14/11/2016 - 14:24

عنصرية وبس ضد... الله أكبر...

هذا القانون أو اقتراح القانون لا يأتي بسبب الإزعاج كما يزعمون، فهذا "ليس رباط الكيس"، القضية هي محو تراث وتاريخ وهوية المكان العربي الفلسطيني، إنه منع للأذان لأحد رموز بقائنا في وطننا وخصوصا في المدن المختلطة التي تعرضت وما زالت تتعرض للم

عنصرية وبس ضد... الله أكبر...

أثار ومن الطبيعي أن يثير قرار حكومي بإسكات صوت أذان الفجر في المدن المختلطة ضجة كبيرة بين أوساط الشعب العربي في البلاد! قد يقول قائل ساذج، نعم فمكبر الصوت مزعج في الفجر! وكثيرون يقولون إن في الأمر ما هو منطقي، فاليهودي والمسيحي وحتى المسلم الذي لا يصلي غير مضطر لسماع أذان الفجر! والبعض يقول إن هناك عمالا يريدون كسب ساعتين إضافيتين من النوم، وإن وهناك أطفالا رضّع وغيرها من الحجج!

أقر وأعترف أن هذا منطق ومعقول في ظروف عادية، لو كان كل شيء على ما يرام، حتى في بلدة كلها سكانها من المسلمين، قد يطلب أحدهم تخفيض صوت الأذان خصوصا من جيران المسجد! أذكر أن أحد جيران المسجد في قرية عربية كان يزعجه الأذان في الفجر، لأن مكبر الصوت كان موجها إلى نوافذ بيته، فكان يزعج أطفاله ويوقظهم، خصوصا وأن صوت المؤذن لم يكن رخيما، كان المؤذن يتغير في كل يوم، ومن يصل أولا من المصلين يؤذن! فتارة يكون صوته رخيما حنونا وتارة يكون مزعجا، فيستيقظ الأطفال مرعوبين!

بعد توجهه عدة مرات للمصلين بإيجاد حل وعدم تجاوبهم، فاجأهم بأن صار يفتح أغاني 'ديسكو' ردا عليهم وأثناء صلواتهم، الأمر الذي أرغمهم على إيجاد حل، فرفعوا السماعات فوق ارتفاع بيته عدة أمتار، ولم يعد الصوت مزعجا، بعد هذا تم الاستقرار على مؤذن صوته رخيم. 

هذا القانون أو اقتراح القانون لا يأتي بسبب الإزعاج كما يزعمون، فهذا 'ليس رباط الكيس'، القضية هي محو تراث وتاريخ وهوية المكان العربي الفلسطيني، إنه منع للأذان لأحد رموز بقائنا في وطننا وخصوصا في المدن المختلطة التي تعرضت وما زالت تتعرض للمحو.

هل قامت بلديات المدن المختلطة بالتزاماتها تجاه المواطنين العرب والأحياء العربية فيها، ولم يبق لها من مشكلة سوى تطبيق قانون يسكت أذان الفجر؟

لو أن بلدية اللد مثلا لم ترفع جدارا عازلا بين الحي العربي وبقية أقسام مدينة اللد. لو أنها أوجدت حلا للبيوت العربية غير المرخصة بدلا من التهديد بهدمها. لو أنها تتعامل في قضية المسكن والبناء والإسكان مع العرب كما تتعامل مع اليهود بمساواة. لو أن مدارس العرب وأنديتهم تحظى باهتمام البلدية كما تحظى مدارس اليهود. لو أن قضايا القتل والجريمة والسلاح غير المرخص تعالج بشكل منهجي وأساسي وبإخلاص من قبل الشرطة. حينها لقلنا إن مطلب تخفيض صوت الأذان ليس من منطلق عنصري! لو أنه لا توجد هجمة عنصرية على الحي العربي القديم في عكا ويافا بهدف نقل ملكية بيوته من أيدي العرب إلى المقاولين والأفراد اليهود!

لو أن الوقف الإسلامي وريعه في هذه المدن  غير مصادر ويعود للمسلمين لقلنا إنها ليست عنصرية. 

لو أنهم لا يذيقون المواطنين العرب الأمرين ليرغموهم على ترك عكا القديمة والرحيل إلى الأطراف، أو إلى جديدة المكر. لو أنهم لم يخططوا لإقامة مدينة على أرض جديدة المكر في منطقة طنطور بهدف ترحيل سكان عكا العرب إليها! لو أنهم يغرّمون كل مقاول يهودي أو شركة ترفض بيع الشقق للعرب في المدن المختلطة! لو أنهم لا يمنعون  العربي من امتلاك شقة أو مسكن بحجة وجود لجنة تقرر من يحق له السكن في عمارة أو حي أو مستوطنة...  لقلنا إن الهدف من خفض صوت الأذان ليس عنصريا.

لو أن حي الحليصة في حيفا يتلقى الخدمات والدعم الذي يتلقاه سكان مركز الكرمل...  لو أن شبابه يجدون أمكنة وأندية رياضية وغيرها مثل سكان حي 'دينيا'... لو أنه لا توجد هجمة على الأحياء والعمارات العربية لتهويدها في هذه المدن المختلطة جميعها! لو أن بلدية حيفا لم تهمل أبنية عربية تاريخية! لو أنها لا تمحو كل ما يشير إلى التراث العربي العمراني في المدينة! لو أنه لا تجري محاولات منذ عام النكبة حتى اليوم لطمس مقابر المسلمين في حيفا بعد سرقة أوقافهم! لو أنه لا توجد سياسة منهجية في مصادرة مقابر المسلمين أو القضم منها وتحويلها إلى مواقف سيارات كما في مقبرة القسام في بلد الشيخ ومقبرة الطيرة ومقبرة الاستقلال في حيفا...  لو أن السلطات تعاقب من يطاردون الطلاب العرب في كلية صفد وملاحقتهم حتى في أماكن السكن... لو أنهم لا يدخلون إلى المسجد الأقصى عنوة ويدبكون فيه ويرقصون في باحاته استفزازا وبدعم هذه الحكومة لقلنا إن نواياهم ليست عنصرية!

لسنا سذجا ولن نكون سذجا. بعد هذه التجربة المريرة مع النظام العنصري نعرف ما الذي يحرك هذه السياسة، لن تنطلي علينا الحجج السخيفة والمكشوفة التي يسوقونها لتمرير عنصريتهم.... أما العرب الذين يدافعون عن هذا القرار بحجة أنه حق ومنطقي... فنقول لهم إن عداءكم لكل ما هو مسلم وعربي أعماكم عن رؤية جوهر الصراع!   

التعليقات