05/05/2017 - 14:23

زيارة واشنطن والحج إلى البيت الأبيض والناس راجعة

نستذكر ذلك ونحن على عتبة "الانتصار المظفر" الذي حققه أبو مازن في واشنطن أمام إدارة ترامب، التي كانت قد خفضت السقف السياسي إلى أدنى مستوى بتماثلها مع أقصى اليمين الإسرائيلي ونسفها لحل الدولتين وشرعنتها للاستيطان ومباركتها لاحتلال القدس وتوحيدها تحت السيادة الإسرائيلية، واتخاذها موقفا تصريحيا معاديا للحقوق الفلسطينية.

زيارة واشنطن والحج إلى البيت الأبيض والناس راجعة

هي وصفة إسرائيلية تتمثل بإعطاء الطرف القوي جزء من المكاسب التي سبق وسحبها من الطرف الضعيف، فيشعر الأخير بنشوة الانتصار الكاذب ويكاد ينسى أنه بات يقف في نقطة أدنى من السابق، هكذا فعلت حكومة نتنياهو الأولى عندما سحبت المكتسبات التي تحققت في عهد حكومة رابين ثم 'رضخت بعد جهد جهيد' ووافقت على توقيع اتفاق الخليل، ليبدو وكأن السلطة ومفاوضوها قد حققوا 'نصرا مؤزرا'، وهكذا فعلت حكومة شارون التي انقضت على ما ندر من مظاهر السيادة، التي منحها اتفاق أوسلو للفلسطينيين، عندما أعادت احتلال المدن ودمرت المطار وحاصرت وسممت الرئيس المنتخب، ثم عاودت التباحث مع خليفته محمود عباس ونفذت الانسحاب من قطاع غزة فتحول رئيسها إلى رجل سلام.

نستذكر ذلك ونحن على عتبة 'الانتصار المظفر' الذي حققه أبو مازن في واشنطن أمام إدارة ترامب، التي كانت قد خفضت السقف السياسي إلى أدنى مستوى بتماثلها مع أقصى اليمين الإسرائيلي ونسفها لحل الدولتين وشرعنتها للاستيطان ومباركتها لاحتلال القدس وتوحيدها تحت السيادة الإسرائيلية، واتخاذها موقفا تصريحيا معاديا للحقوق الفلسطينية.

 لقد خفضت إدارة ترامب السقف بحيث بات مجرد موافقة رئيسها على استقبال محمود عباس بمثابة 'انتصار' بغض النظر عما ينتج عنه، فكم بالحري إذا كان هذا الاستقبال دافئا وودودا بشكل فاق جميع التوقعات.

وإذا ما أدركنا أن هذا الدفء لم يأت بسبب تغيير ترامب لمواقفه من القضايا الأساسية، وعلى رأسها نقل السفارة الأميركية الى القدس، التي سيزورها بالتزامن مع احتفالات إسرائيل بإعادة توحيدها تحت الاحتلال، ولا موقفه من مسألة إقامة دولة فلسطينية مستقلة حيث تجنب أي ذكر لحل الدولتين، كذلك الأمر بالنسبة للاستيطان الذي لا يعتبره حجر عثرة ـمام عملية السلام.

ناهيك بالطبع عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، إذا ما أدركنا ذلك ودققنا في إشارات ترامب المتعلقة بالقضايا الأمنية المرتبطة بأميركا وبإسرائيل، نراه يتحدث عما وصفها بـ' المساهمات الفلسطينية للسلامة الأميركية' ومن ضمنها 'شراكة قائمة متعلقة بالأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب والتي تضع عباس في 'الطرف الجيد من مكافحة الإرهاب'، على حد تعبيره.

أما فيما يتعلق بأمن إسرائيل، فقد أشاد ترامب بالتنسيق الأمني وبما وصفها بـ 'العلاقة الجميلة التي لا تصدق' بين إسرائيل والأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية.، وفي هذا السياق يقول المحللون الإسرائيليون إن ترامب فهم موقف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والتي تقوله مرارًا وتكرارًا من أن أبو مازن ليس جزءً من المشكلة وإنما جزء من الحل'، وفي هذا السياق يقول المحلل الإسرائيلي للشؤون العربية، آفي سخاروف، إن 'أبو مازن والسلطة الفلسطينية بالرغم من دفع أموال للأسرى الأمنيين فإنهم يشكلون مكونًا هامًا من أمن إسرائيل'.

وإذا ما اعتبرنا التنسيق الأمني مع إسرائيل ومع أميركا هو الثمن، أو جزء من الثمن الذي تدفعه سلطة أبو مازن، فإننا نلاحظ تضاؤل المردود الذي تحصل عليه، والمقصود بالمردود السياسي، الذي تلاشى إلى الصفر في عهد ائتلاف نتنياهو- بينيت -ليبرمان الإسرائيلي، ويهبط إلى ما تحت الصفر في عهد إدارة ترامب الأميركية.

وتكفي الإشارة إلى الخطوات العدائية التي أعلنها أبو مازن ضد حماس وجاءت كاستحقاق دفعه تمهيدا للقاء ترامب وأثرها على عملية المصالحة والوحدة الوطني، وذلك في أوج معركة البطولة والكرامة التي يخوضها الأسرى بأمعائهم الخاوية في وظرف شعبنا أحوج ما يكون فيه إلى الوحدة ورص الصفوف.

ولعل الأغرب في هذا المجال، هو أن التشدد المتبادل في تعاطي الأطراف الوطنية مع بعضها البعض (فتح وحماس)، مقابل المساومة غير المسبوقة مع الأطراف المعادية، وخاصة أميركا وإسرائيل.

 وتجدر الإشارة في السياق إلى وثيقة حماس السياسية وتصريحات خالد مشعل ومغازلاته لإدارة ترامب، في فترة زيارة عباس للبيت الأبيض بينما تدور ' حرب شعبية بين الفصيلين'.

التعليقات