23/05/2017 - 16:31

أيار 1967: التوتر يسود الجبهتين السورية والمصرية

لم تحدث حرب الخامس من حزيران/ يونيو عام 1967 فجأة، فقد كانت متوقعة ومنتظرة، فالصراع الذي نشب في العام 1948، عام النكبة الفلسطينية، لما ينته بعد، وبعث ظهور جمال عبد الناصر وسطوع نجمه ورفع راية التحرير والتحرر من الاستعمار والسعي للوحدة.

أيار 1967: التوتر يسود الجبهتين السورية والمصرية

(أ ف ب)

لم تحدث حرب الخامس من حزيران/ يونيو عام 1967 فجأة، فقد كانت متوقعة ومنتظرة، فالصراع الذي نشب في العام 1948، عام النكبة الفلسطينية، لما ينته بعد، وبعث ظهور جمال عبد الناصر وسطوع نجمه ورفع راية التحرير والتحرر من الاستعمار والسعي للوحدة العربية، الأمل الكبير للفلسطينيين والعرب بتحرر الشعوب العربية وتحرير فلسطين وعودة اللاجئين إلى ديارهم، وسيطرة العرب على مواردهم المائية والنفطية، لهذا عقدت الآمال على جمال عبد الناصر، وكان لخطاب ناصر أثر على الشعوب العربية المتعطشة للتحرر وكذلك لاسترداد كرامتها التي سلبت عام النكبة.

إلا أن خطابه هذا سبب عداء شديدا له من قبل الغرب خوفا على حلفائه في المنطقة، وخوفا على مصير إسرائيل، خادم المصالح الغربية في المنطقة وحارسها، ولهذا كان الغرب وإسرائيل ينتظرون الفرصة المواتية لتقليم أظافر الظاهرة الناصرية وتحجيمها، وخصوصا أن السوفييت اعتبروا ناصر حليفا، وقد كان الصراع بين الغرب والسوفييت على النفوذ في المنطقة والعالم على أشده.

حالة التوتر كانت مستمرة وقائمة على الحدود المصرية والسورية بشكل خاص، حيث وقعت اشتباكات بين الحين والآخر، حيث قام فدائيون فلسطينيون بعمليات وراء خطوط وقف إطلاق النار من قطاع غزة وكذلك من جبهة الجولان السورية.

هذه الحالة من التوتر كانت عمليا استمرار لحرب 1956، حيث اشتركت إسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر بمشاركة بريطانيا وفرنسا وقد كان أحد بنود اتفاق انسحاب إسرائيل من سيناء التي احتلتها عام 1956 عدم إدخال قوات مسلحة وأسلحة مصرية ثقيلة إلى سيناء، وتحل مكانها قوات دولية، ولكن في 15 أيار/ مايو 1967 تجاوزت قوات برية كبيرة من الجيش المصري قناة السويس ورابطت في شبه جزيرة سيناء لإظهار حالة الاستعداد للحرب نتيجة التوتر الذي ساد على الجبهة السورية. ما دفع الحكومة الإسرائيلية إلى إعلان حالة تأهب في صفوف الجيش الإسرائيلي.

وفي 16 أيار/ مايو طالب الرئيس المصري جمال عبد الناصر بإخلاء قوات الأمم المتحدة من سيناء وقطاع غزة. والتي عملت على مراقبة وقف إطلاق النار بين إسرائيل ومصر.

غادرت قوات الأمم المتحدة المنطقة في 18 أيار/ مايو 1967 وفي 22 أيار/ مايو أعلنت مصر إغلاق مضائق تيران أمام السفن الإسرائيلية، الأمر الذي اعتبرته إسرائيل ذريعة قانونية للحرب، علما أن إسرائيل كانت تنتظر اللحظة المناسبة وتعدُ نفسها لهذه الحرب، مرتكزة على الضربة الجوية التي تدرب عليها الطيارون مرات ومرات، فقد كانت لدى إسرائيل معلومات، نشرت بعد سنين كثيرة، زودتها بها أميركا عن كل قاعدة جوية وعن قادة الجيوش المصرية وحتى عن اسم كل واحد من القادة.

كانت الحرب بالنسبة لإسرائيل قضية حياة أو موت، بينما تظهر مذكرات وزير الدفاع المصري آنذاك، شمس بدران، أن جمال عبد الناصر لم يكن يريد الحرب لعدة أسباب، منها أن قوات كبيرة من الجيش المصري متورطة في حرب اليمن، وأنه إنما أراد التهويش فقط على إسرائيل بعدما وصلته معلومات من السوفييت تفيد بأن إسرائيل تستعد لضرب سورية، أراد ناصر ردع إسرائيل من خلال تظاهره بالقوة والحديث عن حرب ضد إسرائيل وتحرير فلسطين، وقد لعب الإعلام العربي، وخصوصًا المصري، في حينه، دورًا في هذا التهويش بعيدا كل البعد عن الواقع، فقد صور إسرائيل فريسة سهلة للقوات العربية، وأظهرت الكاريكاتورات التي نشرت قبيل الحرب استهتار العرب اللامحدود بالقوة الإسرائيلية، وصوّرت أن إسرائيل تختنق وتطلب النجدة بينما العرب يحاصرونها من كل الجهات كما لو كانت مضغوطة داخل قارورة صغيرة.

في 30 أيار/ مايو 1967 وقع الرئيس المصري جمال عبد الناصر والملك الأردني حسين بن طلال اتفاقية دفاع مشترك بين الدولتين.

وكانت الأمم المتحدة قد قررت في أحد شروطها عام 1948، عند إعلان وقف إطلاق النار، أن تخلو الضفة الغربية من الأسلحة الثقيلة كالدبابات والمدفعية.

في تشرين الثاني/ نوفمبر 1966، قتل ثلاثة جنود إسرائيليين بانفجار لغم على خط الهدنة قرب قرية السموع جنوبي الضفة الغربية في لواء الخليل، فشنّ الجيش الإسرائيلي هجومًا على قرية السموع بالأسلحة الثقيلة وقتل العشرات من الأردنيين، تقول إسرائيل أنها قتلت خمسين أردنيا مقابل جندي إسرائيلي هو قائد العلمية، وقالت الأمم المتحدة أن عدد القتلى 16.

استخدام الإسرائيليين للأسلحة الثقيلة في هذه المعركة، حرض سكان الضفة على المطالبة بإدخال الأسلحة الثقيلة، مما حدا بالملك حسين بإقرار دخولها 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 1966، وذلك تحسبا لأي هجوم آخر بنفس المستوى.

وعلى الجبهة السورية كانت تجري اشتباكات متقطعة واحتدت أكثر حول الخلاف على استغلال مياه نهر الأردن الذي يرفده الجولان بالمياه.

 تمركزت القوات السورية في مرتفعات الجولان وأسفل منها، وفي مرمى أسلحتها سهل الحولة والمستوطنات الإسرائيلية.

فيما بعد سيتبين، وباعترافات قادتها، أن إسرائيل كانت تفتعل اشتباكات في كثير من المرات بحجة انفجار لغم أو لأي سبب آخر.

طوال الشهور الأولى من عام 1967 كانت الجبهة السورية مع إسرائيل مشتعلة، فقد تسللت وحدات من المقاتلين الفلسطينيين وراء خطوط وقف إطلاق النار في عمليات فدائية، وتسللت وحدات كوماندوز إسرائيلية إلى داخل سورية وضربت.

كان الاتجاه العام داخل إسرائيل يميل للتصعيد العسكري مع سورية لإنهاء ما سموه مشكلة مرتفعات الجولان.

وفي 5 نيسان/ أبريل 1967، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك، ليفي أشكول، في الكنيست، أن 'إسرائيل قررت أن ترد بالطريقة التي تراها ملائمة على سورية'، وفي السابع من نيسان/ أبريل 1967، أسقطت إسرائيل 6 طائرات سورية من طراز ميغ 21.

بعدها صارت التوقعات بأن الحرب ستنشب بين سورية وإسرائيل لا محالة، وأخبرت وكالة المخابرات الأميركية، الرئيس جونسون، باحتمال هجوم إسرائيلي ضد سورية، وتوصل المصريون إلى نفس الاستنتاج.

وفي 28 نيسان/ أبريل، أبلغ وكيل وزارة الخارجية السوفيتية، سيميونوف، نائب الرئيس المصري، أنور السادات، أن ليفي أشكول بعث برسالة إلى رئيس الوزراء السوفييتي، ألكسي كوسيغين، يحمل فيها سورية مسؤولية الاستفزازات، وأن رئيس الوزراء الروسي قام بتقريع السفير الإسرائيلي بسبب حشد قوات ضد سورية، فأخبره السفير الإسرائيلي بأن ليفي أشكول طلب من السفير الروسي الذهاب بنفسه لزيارة الجبهة الشمالية للتأكد، فرفض هذا معللاً ذلك بقدرة الاتحاد السوفييتي على معرفة الحقيقة بوسائله الخاصة.

وفي 13 أيار/ مايو 1967، أبلغ مندوب المخابرات السوفييتي في السفارة السوفييتية في القاهرة، ويدعى سيرجي، مدير المخابرات العامة المصرية، بوجود 11 لواء إسرائيليًا محتشدًا على الجبهة السورية وهناك احتمال هجوم.

وفي 14 أيار/ مايو، أصدر المشير عبد الحكيم عامر أوامره بوضع جميع وحدات الجيش المصري على أهبة الاستعداد، وذلك كرد على أخبار الحشود على الحدود مع سورية، وعندما ناقشه بعض القادة المصريين بأن القوات غير جاهزة للحرب رد بأن القصد من الحشد هو التهويش فقط.

وفي 15 أيار/ مايو ذهب الفريق محمد فوزي إلى سورية، ولم يستطع الحصول على أية معلومة تؤيد المعلومات السوفييتية.

الاستخبارات الأميركية والبريطانية نظرت للتحركات المصرية على أنها تهدف لإظهار التضامن مع السوريين وليس الهجوم.

وفي 16 أيار/ مايو طالبت مصر القوات الدولية بالخروج من أراضيها، في خطاب وجهه الفريق أول محمد فوزي إلى قائد القوات الدولية وهو جنرال هندي يدعى (ريخي)، حفاظا على سلامة هذه القوات.

اقرأ/ي أيضًا | 'تحرير' وليس احتلالًا!

وفي 22 أيار/ مايو أعلنت مصر إغلاق مضائق تيران أمام السفن الإسرائيلية المتجهة إلى ميناء إيلات واعتبرت إسرائيل هذه الخطوة إعلان حرب وباتت المنطقة والعالم بانتظار اشتعالها الفعلي.


يفتتح موقع 'عرب 48' بهذه المادة ملفا خاصا نستعرض فيه كل الأحداث التي سبقت ورافقت وأعقبت حرب حزيران/ يونيو 1967، بمناسبة مرور 50 عاما على الهزيمة التي منيت بها جيوش الدول العربية، بالإضافة إلى تداعياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأثرها الكبير الذي لا يزال منعكسا على المجتمع العربي.

التعليقات