01/07/2017 - 23:10

باسل غطاس: سأخرج من سجني بعزيمة أكبر للمساهمة في تحقيق المستقبل الذي نطمح إليه

الكلمة التي ألقاها باسل غطاس في المهرجان الشعبي 'على موعد مع الحرية، أسيرًا على درب الحرية'، التضماني معه في الرامة قبيل دخوله السجن

باسل غطاس: سأخرج من سجني بعزيمة أكبر للمساهمة في تحقيق المستقبل الذي نطمح إليه

الأصدقاء والأحباء

أبناء شعبي جميعا

أقف أمامكم اليوم... وغدا سأدخل السجن

وإن غدا لناظره قريب

وسيكون التحرير بعد غد وهو أيضا لناظره قريب

أدخل السجن لكوني ابنا لهذا الشعب المعذب، مسلوب الوطن والحقوق، الذي ناضل منذ يفاعة الصبا من أجل تحقيق العدل والعدالة في فلسطين، وعمل بلا هوادة ولا كلل من أجل ذلك، 'جريمتي' التي أدفع حريتي ثمنا لها لا تختلف بشيء عما 'اقترفه' مناضلون من أجل نيل الحرية والاستقلال لشعبهم بل هي أضعف الإيمان، لا مبادئ ولا مثل ترتجى، بدون النضال والاستعداد للتضحية من أجل تحقيقها وخاصة في سياق النضال ضد الاستعمار والاحتلال وللدفاع عن حقوق الشعب الأصيل ضحية المشروع الاستعماري الصهيوني المستمر.

سأقضي عامين في السجن فيما أعتبره تحملا كاملا للمسؤولية عن فعلي الضميري والإنساني والأخلاقي، تجاه أسرانا وفيما أعتبره فرصة لرفع قضايا الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال والممارسات غير الإنسانية والمناقضة للأعراف والمواثيق الدولية التي يقوم بها الاحتلال ضدهم.

لا يكون النضال بمواصفات الربح والخسارة، وبناء على حسابات الجدوى نضالا حقيقيا ذا منفعة على طريق تحقيق الحرية والمساواة والعدل. هناك حاجة ماسة لرفع سقف النضال والمطالب باستمرار في وجه تغول نظام الفصل العنصري الإسرائيلي.

لم تعد عقلية الخوف التي سيطرت بعد النكبة والتطهير العرقي في الـ ٤٨ والتي وضعت شعار البقاء في الوطن بأي ثمن قادرة على قيادة شعبنا في المراحل التاريخية الخالية والمستقبلية. عقلية استذوات الهزيمة وقبول نتائج النكبة بما فيها تحويل قسم كبير من شعبنا إلى لاجئين في الوطن واعتبار البقاء انجازا تاريخيا حتى لو كان لها في السنوات الأولى بعد النكبة مبررا فقدت منذ زمن بعيد أهليتها والتمسك بها يعني إعادة انتاج الهزيمة وقبول الفتات من المواطنة في الدولة اليهودية.

لقد كبرنا يا أخوتي وأصبحنا شعبا قويا يعيش في وطنه، وحان الوقت لبناء مشروع وطني واضح ومتكامل الملامح، مشروع بنيوي لبناء الذات ولتحقيق أهداف وطنية جامعة.

لا يعقل أن نكون بعد ما يقارب السبعين عاما مجتمعا بدون مؤسسات وطنية منتخبة وذات موارد وقادرة على قيادة وتنظيم الشعب والمجتمع، لا يعقل أن نكون حتى الآن بدون مؤسسات تمثيلية منتخبة تستمد شرعيتها من ثقة الناس، لا يعقل أنه حتى الآن لا يوجد لدينا صندوق قومي ولا يوحد لدينا جامعات ومعاهد أكاديمية ومؤسسات اقتصادية وتنموية جماعية وجامعة.

إن بناء هذه المؤسسات وتنظيم المجتمع، لا يعتبر انعزاليا أو انسلاخا عن المواطنة، وإنما بالعكس تماما، فمن شأنه أن يعزز قدراتنا على تحصيل حقوقنا المدنية وعلى تحصيل المساواة في كافة ميادين الحياة ومن شأنه أيضا أن يقوينا ويشحذ هممنا في مواجهة اليمين الفاشي الحاكم.

وأكاد أقول جازما أننا لو كنّا فعلا كذلك لما تجرأت هذه الحكومة على إخراج الحركة الإسلامية خارج القانون. قبل أن نبحث عن حلفاء في المجتمع الإسرائيلي الموغل في التدهور نحو اليمين الاستيطاني والديني، بحجة تغيير حكومة اليمين، لنبن أولا مشروعنا الوطني ولنحصن مجتمعنا ونقيم مؤسساته على أسس عصرية ومهنية، فقط على هذا علينا أن نعول، وعلى أنفسنا وعلى شعبنا المقدام، ولنضع نصب أعيننا هذه الأهداف الكبرى وليس البحث على إنجازات صغيرة هنا وهناك، لنرفع شعار استعادة الوطن والمساواة التامة في دولة لكل المواطنين...

لنعمل ميدانيا على إعادة مهاجرينا إلى قراهم كمشروع نضالي وليس كإحياء ذكرى لنعمل على استعادة أوقافنا وخاصة الوقف الإسلامي كمشروع نضالي وليس كمطلب رمزي أكل الدهر عليه وشرب لنعمل على استعادة أراضينا المصادرة وعلى حقنا في الأرض والمسكن، هذا ما يليق بِنَا كشعب وهذا ما يتوجب علينا صنعه اليوم قبل الغد ولا أرى حقيقة عائق أمام بدء هذه المسيرة التاريخية التي ستنطلق عاجلا أم آجلا ولن يقف في وجهها شيء.

سأخرج من سجني بعزيمة أكبر للمساهمة في تحقيق المستقبل الذي نطمح إليه.

أودّعكم ولسان حالي يردد ما قاله شاعرنا:

وما ضرّني أسر ونفسي طليقة

مجنّحة ما كفّ من شأوها أسر

أطلّ على الدنيا عزيزا: أضمّني

إليه ظلام السجن أم ضمّني القصر

وما حاجتي للنّور والنّور كامن

بنفسي لا ظلّ عليه ولا ستر

إذا ملكوا الدنيا على الحرّ عنوة

ففي نفسه دنيا هي العزّ والكبر

 

التعليقات