17/12/2016 - 10:00

مأساة حلب

اجتاحت التعليقات والتعقيبات صفحات مواقع التواصل الاجتماعي دون أي موضوعية وعقلانية، متغاضية عن حقيقة التطهير الذي تمر به حلب خاصة في الأيام الأخيرة.

مأساة حلب

اجتاحت التعليقات والتعقيبات صفحات مواقع التواصل الاجتماعي دون أي موضوعية وعقلانية، متغاضية عن حقيقة التطهير الذي تمر به حلب خاصة في الأيام الأخيرة.

يقوم البعض بالحديث عن استعادة النظام السوري لثاني أكبر المدن السورية، التي انتزعت منه في السابق. وقامت قواته بتعليق العلم السوري على العديد من المواقع في حلب وقام الكثيرون بالرقص والفرح لـ'تحرير حلب' والسيطرة عليها بالكامل.

للتاريخ فقط، عندما اجتاح الغزو الصليبي منطقة الشرق الأوسط كاملة، واستسلمت أكثرية القوى المحلية، كان رد الحلبيون مدويا وحاربوا الصليبيين بشراسة متناهية، فيشهد لأهل حلب غيرتهم على موطنهم، الأمر الذي قض مضاجع الصليبيين الذين هزموا شر هزيمة. ألا يحق لأهل حلب أقل ما يمكن من المساندة والدعم فقط على دورهم التاريخي. تاريخيا لبى أهل حلب نداء الوطن ضد الغزاة، عبر التاريخ، ولكن المؤسف أن ترى أن عددا لا بأس به من أهل هذه البلاد خذلوا أهل حلب متناسين معاناة ومأساة أهل حلب الحقيقية.

على الرغم من أن الحلبيين باتوا دون سقف يأويهم، إلا أنك ترى بعض الهواة يهللون لانتصار وحسم بعيدون كل البعد عن درب الآلام التي يمر بها الحلبيون.

قليل من الخجل أمام تضحيات أهالي حلب التاريخية والحالية، فمن يتحدث عن انتصار، حبَّذا لو أشار لنا عن اأي انتصار يتحدث؟ هل يقوى على الحديث عن انتصار بعد أن شاهد الأشلاء والدمار؟

عذرا يا حلب، فنحن في نشوة من أمرنا لأننا لا نقوى على التراجع كرامة لتضحيتكم عن قرار نزق اتخذناه مسبقا.

لا مشكلة لدي إن حقا أعاد النظام الطمأنينة لأهل حلب، فعلى أهل حلب لا نزايد، لا بل يهمنا أمرهم وكلنا نتضرع إلى السماء لإنهاء مأساة أهل حلب. إلا أن الحقيقة غير ذلك وبعيدة كل البعد عن حقيقة مأساة الحلبيين وظروفهم الاستثنائية التي تستوجب كل إنسان التوقف والتفكر قليلا بحقيقة مأساة الحلبيين.

أتابع الأحداث في حلب عن قرب ومن العديد من المصادر، وبدى لي واضحا أن هناك تغييب تام لمأساة أهل حلب، حيث في الحقيقة الحديث يدور عن مأساة إنسانية لم تعهدها البشرية منذ عشرات السنين، والحديث عن تحرير لا يتعدى تحرير بعض الركام وبعض الأراضي، وليس عبثا يتم تغييب الحالات الإنسانية، فمحاولة بث ونشر الانتصارات تفتقد للمصداقية لمجرد تغييب تام للواقع في حلب.

بات واضحا ان العلم السوري الذي يلوح في أفق حلب هو غطاء للعلم الروسي ليس أكثر، وقطعا ستقوم روسيا بالدفاع عن العلم السوري الذي يلوح في أفق حلب متجاهلة المأساة الإنسانية التي لا تعنيها أصلا.

وبتقديري أنه حان الوقت الذي سنرى فيه الأعلام الروسية ترفرف مكان الأعلام السورية، لأن ما بقي من النظام لا يقوى على الدفاع عن اأي شبر من سورية، حيث استنفذ كل قوته في قمع شعبه، وسيقف محدودا مكتوف الأيادي أمام كل الدخلاء الذين كانوا قد اقتنصوا الفرصة أصلا للسيطرة على مناطق في سورية والاستيطان فيها.

لنفترض أن النظام السوري قام فعلا بمحاربة الإرهابيين وقام بمعارك كر وفر حتى قضى بعضهم وأتى لبعضهم من دبرهم حتى أخرجهم خارج الأراضي السورية. ماذا عن أهل حلب وما حل بهم؟ هل فعلا يحاول الإعلام المأجور إقحامنا وإدخالنا الى حالة افتراضية هوليوودية من أفلام الحركة، بأن النظام قام بإنقاذ الحلبيين قام بتحرير المواطنين العزل كأفلام تحرير الأسرى الهوليودية في فيتنام؟ بربكم إن رقصتم فارقصوا في غرفكم المظلمة، وإن غنيتم فغنوا بصمت بعيدا عن الأشلاء وعن الشعب الذي يباد.

ليس عبثا يصرح 'أبو علي بوتين' انه سيتم 'التحرير' على مستوى البلاد، فما كان مبيتا لم يعد خفيا على أحد. إن مشروع الاستعمار الروسي بدأ بالخروج إلى حيّز التنفيذ، خاصة وأن روسيا قد قامت بعقد صفقات إقليمية تحمي مصالح الدول المعنية بتنسيق مع النظام، بما فيها إسرائيل.

اقرأ/ي أيضًا | إخلاء حلب والدور على إدلب

التعليقات