديمقراطية، ومن تميزه بالتعددية السياسية، لتغدو التعددية عنصر قوة وليس عنصر ضعف مرافق للانقسام.

ومع بالغ الاحترام لمحكمة العدل العليا وقضاتها فإن قراراها بوقف العملية الانتخابية حتى 2192016 ، بحجة النظر في اعتراضات مقدمة لم يكن مقنعًا، لثلاثة أسباب:

أولا، إن التذرع بأن الانتخابات لن تجري في القدس كسبب لإلعائها يتجاهل أن كل الانتخابات البلدية السابقة في أعوام 2006وحتى 2008 و2012 لم تجر في مدينة القدس، وإن كانت كما الانتخابات الحالية جرت في معظم القرى والبلدات المحيطة بها.

ثانيا، إننا قد اقترحنا مثل كثيرين، منذ أسابيع إجراء انتخابات بالتوافق لمدينة القدس، وما زال ذلك ممكنا، كشكل من أشكال المقاومة الشعبية وبحيث يعاد تشكيل أمانة القدس لتكون هيئة فاعلة لحماية عروبتها.

وبدل وقف الانتخابات، كان بإمكان المحكمة إصدار قرار بإجراء هذه الانتخابات في القدس المحتلة أيضا وبالصيغة القابلة عمليا للتطبيق.

ثالثًا، إن مسألة صلاحية محاكم البداية واختلاف طبيعتها في غزة عن الضفة كانت حاضرة في ذهن وخطاب لجنة الانتخابات المركزية منذ البداية، ومعروفة للجميع ومشمولة ضمنا بميثاق الشرف الذي وقع من قبل كل الأطراف.

وإن كانت بعض القرارات قد بالغت في شطب بعض القوائم، علما بأن جزءًا منها شطب بقرار لجنة الانتخابات المركزية حسب القانون، فمن الممكن حصر مشكلة الانتخابات في تلك المواقع وإيجاد حلول عادلة لها دون أن تؤدي مشكلة خمسة مواقع إلى إلغاء الانتخابات في 422 مدينة وقرية وبلدة بكاملها.

إننا نأمل من محكمة العدل العليا أن تراعي كافة الاعتبارات الوطنية  والديمقراطية، و أن تحترم جهد مئات الآلاف ممن شاركوا فيها حتى الآن، وأن تسمح في قراراها النهائي باستئناف العملية الانتخابية وإجراء الانتخابات في موعدها، خصوصًا وأن الحجتين المطروحتين كسبب لتعطيل الانتخابات هي قضايا سياسية خالصة، وليست مسائل قانونية.

ولنتذكر أن إجراء الانتخابات سيوجه ضربة قوية للانقسام ومن يروجون له، في حين أن الإلغاء سيعمق الانقسام والشرذمة وسيؤدي بالتالي إلى إلحاق المزيد من الضعف بالشعب الفلسطيني.

ولا بد للجميع من تذكر أن العالم يراقب ويتابع كل صغيرة وكبيرة تجري في حياتنا. وإلغاء الانتخابات سيعطي صورة بالغة السلبية عنا لدى شعوب نحتاج إلى دعمها واسنادها.

وأول الشامتين بنا سيكونون أولئك الذين يضغطون لإلغاء الانتخابات وفي مقدمتهم سلطات الاحتلال، حيث سينبرون للادعاء بأن الفلسطينيين ليسوا ديمقراطيين ولا يستطيعوا ممارسة الديمقراطية، وأن الديمقراطية في منطقتنا حكر على إسرائيل.

يعاني النظام السياسي الفلسطيني من عوارض أزمة خطيرة من مظاهرها استمرار حالة الانقسام وعدم إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وعدم إجراء انتخابات المجلس الوطني، والحاجة الملحة لتطوير منظمة التحرير الفلسطينية.

تأجيل أو إلغاء الانتخابات سيزيد من عمق الأزمة، بينما إجراء الانتخابات في موعدها سيكون مدخلا لمعالجة مظاهر هذه الأزمة المستعصية الواحد تلو الآخر. 

التعليقات