14/12/2016 - 16:22

كيف تحول نتنياهو إلى رئيس حكومة بينيت

روح الصهيونية الدينية التي تسكن جسد الاستيطان، وتمتد أذرعها داخل الحكومة الإسرائيلية، التي تتنافس مركباتها على تمثيلها، وإن كان حزب البيت اليهودي هو ممثلها الشرعي، وفي هذا المعنى فإن ممثلي الليكود يحاولون منافسة بينيت في عقر داره

كيف تحول نتنياهو إلى رئيس حكومة بينيت

السؤال هو فيما إذا كان بينيت رئيس الحكومة الحقيقي أم أن نتنياهو هو رئيس حكومة بينيت؟ وهو سؤال يسأل في وقت يدور فيه الصراع حول السيطرة على مواقع صنع القرار في إسرائيل، بين اليمين المتطرف والأكثر تطرفا. أوري سفير، يعتقد ان رئيس الحكومة الحقيقي هو نفتالي بينيت، الذي لديه خطة واضحة، وهي الضم الفعلي لمناطق 'جـ'، في وقت تدفن فيه الحكومة الإسرائيلية كل فرص حل الدولتين.

سفير الذي يعتبر أحد مهندسي اتفاق أوسلو، هو ليس الوحيد الذي لاحظ سيطرة 'الصهيونية الدينية' على قرار حكومة نتنياهو فقد سبقه إلى ذلك الكثير من السياسيين والمعلقين، حيث وصف الصحفي يوسي فيرتر، نتنياهو، بعد خضوعه لإملاءات البيت اليهودي في قضية قانون تسوية البؤر الاستيطانية، بأنه 'رئيس حكومة بينيت'.

والحقيقة أن بينيت نفسه كان في البداية يشارك نتنياهو الرأي في معارضة القانون، لأنه يدرك أن أضراره على مشروع الاستيطان ستكون أكثر من فوائده، وحاول الدفع بحلول أخرى أكثر عقلانية، إلا أنه انجر وراء جماهيره خوفا من أن يتهم بالخضوع والانهزام، خاصة وأن وزراء الليكود قد قاموا بتطويقه من 'اليسار' عندما وقعوا كلهم، بخلاف موقف نتنياهو، على عريضة مؤيدة للقانون، الأمر الذي لم يترك له أي خيار سوى تصدر المعركة ليلحق به نتنياهو صاغرا.

إذًا، هي روح الصهيونية الدينية التي تسكن جسد الاستيطان، وتمتد أذرعها داخل الحكومة الإسرائيلية، التي تتنافس مركباتها على تمثيلها، وإن كان حزب البيت اليهودي هو ممثلها الشرعي، وفي هذا المعنى فإن ممثلي الليكود يحاولون منافسة بينيت في عقر داره، والمزاودة عليه، مدفوعين بأسباب عقائدية وأيديولوجية أيضا، في حين يرصد نتنياهو اتجاه الرأي العام في أوساط معسكر اليمين، ساعيا إلى البقاء في مقدمته وعدم السماح لبينيت بتجاوزه.

الصهيونية الدينية التي يقودها حزب بينيت هي الوحيدة، على حد قول أوري سفير، التي تمتلك حلا واضحا ومعلنا يتمثل بضم المناطق جـ التي تشكل 60% من أراضي الضفة الغربية إلى إسرائيل، إلى جانب إبقاء الـ 40% المتبقية في كانتونات معزولة، تسمى سلطة فلسطينية، وهو حل يكرس إبقاء المناطق الفلسطينية المحتلة منذ عام 67 تحت السيادة الإسرائيلية، بتفاوت درجات ممارسة هذه السيادة بين منطقة وأخرى.

هذا في حين أن البدائل من 'ميرتس' وحزب 'العمل'، وصولا إلى 'الليكود' الذي يحاول بنجاح ركوب الموجة حتى الآن، جميعها عاجزة عن بلورة بديل سياسي أيديولوجي قوي وجذاب، كما يقول الوزير السابق من حزب العمل، عوزي برعام.

 برعام دعا إلى صحوة الجمهور العلماني الإسرائيلي الذي يجب أن يدافع عن 'عمونته'، مشيرا إلى أن الصراع ضد الصهيونية الدينية هو صراع فكري وسياسي.

وفي مقال نشره في 'هآرتس' مؤخرا بعد عودته مبهورا من بيت عزاء شقيقته في إحدى المستوطنات، قال: 'أنا لا أحاول هنا امتداح المستوطنين، أو القول إننا نحن المعارضون لمواقفهم، قد اخطأنا، ولكن كلما جلست وقتا أطول في بيت العزاء، زادت غيرتي وغضبي. هل يعتقد أحد ما بالفعل أنه يمكن وقف هذه الحركة الخطيرة دون بناء بديل فكري؟ هل يعتقد أحد ما أنه أمام حركة قوية ومؤمنة وواثقة بنفسها، يمكن الاكتفاء برفض طريقها؟ ربما لم نستوعب أن خلافنا ليس فقط مع الأصوليين الظلاميين، بل مع حركة لها علم ونشيد وطريق. صحيح أنها طريق ملتوية، لكن طالما أنها الحركة الوحيدة في الميدان، فلا أحد يمكنه وقف دولة الأبرتهايد المستقبلية'.

اقرأ/ي أيضًا لـ سليمان أبو ارشيد

التعليقات