29/11/2016 - 12:29

على شعبنا مقاومة السُّكري والأرجيلة فورا...

يستعد مركز"ركاز" بنك المعلومات عن الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل، التابع لجمعية الجليل، "الجمعية العربية القطرية للبحوث والخدمات الصحية"، لإصدار المسح الصحي البيئي للأقلية الفلسطينية في إسرائيل.

على شعبنا مقاومة السُّكري والأرجيلة فورا...

يستعد مركز 'ركاز' بنك المعلومات عن الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل، التابع لجمعية الجليل، 'الجمعية العربية القطرية للبحوث والخدمات الصحية'، لإصدار المسح الصحي البيئي للأقلية الفلسطينية في إسرائيل، وذلك يوم غد الأربعاء في مؤتمره الذي يعقد في شفاعمرو، وهو بحث قيّم عمل عليه المركز لفترة طويلة، فيه عشرات الاستبيانات التي شاركت فيها آلاف الأسر ومئات المختصين، من شمال البلاد إلى جنوبها، ومن جميع شرائح ومناطق السكن، ومختلف الأعمار.

تطرق البحث إلى العوامل البيئية والصحية التي تؤثر على صحة وحياة المواطنين العرب، العوامل البيئية الخطرة، والعوامل الوراثية والاجتماعية، والعوامل المتعلقة بجهاز الخدمات، وتوفرها وجودتها، ومدى ملاءمتها الثقافية، والمعرفة والتنوير والترشيد الصحي، وغيرها الكثير، مما يفاجئنا.

هناك الكثير مما يقال عن بيئتنا وضرورة تحسينها والنضال لأجل ذلك، خصوصا وأن السياسة العنصرية تميّز بين بيئة وبيئة، فالبيئة في التجمعات السكنية العربية أقل جودة، بل أكثر سوءًا مما هو الحال في التجمعات السكنية اليهودية، بسبب التمييز بالميزانيات المخصصة للحدائق والمساحات الخضراء وأمكنة تزجية الوقت، إضافة إلى دخل الأسرة، والبنى التحتية وغيرها، التي تؤثر جميعها على نوعية حياة الإنسان.    

إلا أن هناك عوامل ذاتية لا نستطيع تجاهلها، وأكثر ما لفت نظري في هذا المجال هو الانتشار الواسع لمرض السكري وكذلك الأمراض التي يسببها التدخين، وخصوصًا الأرجيلة ونسبة مدخنيها وعلاقتها بالأمراض.

ويتضح من المعطيات أن مرض السكري هو أكثر الأمراض انتشاراً من بين الأمراض المزمنة لدى العرب، حيث بلغت الإصابة بالسكري نسبة 11.5% بين الرجال و 13.9% بين النساء في سن 21 سنة فأكثر بالمعدل. وترتفع نسبة الإصابة بهذا المرض مع التقدم في السن حيث بلغت نسبة المصابين في السن 44 إلى 59 إلى 19.6%، ويصاب بالسكري أكثر من 52% من الأفراد من سن الستين فما فوق.

إذن ينتشر السكري كالوباء، وهو مرض ينكّد حياة الإنسان، ويحرم المصاب من كثير من متع الحياة، هذا إضافة للتعب والإرهاق الجسماني والقلق، وتداعيات المرض وضرورة متابعته العلاجية اليومية، وقدرته على الانتقال وراثيا.

جميعنا يعرف هذه الحقيقة حول السكري، وندرك مخاطره على الفرد والأسرة، وانتقاله الوراثي، أو تطويره حتى بدون وراثة بسبب متغيّرات ظروف الحياة والطعام، ولكننا نرى مجتمعنا غارقاً بكل ما يسبب هذا المرض، ابتداءً من المأكولات شديدة الدسم والحلويات، إلى قلة الحركة، والاستهتار بالوعي الصحي.

نحن لا نكف عن شرب المرطبات الغازية المحلاة، نعرف ضررها، ورغم ذلك فإننا نراها على موائدنا ونقدمها لبعضنا كضيافة، علماً أن كأسا واحدة من الكوكا كولا أو من أي مشروب غازي محلّى بأي طعم كان، تحوي ما يوازي ست ملاعق من السكر، هذا ينطبق على ما يسمونه العصير الطبيعي في العبوّات التجارية.

أضف إلى هذا أصناف الكعك والمعجنات التي نقدّمها لبعضنا البعض كهدايا في الزيارات المتبادلة وأعياد ميلاد الأفراد واختتام مختلف الدورات والنشاطات التعليمية وإلخ من مناسبات نرى الكعك فيها أكواما وأطباقا، بمشاركة أولئك الذين يعانون من السكري.

حتى مرضى السكري أنفسهم يقدمون الحلوى لمريض مثلهم بالسكري، والأدهى من هذا، فإنهم يلحّون عندما يقدمونها كضيافة، وهم يرددون 'شو بدو يصير عليك' يلا تفشلنيش' ويتدخل ثالث ورابع ليقول' يلا تفشلهاش'! يتبع هذا استهتار بالتعاليم والتوجيهات الطبية، وكثيراً ما نرى البعض يزور مريض السكري وبيده صفط الكنافة والبورما والبقلاوة وزجاجات عصير.

ما زلنا نعتبر أن الإلحاح على الضيف لتناول الحلوى من ضرورات الضيافة والكرم، علما أن 'كرمنا' وإلحاحنا هذا قد يفاقم لدى المريض مرضه ويضرّه.

كذلك من عوامل انتشار السكري، قلة الحركة والابتعاد عن ممارسة الرياضة، التي يُجمع الباحثون على أهميتها لصحة جيدة ومتوازنة وتقويتها للمناعة، وتضيف كثيراً لنوعية حياة من يمارسونها، خصوصاً في الأجيال المتقدمة.

إلى جانب السكري فهناك آفة التدخين، وخصوصاً الأرجيلة، والملفت أن أصحاب التحصيل العلمي الأعلى يمارسون تدخين الأرجيلة أكثر من أصحاب التعليم الأدنى!

 لقد انتشرت الأرجيلة بشكل رهيب في العقدين الأخيرين، ففي كل قرية عدد من مقاهي الأراجيل، يجلس فيها العشرات يدخنون، وفي معظم الحالات بدون تهوئة، أي أن الجالس في مقهى كهذا يدخن أيضاً دخان غيره، علماً أن تدخين رأس أرجيلة واحد، يساوي ضرر عشرين سيجارة عادية، وخلال ساعة واحدة فقط!.

هناك موضة جديدة انتشرت في الأعراس، كثيرون من مدخني الأرجيلة يطلبونها في قاعة الأفراح أو يحضرونها معهم من البيت! يشعلونها حتى تتلبد أجواء قاعة الفرح المغلقة بالدخان، فيصيب ضررها حتى أولئك الذين لا يدخنون، ويضعهم في وضع محرج، أن يطلبوا من الجميع إطفاء الأراجيل وهذا صعب جدا، أو أن يخرجوا من القاعة وهذا أصعب، أو أن يجلسوا ويستسلموا للأمر الواقع .

اقرأ/ي أيضًا | المسلم والمسيحي وما بينهما

لا شك أن الأجيال الصاعدة لن تشعر بمخاطر تدخين الأرجيلة بصورة مباشرة، أما بعد عقدين، فقد يكون الوضع الصحي لهذه الأجيال من مدخني الأرجيلة مأساوياً، لأن أمراض التدخين لا تظهر إلا بعد سنين طويلة، وكل الدراسات والإحصاءات تشير إلى أنها تزيد من مخاطر الجلطات الدماغية والقلبية وترفع الضغط  وتضرّ بجهاز التنفس، وتزيد من مخاطر سرطان الرئة، هذا عدا عن البلغم المقزز الذي سيصبح جزءا لا يتجزأ من حياة مدخنها. في هذا البحث الكبير لجمعية الجليل 'ركاز' الذي يمتد على مئات الصفحات، نرى أن هناك عوامل بيئية موضوعية لا سيطرة لنا عليها، يجب أن نناضل لتغييرها وتحسينها، وهناك عوامل ذاتية من صنع أيدينا، يجب أن نعي خطورتها مثل السكري والأرجيلة وقلة ممارسة الحركة والرياضة وغيرها، أخيرا أرى بهذا البحث كنزا لطالبي المعرفة بكل ما يتعلق ببيئتنا وأمراضنا وصحتنا، أسأل الله الصحة للجميع.   

           

        

      

التعليقات