30/08/2017 - 16:59

إسقاط العنصرية عن التمييز وعطب الخطاب

لا يمكن التعامل مع التمييز العنصري بقفازات من حرير وتغليفه بغلاف من السوليفان، أو إخفاء المعطيات الحقيقية وترك المنابر والساحة لأبواق السلطة لتفاخر بتقليص الفجوات، بل يجب ومع مطلع كل سنة دراسية وخلالها اجترار الأرقام التي تدين وتفضح هذه السياسة

إسقاط العنصرية عن التمييز وعطب الخطاب

قد نفهم إسقاط تعبير "العنصري" عن التمييز في محاولة لتخفيف حدة الخطاب، خاصة وأن العنصرية "دمها ثقيل" على المؤسسة الإسرائيلية وهي تثير لديها تداعيات ترتبط بقرار الأمم المتحدة الذي أدان الصهيونية بالعنصرية والذي نجحت إسرائيل مؤخرا بشطبه، ولكن عندما يجري إسقاط "التمييز" ذاته وتحويله إلى مجرد "فوارق"، فهذا يعني أن عطبا معينا قد أصاب خطابنا السياسي.

ونقول "خطابنا "لأن الحديث يدور عن لجنة متابعة التعليم، المنبثقة عن اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، بمعنى أنها هيئة تمثيلية جامعة وناطقة باسمنا جميعا في المجال الذي تعنى به، ولأنها كذلك فهي جديرة بانتقادنا، خاصة عندما تقدم لنا عشية افتتاح السنة الدراسية بيانا لو حذفنا منه التوقيع لما عدنا لنميز إذا كان صادرا عنها أو عن وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية.

البيان ليس فقط أنه يخلو من أي لهجة تصعيدية، على غرار التهديد أو التلويح بإضراب أو أشكال احتجاج أخرى، بل إن اللجنة تتعامل مع نفسها من خلاله وكأنها جسم تنفيذي أو دائرة من دوائر وزارة التربية والتعليم، مكلفة بتوفير الشروط المادية لافتتاح السنة الدراسية، متجاهلة أن دورها يقتصر على مراقبة عملية استيفاء هذه الشروط والتحذير من افتتاحها دون ذلك، أي أنها يجب أن تشكل أداة ضاغطة على وزارة التربية والتعليم، لدفعها للقيام بواجباتها تجاه التعليم العربي.

وغني عن القول إن وسائل الضغط الوحيدة المتوفرة للجنة، بغياب سلطة فعلية، تكمن في التعبئة والتحريض وفضح سياسات التمييز العنصري ونتائجها الكارثية على جماهيرنا وعلى مدارسنا وإماطة اللثام عن وجهها القبيح، وصولا إلى التهديد باستخدام وسائل الاحتجاج المشروعة، مثل الإضراب والمظاهرات ورفض استقبال المسؤولين الحكوميين والإداريين في بلداتنا ومدارسنا.

لا يمكن التعامل مع التمييز العنصري بقفازات من حرير وتغليفه بغلاف من السوليفان، أو إخفاء المعطيات الحقيقية وترك المنابر والساحة لأبواق السلطة لتفاخر بتقليص الفجوات، بل يجب ومع مطلع كل سنة دراسية وخلالها اجترار الأرقام التي تدين وتفضح هذه السياسة ونتائجها البغيضة، والتي تتمثل بالأرقام بحصول 32% من طلابنا فقط على شهادة بجروت تستجيب لشروط الالتحاق بالمعاهد العليا الإسرائيلية مقابل 59% لدى نظرائهم اليهود، وبوجود فارق 100 نقطة بين طلابنا وبين نظرائهم اليهود في امتحان البسيخومتري.

وتتجسد في نتائج امتحانات النجاعة والنمو في اللغة الإنجليزية، الرياضيات والعلوم والتكنولوجية، بمعدل 58 في الصفوف الخامسة مقابل 68 في التعليم العبري، وبمعدل 49 في الصفوف الثامنة مقارنة مع 61 في التعليم العبري، هذا ناهيك عن نسبة التسرب في المرحلتين الإعدادية والثانوية، والتي تبلغ أضعاف ما هو قائم في التعليم العبري.

نتائج سياسة التمييز العنصري هي تحصيل حاصل التمييز في الميزانيات والملاكات والبنايات ومساحات الفضاء والاختصاصات والتهميش والإلحاق وصهينة المناهج وتدخل المخابرات، وغيرها من الآفات التي يعاني منه جهاز التعليم العربي، وكلها أمور يفترض أن تتابعها لجنة متابعة التعليم، التي لم تكلف نفسها حتى عناء الإتيان على ذكر الالتماس الذي تقدم به عضو الكنيست يوسف جبارين، والخاص بتعيين مجلس استشاري للتعليم العربي، وهو توجه ربما ينسجم مع استبدال "الأوتونوميا" بالشراكة.

ما أود التأكيد عليه في الختام، أن سياسة نفاق دوائر السلطة والامتناع عن التصعيد، خصوصًا في الأيام المفصلية، مثل افتتاح السنة الدراسية، هو ما يحوّل هذه المناسبات من أيام نضالية يجري فيها التركيز على عنصرية السلطة وتمييزها إلى أيام احتفالية يتم فيها التسبيح بحمدها، على غرار ما جرى في طمرة الزعبية السنة الفائتة، فمسؤولو وزارة التربية والتعليم يستقبلون منذ زمن في مدارسنا ومجالسنا وبلدياتنا المحترمة والمركزية، بالورود، وتقام على شرفهم مأدبات وما كان ينقص فقط هو التلويح لهم بأعلام إسرائيل، ولا ندري أين ستكون المفاجأة القادمة؟!

 

التعليقات