06/06/2017 - 18:50

الشرطة تعاملنا كتعاملنا مع أنفسنا

لا تتعامل الشرطة معنا كمواطنين لهم الحق في التظاهر والاحتجاج على خلفية سياسية، فهي ترى بوجودنا من أساسه عملا عدائيًا، فما بالك عندما نتحرك بمظاهرة ضد وجود الشرطة بيننا!

الشرطة تعاملنا كتعاملنا مع أنفسنا

لا تتعامل الشرطة معنا كمواطنين لهم الحق في التظاهر والاحتجاج على خلفية سياسية، فهي ترى بوجودنا من أساسه عملا عدائيًا، فما بالك عندما نتحرك بمظاهرة ضد وجود الشرطة بيننا!

أما عندما نكسر سيارة شرطة أو نحرقها أو نهدد بحجر، فهي حينئذ تسمح لنفسها بالقتل، فالعربي لا يحق له ما يحق للمتدين في "مئه شاعريم" مثلا، أو للمستوطن في عمونا وغيرها، إنه عربي وأسهل وسيلة للتعامل معه أثناء المواجهة هي إخماده بالقوة، وبدلا من خرطوم المياه ممكن استعمال الرصاص بدون مشكلة تذكر.    

عندنا يتظاهر العرب على خلفية سياسية يتحولون فورًا إلى أعداء في ساحة معركة، فالعربي يستطيع أن يكسّر سيارة الشرطة في مباراة لكرة القدم، وأن يلقي الحجارة على جيرانه، دون أن يطلقوا الرصاص عليه، سيكتفون بالغاز المسيل للدموع والغرامات، ولكن عندما يكون التظاهر سياسيا، خلال هدم بيت مثلا، أو احتجاجًا سياسيًا على جرائم حرب، تختلف الصورة تمامًا ويصبح الأمر عملا عدائيًا.   

الشرطي يعرف أنه عندما يطلق النار ويقتل عربيًا في مظاهرة سياسية لن يتعرض لأي عقوبة، وفي الحد الأقصى يمكن أن يُنقل من مكان عمله إلى مكان آخر، وسيجد دعمًا من المسؤولين عنه في الجهاز ومن الوزراء ومن رئيس الحكومة ومن وسائل الإعلام التي تفقد موضوعيتها، عندما تكون الضحية عربية على خلفية سياسية تعتبر فورا عدائية، الإعلام ينقل رواية الشرطة التي تتبنى رواية القاتل لتبرير الجريمة، وليس ما حدث للمدرّس يعقوب أبو القيعان ببعيد.

العربي هو المذنب لأنه ظن أن من حقّه التصرف في المظاهرة كما يتصرف اليهود الذين يتظاهرون ويغلقون الشوارع ويعتدون على رجال الشرطة.

لا يوجد تحقيق موضوعي لمقتل أي عربي منذ قيام الدولة، فقد برروا حتى مجزرة كفر قاسم قبل ستين عامًا، وهي جريمة قتل لأناس مسالمين كانوا عائدين من العمل فما بالكم بجريمة قتل متظاهر حمل حجرًا وألقاه على شرطي. الشرطي سيدعي أنه تعرض لخطر الموت، ولكن كلنا رأينا ومعنا العالم كيف أطلق عدد من رجال حرس الحدود الرصاص على إسراء عابد في العفولة وادعوا أنها شكلت خطرًا عليهم. 

القضاء يُكذّب الصور والفيديوهات وحتى شهادات التشريح عندما يكون الضحية عربيًا، ولهذا لا نذكر حكمًا بالسجن الفعلي لشرطي قتل عربيًا.

دخول الشرطة إلى القرى والمدن العربية لم يمنح الناس طمأنينة ولن يكون كذلك، لأن أمننا وسلامتنا ليس من مهمة الشرطة التي ترافق بلدوزرات الهدم إلى القرى العربية، وترد بالعنف على كل من يعترض.

هذه الشرطة تتربص بالناس لتسجيل مخالفات السير كعقوبات جماعية انتقامية بحجة حفظ النظام، ولكن لم نرها تتدخل لمنع إطلاق النار في الأعراس مثلا أو لمنع إزعاج التراكتورونات في القرى العربية.

هذه الشرطة جزء أساسي من جهاز الأمن العام الذي يرى بالعرب أعداء لا شركاء في الوطن.

هذه الشرطة تؤمن بيهودية الدولة وتعتبر العرب أمرًا غير مرغوب فيه في هذه البلاد.

هذه شرطة تحرس المستوطنين الذين يقتحمون باحات الأقصى وتقمع من يعترضهم، وهي الشرطة التي تتهم العربي لمجرد لون بشرته أو لهجته أو شكله، وهي الشرطة التي تعجز عن إلقاء القبض على عصابات تدفيع الثمن، وهي التي لم تحل لغز عشرات جرائم القتل في المجتمع العربي، وهي الشرطة التي لا تعتقل أحدًا على تجارة السلاح والسموم عند العرب.   

الجريمة المنتشرة بين العرب أداة ابتزاز وضغط على الجمهور العربي كي يرضخ ويسعى للتجند سواء بالشرطة أو بالجيش لحماية نفسه من المجرمين.

وقيادة الشرطة ترى بأن العنف بين العرب ضد بعضهم البعض سيدفع بفئات للاستسلام للأمر الواقع ومن ثم التجند للحصول على السلاح دفاعًا عن النفس في مواجهة غول العنف. إهمال مكافحة الجريمة يأتي في سياق سياسة منهجية تسعى لتحويل حياة العرب إلى جحيم لإرغامهم على التخلي عن وطنهم والزهد فيه.

نحن الذين نحل مشكلة العنف في مجتمعنا وليس الشرطة، نحن قادرون إذا توحدنا ووضعنا برنامجًا واضحًا ومُلزِما في كل قرية ومدينة لمحاربة العنف، المجرمون أقلية هامشية ومؤيدوهم كذلك، ولهذا إذا تحركت الأكثرية وتوحّدت بصوتٍ عالٍ ضد من يمارس العنف فسوف تنتصر.

الشرطة تعاملنا مثلما نعامل أنفسنا، وهي ستضطر للتعامل معنا باحترام أكثر عندما تجدنا نحترم أرواحنا وأملاكنا ونعمل ضد العنف بشجاعة لوقفه، وستواصل تعاملها معنا  باستهتار ما دمنا نحن نتعامل مع دمائنا وأرواحنا بهذه الخفة، وما دام كل واحد فينا يقول "اللهم إني أسالك نفسي"، ولا يستفزّنا ما يجري لابن بلدتنا أو لجارنا، ونقفل الأبواب على أنفسنا وننام ظنا منا أن سرطان العنف بعيد، طالما أننا نغمض أعيننا عن المشكلة الحقيقية، وهي تعاملنا نحن أولا مع بعضنا البعض فسوف تواصل الشرطة ومن هم فوق الشرطة بالاستهتار بنا وبدمائنا.

 

التعليقات