03/11/2016 - 09:55

العنف والفقر: هل من مبادرة عربية ذاتية؟

مجتمعنا فيه كوادر كبيرة من العاملين الاجتماعيين والمختصين على أنواعهم، لكم هل من يبادر، وكل منا من مكانه، للمساهمة لما فيه مصلحة لمجتمعنا ومواجهة جذور العنف والفقر، فقد حان الوقت لأن يعي كل منا أن مسؤولية المجتمع عامة هي مسؤوليته الشخصية.

العنف والفقر: هل من مبادرة عربية ذاتية؟

يستيقظ المواطن العربي في هذه البلاد كل يوم على سماع خبر مأساوي، قتل امرأةـ حادث طرق راحت ضحيته عائلة، سقوط عامل عربي من ارتفاع، وغيرها من الأخبار المأساوية التي تقض مضجع المواطن العربي وتقلقه على مستقبله ومستقبل أبنائه، وتدخله في حالة نفسية متوترة ومن عدم الاستقرار، في حين تطل الناطقة باسم الشرطة وتصرح عنه كخبر عابر أو كحالة استثنائية لا علاج لها.

كما ويعم المجتمع العربي حالة من عدم الاكتراث للعامة، وما يحدث من حولها لأسباب عدة على رأسها الهم اليومي الذي لا يقوى المواطن العربي على التعامل معه في العديد من الأحيان، فيظهر العربي كمن لا يهمه أمر أحد إلا إذا دق العنف بابه.

وتخرج علينا المؤسسة بأبواقها لتكشف لنا اكتراثها وعملها المتفاني لوأد ظاهرة العنف وقلعها من جذورها، مشددة على تقصير المواطن العربي وقيادته السياسية والاجتماعية التي لا تتعاون مع فيض الإمكانيات الذي تقترحه المؤسسة.

ما بين السلطة وترسانتها الإعلامية وبين المجتمع العربي الملاحق هوة كبيرة، فالإعلام العبري بأغلبيته الساحقة يحاول تلميع صورة المؤسسة وأذرعها، الأمر الذي يولد غليانا بين أبناء المجتمع العربي الذي يحاول جاهدا للتصدي للترسانة الإعلامية التي لا تعكس الصورة الحقيقية من ناحية، ومواجهة المؤسسة وملاحقتها على تقصيرها بحق المجتمع العربي في هذه البلاد من ناحية أخرى.

لا نعرف مدى جدية المحاولات التي تقوم بها المؤسسة وبرامجها المقترحة لمعالجة ظاهرة العنف المستشري في المجتمع العربي، خصوصا وأنها تستثني ممثلي المجتمع العربي من قيادات ومختصين حقيقيين يعون جيدا ما هي المشكلة وما هو حلها.

نحن لا نعفي أنفسنا من المسؤولية، بل نعترف ونصرح كمجتمع أنه لنا قسط لا يستهان به من الظاهرة، ولكننا مقيدون لا نقوى على مواجهة الظاهرة وعلاجها، فنحن مقيدون ومحاصرون وإمكانياتنا شحيحة، ولكن القسط الأكبر من المسؤولية ملقى على عاتق المؤسسة التي تتجاهل المجتمع العربي وتتعامل معه بنزق.

لمجتمعنا ميزاته وخصوصيته، فأهل مكة أدرى بشعابها، ولدينا ما يكفينا من مختصين وبرامج مكافحة العنف، فما بقي على المؤسسة إلا أن تأخذ اقتراحاتنا وتتبناها إضافة إلى تمويلها ورصد الميزانيات الكافية لدعمها واستمراريتها، خصوصا في ظل فشل أذرع المؤسسة وبرامجها التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

إن الإنسان بطبيعته مسالم ويبحث عن بيئة مثالية للعيش، كما ويعمل جاهدا لتأمين حياة كريمة له ولأبنائه، فالعنف دخيل على البشرية وضيف غير مرغوب فيه، فمن غير الطبيعي أن يلجأ الإنسان إلى العنف كخيار، ولكن في حال ضاقت الدنيا على أحدهم، وهم كثر في مجتمعنا، فقطعا سيكون العنف ملاذهم، وطبعا هذا ليس مبررا بأية حال.

كما يعلم الجميع أن المؤسسة الرئيسية التي تضم أجيالنا الصاعدة هي المدرسة، وبما أن المدرسة تعاني من شح الإمكانيات، وبشق الأنفس تقوم بواجباتها التعليمية والتربوية فكيف لها أن تستطيع مكافحة العنف المستشري في مجتمعنا.

إن شح الإمكانيات والميزانيات له قسط لا يستهان به بانتشار العنف في البلدات العربية، وبما أن سياسة حكام إسرائيل المتعاقبين بحق عرب البلاد، تتميز بالإفقار الممنهج، فقد آن الأوان لإيجاد البدائل لخلق منظومة عمل ذاتية تعنى بقضايا عرب البلاد بعيدا عن مشاريع المؤسسة البائسة.

عندما تحدث أبناء الحركة الوطنية عن حكم ذاتي ثقافي في السابق، قامت الدنيا ولم تقعد وقامت المؤسسة بالتحريض على كل من ذكر ذلك، ولكن ما آلت إليه الأمور اليوم، يحتم على المؤسسة إن كانت تنوي فعلا معالجة ظاهرة العنف، أن تمرر الميزانيات والبرامج للمختصين من أبناء المجتمع العربي الذين يعون جيدا ما هو حالهم وما هي سبل العلاج، بعيدا عن الشعارات والمظلات المؤسساتية الافتراضية الكاذبة.

إن نسبة الجريمة في المجتمع العربي هي الأعلى بالبلاد، وهذا ليس صدفة على الرغم من أن العادات والتقاليد العربية ما زالت قائمة. وكما معلوم لدى الجميع بأن الجريمة بأنواعها هي دخيلة على المجتمع العربي، كما تفشيها له أسباب عدة حديثة تستوجب البحث والتحقيق.

ليس خفيا على أحد أن نسبة الفقر لدى عرب البلاد هي الأعلى ونسبة الجريمة أيضا. أليس هذا كافيا كمعطى للتفكير مليا على أن ذلك أمرا يستدعي حلا جذريا.

ألم تعي الشرطة حتى اللحظة أن طرق علاجها بائسة، وأنها فقط تتدخل وقت وقوع الجريمة أو المأساة؟

آن الأوان للتكاتف ورفع صوتنا عاليا للتصدي لسياسة التجهيل والإفقار المنهجية التي تسبب العنف، كما آن الأوان لنستثمر نحن بأبنائنا وليس فقط أن ننتظر المؤسسة حتى "تكرم علينا".

مجتمعنا فيه كوادر كبيرة من العاملين الاجتماعيين والمختصين على أنواعهم، لكم هل من يبادر، وكل منا من مكانه، للمساهمة لما فيه مصلحة لمجتمعنا ومواجهة جذور العنف والفقر، فقد حان الوقت لأن يعي كل منا أن مسؤولية المجتمع عامة هي مسؤوليته الشخصية.

* نائب رئيس بلدية سخنين عن التجمع الوطني الديمقراطي

التعليقات