06/09/2017 - 12:25

سلطاتنا المحلية العربية في الداخل الفلسطيني: يجب أن تكون رافعة حقيقية لتقدمنا

المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين، والإنسان الذكي يتعلم من تجاربه وتجارب الآخرين. ونحن على أبواب حملة "انتخابات السلطات المحلية" في الوسط العربي في البلاد، يشرفني أن أطرح فيما يلي مقترحا للتفكير والتفكّر، ومن ثم اتباعه من أجل جعل سلطاتنا

سلطاتنا المحلية العربية في الداخل الفلسطيني: يجب أن تكون رافعة حقيقية لتقدمنا

المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين، والإنسان الذكي يتعلم من تجاربه وتجارب الآخرين. ونحن على أبواب حملة "انتخابات السلطات المحلية" في الوسط العربي في البلاد، يشرفني أن أطرح فيما يلي مقترحا للتفكير والتفكّر، ومن ثم اتباعه من أجل جعل سلطاتنا المحلية أكثر نجاحا ورافعة حقيقية في سبيل تقدمنا وازدهارنا وبعيدة عن الفساد والإفساد. بدأت العجلة تدور بشكل تقليدي وكأننا عديمي القدرة على التفكير والتفكر والمقارنة والاستفادة من تجاربنا السابقة وتجارب الآخرين.

هذا الاقتراح يطالب بتغييرات بنيوية ووظيفية دون المس بالقانون العام الذي يحتم العلاقات المختلفة والمتبادلة بين مؤسسات الدولة والتي تعتبر السلطات المحلية إحدى مؤسساتها. الخطوات المقترح اتباعها تساعد على خلق شرعية حقيقية لكل منتخب، وتساعد على توسيع المشاركة السياسية وتحمل المسؤولية لكثير من الناس وتساعد في النهاية على تقدمنا وسيرنا في ركب الحضارة الإنسانية.

منذ اليوم الأول الذي شغلت به منصب عضو منتخب في مجلس محلي طلعة عارة (قرب مدينة أم الفحم) الذي يضم القرى مصمص، مشيرفة، البياضة، زلفة وسالم، وكانت تجربتي مريرة في معرفة وإدراك خبايا إدارة سلطاتنا المحلية، كان دائما أمام عيني ما حدده نعوم تشومسكي، أن هناك استراتيجيات يتبعها المستبدون في التحكم بغيرهم، وهم في حالنا الحكومات الإسرائيلية منذ قيام اسرائيل حتى اليوم، ويحققون بها نجاحات من أبرزها:

1) إبقاء الشعب في حالة جهل وحماقة.

2) التشجيع على استحسان الرداءة؛ أي الابتعاد شيئا فشيئا عن قيمنا الخلاقة، وهذا ما يتجلى في انتشار الفساد واللجوء إلى العنف لحسم الخلافات فيما بيننا.

3) استبدال التمرد على الظلم بالإحساس بالذنب؛ أي توجيه أسهم الرد على الظالم نحو الذات.

المشكلة الأساسية: فساد

حين طالبت بإقامة سلطة محلية منتخبة في بلدنا في سنوات السبعين من القرن الماضي، لنأخذ أمورنا بأيادينا ونعمل من أجل التقدم والتحرر من تأثير السلطات الرسمية التي تحرص على خلق تبعية وإبقاءنا في الهامش، عارضني الأديب ابن قريتي مصمص، أحمد حسين الذي غادرنا هذا الأسبوع إلى لقاء ربه.[1] نظرته استندت إلى أن إقامة سلطات محلية عربية بوضعها الحالي، تمنع القيام بأعمال محلية تطوعية وتكون بؤر فساد.

انتخابي عضوا في مجلس طلعة عارة ولمدة خمس سنوات. تبين لي أن ما قاله لي أحمد حسين كان عين الصواب. وأحمد الله انني قضيت سنوات خدمتي في تلك السلطة محاربا الفساد والإفساد والتلاعب بأموال الناس وتوسيع وتعميق رقعة الجهل والتجهيل لتشمل كافة نواحي حياة الناس.

استمر الفساد، وفي آب 2017 أخبرني أحد الموظفين الكبار في المجلس المحلي أن الأوضاع ازدادت سوءا، والفساد يعم وأصحاب الفساد معروفون ولا أحد يقوم بأي إجراءات محاسبة بحقهم. أخبرني أيضا أن وزارة الداخلية قامت بتعيين محاسب مرافق من طرفها، للتحكم بشكل كامل بما يدور في السلطة المحلية.[2]

بعد تداول الأمر، تبين أنه في الإطار الحالي لا يمكننا معالجة الفساد المتفشي، لأنه أمر مبني في الثقافة السياسية الإسرائيلية على مستوى الأفراد والمنظومات، وأن السمكة تفسد من رأسها وأن الفساد في سلطاتنا المحلية ربما غاية غير معلنة يضعها أمامهم موظفون كبار في المنظومة السياسية الإسرائيلية.

وصل اتساع رقعة الفساد في إسرائيل ليشمل رؤساء وزراء (إيهود أولمرت) ويحقق مع بنيامين نتنياهو وزوجته بتهم متعلقة بالفساد، ووزير الداخلية نفسه، أرييل درعي، الذي سجن بسبب الفساد، عاد بعد قضاء محكوميته ليتربع على عرش وزارة الداخلية، وهناك تهم جديدة موجهة ضده متعلقة بممارسة الفساد.

في مقال يحمل عنوان "ما هي مصادر وباء الفساد في إسرائيل" نشر في آب 2017، تحدد الأخصائية النفسية حنه غرافي فيشر بعد تحديدها أن إسرائيل تعيش قمة الفساد، وقد انتشر بين صفوف القطاع الخاص والقطاع العام، وبهذا فقد اليهود فيها البصيرة القيمية والأخلاق.

وتعيد سبب هذا إلى أن اليهود تربوا في أماكن سكناهم في كثير من المجتمعات والدول وأنهم عملوا خارج الإطار وبعيدا عن الأخلاق والقوانين التي حددت حياة شعوب تلك الدول التي ترى أن التلاعب بالأخلاق امرا مقبولا. وتجمل قائلة في اسرائيل الأخلاقيات الاجتماعية مشوهة، حتى أنه لا يوجد قيم جماعية تجمع اليهود فيها. [3] وإن استمر الوضع كما هو عليه الآن حيث تدخّل زبائن السلطة المركزية بارز، فإنّ الأمر سيسير في سلطاتنا المحلية نحو الإخفاقات والفشل والفساد على كافة المستويات.

تغيير بنيوي في إطار القانون

أوصى مؤتمر علمي في جامعة النجاح الوطنية، نابلس، فلسطين، عقد في نيسان 2013 حول فلسطيني الداخل، بضرورة بدء التثقيف المجتمعي في موضوع إدارة السلطات المحلية العربية بشكل سليم، لتكون بعيدة عن الفساد، وترتكز في إدارتها على الشفافية والمهنية.[4]

حين طلب مني قبل عدة سنوات وضع استراتيجية لبناء مجتمع عربي عصامي في الداخل الفلسطيني، حددت ما يلي:[5] يبدأ العمل لبناء مجتمع عصامي برفض منح شرعية لعوامل تؤدي إلى التبعية بكل ما تحمله من معنى على الصعيد السياسي والاجتماعي والثقافي، فرديا وجماعيا في آن واحد، ورفض الذل والهوان والتهميش، ثم الانطلاق نحو بناء استراتيجية واقعية شاملة تقود إلى التقدم والازدهار والعيش بكرامة واعتزاز، بالتخلص من سياسات الإفقار. وتم تحديد استراتيجية مرتكزة على ثلاثة مراحل: أولا، إدراك طبيعة المرحلة التي نعيش فيها من عوامل قوة وعوامل ضعف، نعمل على دعم عوامل القوة وإضعاف عوامل الضعف. ثانيا، رفض كل سياسيات التهميش والذل والازدراء التي يعاني منها فلسطينيو الداخل منذ إقامة إسرائيل عام 1948. ثالثا، الانطلاق نحو العمل من أجل الحياة الحرة الكريمة المثمرة التي تعمل على صنع الإنسان المعتز بنفسه ومعتقداته وشعبه وأمته وإنسانيته.

من هذا المنطلق حددت ستة مواضيع يجب التركيز عليها تفكيرا وتفكرا وبناء الخطط العملية وتنفيذها مهما كانت الصعاب والتحديات من اجل بناء مجتمع عصامي فيما يلي: 1) ضرورة وجود قيادة سياسية مؤثرة،2) إقامة جامعة عربية في الناصرة،3) تغييرات بنيوية ووظيفية في السلطات المحلية العربية، 4) التركيز على مشاريع اقتصادية مميزة،5) فحص جدوى استراتيجية مقاطعة منتوجات الاحتلال،6) الاستفادة من تجارب الآخرين. سيتم فيما يلي تناول، ولو بشكل اولي، موضوع السلطات المحلية العربية.

ماهية التغيير

حين نرغب في إحداث تغييرات في السلطات المحلية العربية في الداخل الفلسطيني وإدخال إصلاحات بنيوية ووظيفية ننطلق مما يلي:

1) للسلطات المحلية العربية في البلاد دور مركزي في تقديم خدمات أساسية للمواطنين العرب مرتبطة بالتنمية وتنشئة الإنسان مما يعطيها دورا مركزيا في بناء المجتمع العصامي.

2) الانتخابات التي يشارك بها عامة الناس، علميا هي وسيلة لاختيار ممثلي الشعب أو الحكام من قبل الشعب، وبها يحصل الحاكم والممثل على صك الشرعية السياسية بمعنى حق اتخاذ القرار وتنفيذه. فإن حسن الأمر، فهي وسيلة عملية جيدة لإقامة سلطة محلية صالحة.

3) منح شرعية سياسية مباشرة لأعضاء لجان محلية منتخبة فعّالة في انتخابات أولية في القرى وأحياء القرى الكبيرة والمدن العربية في البلاد واجب وحق ومسار للتمكين الذاتي.

4) هذا التغيير لا يتناقض والقانون الحالي للسلطات المحلية في البلاد ولا يتطلب تغييرا قانونيا.

5) تنفيذ التغيير يتطلب تبنيه من قبل نخبة واعية مؤمنة بحتمية التغيير وضرورة التنمية. نقترح ما يلي:

أن تُجرى انتخابات أولية في القرى الصغيرة وفي حارات أو أحياء القرى الكبيرة والمدن بشكل مباشر لتشكل لجان منتخبة بيدها الشرعية لمواجهة التحديات الكثيرة التي نواجهها في الحاضر وفي المستقبل. يجب تكثيف الجهود ليتم تكليف أصحاب خلق وهمم وقدرات بناءة.

انتخاب اللجان المحلية أو لجان الأحياء يتم بشكل ديمقراطي وبمحبة وإخاء، ومن منطلق التكليف لا التشريف، أي من هو كفؤ ويرى نفسه بهذه الطريقة، يطرحه آخرون ويتم اختياره من قبل الناس بأغلب الأصوات.

تقام لجان انتخابات محلية يتحلى أعضاؤها بالأمانة والصدق والإخلاص، والتي تشرف على الانتخابات المحلية وتقر نتائجها بشكل مهني.

خلال الحملة الانتخابية المحلية، يقوم الإنسان بالتواصل مباشرة مع الناخبين، يطرح عليهم ما يراه مناسبا ويستطيعون تقييمه الدقيق دون اللجوء إلى عرض نفسه على منصة أو استعراضات باهظة الثمن. حيث أن التواصل المباشر يوفر ثروة كبيرة، ربما ملايين الشواقل، من الأفضل استثمارها في تقدم المجتمع.

التواصل المباشر يخلق عقدا اجتماعيا مباشرا ووثيقا مع الناس ولن يفلت الشخص من تحمل المسؤولية حين يفوز بثقة الناس. يراقبه الله ويراقبه الناس ولن يفلت من العقاب الاجتماعي إن حاد عن السبيل المتفق عليه مع الناس.

حين ينجح الشخص في الانتخاب يصبح عضوا في اللجنة المحلية التي يجب أن تتسلم بشكل فعلي مهمة التخطيط والمراقبة والمحاسبة الشعبية على كافة المستويات في المدى القصير وفي المدى البعيد فيما يتعلق بالقرية نفسها، والتنسيق مع اللجان المحلية الأخرى في القرى الأخرى أو الأحياء الأخرى حين نتحدث عن قرى كبيرة أو مدن.

تقوم هذه اللجان في إطار اجتماع عام بتكليف رئيس وأعضاء مجلس السلطة المحلية من بين صفوفها سواء كانوا ممثلين قوائم أو أحزابا سياسية، وفق ما هو وارد في القانون الرسمي. يجب أن يكون رئيس مجلس السلطة المحلية أو عضوها أعضاء في اللجنة المحلية أو لجان الأحياء وعضويتهم المزدوجة تزيد الالتزام تجاه المصالح العامة.

يتم انتخاب الرئيس واعضاء السلطة المحلية في يوم الانتخاب التي تحدده وزارة الداخلية بالتزكية اي ستكون بمثابة تحصيل حاصل.

يقوم باقي أعضاء اللجان المحلية أو لجان الأحياء بالعمل مع أعضاء مجلس السلطة المحلية، كل في موقعه، بإدارة شؤون القرية أو المدينة.

يتم تفريغ أعضاء اللجان أو لجان الأحياء المحلية العاملون عليها لخدمة مجتمعهم وبهذا يتقاضون معاشات ويطلب منهم الاخلاص والتفاني في العمل والحفاظ على شفافية كاملة. وتتاح لهم فرص المشاركة في المجلس المحلي حين يقرر قسم من أعضائه الاستقالة والعودة إلى اللجان المحلية للعمل من خلالها.

الدعم المالي الذي تخصصه وزارة الداخلية لتمويل حملات انتخابات المرشحين، سيتم وضعه تحت تصرف اللجنة المحلية، في بلد المرشح لتموّل عملها اليومي في إدارة شؤون البلد أو الحارة على اعتبار أنها من ترشحه وتقود معركته الانتخابية.

على أصحاب المهن المحليين تقديم خبراتهم في كل قرية أو حارة وعلى السلطة المحلية احترام تلك الخبرات وإتاحة الفرص لهم من أجل القيام بالخدمات المحلية. وهم أكثر الناس معرفة بما يدور وأكثرهم حرصا على توفير الإمكانيات وخلق فرص عمل محلية.

يقاس نجاح اللجنة المحلية والسلطة المحلية بالعمل وما تقدمه للناس على ساحة الواقع، ليراه الناس ويلمسوه طيلة الوقت، والنجاح نجاح جماعي، وما أجمله ونشعر به بكل حواسنا لأنه يسير بسهولة في شرايين الحياة. النجاح نجاح كل حريص على التقدم والازدهار.

الاقتراح الجديد: نقاط قوة

الموافقة بحد ذاتها على الاقتراح الجديد من قبل نخبة مؤثرة في المجتمع، وهذا يكفي حتى يبدأ انتهاجه، تعكس وعيا عند هذه النخبة وغلبة على الجهل، وفطنة لتدبير شؤوننا بأيادينا وقدراتنا، وصحياناً من السبات لنزيد احتمال النجاح في إدارة حياتنا في قرانا ومدننا العربية بالحصول على الخدمات العامة والخاصة الناجعة والصالحة، ونواكب التقدم على كافة المستويات.

هذا ما يساعد على تحدي محاولات السيطرة والتلاعب والفساد المتزايد داخل سلطاتنا المحلية. إن لم نقف بحزم وآمل كبير سوف يزداد الفساد تفشيا.

انتخاب لجان محلية في كل قرية وكل حي وفي كل مدينة، هو تكليف مباشر من الناس لمندوبيهم، والذي يشكل وسيلة أفضل لانتخاب رئيس وأعضاء مجلس السلطة المحلية ويساعد على توسيع رقعة المشاركة السياسية، فيقلل الترهل ويزيد توجهنا جميعا نحو تحدي الصعوبات، وهو أساس للتقدم، ووفق نظرية أرنولد توينبي "التحدي والاستجابة،" والتي تشكل أساس بناء حضارة وخلق تاريخ.

التكليف المحلي المباشر هو وسيلة فعالة للتأثير على التفاعل مع الأشخاص المكلفين، حيث يعرفهم الناس ويشاركونهم همومهم وآمالهم، ويبقون تحت مجهر الناس. وعند التقصير، يُكشف الأمر ويتم تداركه بأقل خسائر ممكنة، ويجب ألا يكون هنا أي احتمال للشماتة الحمقاء لأنه جلّ من لا يخطئ. هذا يقوي روح المشاركة السياسية حيث كل فرد يأخذ دوراً وأن يشعر كلّ فرد بانه عنوان.

بهذه الخطوة نحن نخلق قواعد جديدة لإدارة شؤوننا المحلية بها يتم الاستناد إلى قاعدة التدافع حيث يدفع الناس بعضهم بعضا، تزداد الدافعية الداخلية وروح التطوع والعطاء، من أجل المصلحة العامة والخير العام ومحاربة الفساد. روح التطوع عند الناس تشكل أساسا للتقدم الحضاري عن طريق تفجير طاقات كامنة هائلة في كل فرد من اجل المصلحة العامة مما يساهم كثيرا في تقدم المجتمع وإدراك التقدم السريع في العالم.

عندما يشعر المواطن أن هناك من يخدمه ويحرص على مصالحه لن يتردد في القيام بواجبه من دفع الضرائب المحلية المستحقة "الأرنونا" والإنفاق في سبيل المصالح العامة. عندها يكثر المحسنون ويزيد الاعتماد على الذات.

حين تكون الإدارات المؤهل موجودة يتعهد الناس بالمساهمة في مشاريع اقتصادية وتغطية تكاليف أخرى ويشاركون في تنفيذها لأنها منهم وإليهم. فتقام وتشيد المكتبات والمراكز العامة والحدائق العامة وغيرها من المشاريع العمرانية والتي تساعد في بناء مجتمع صحي.

الأموال المستحقة، سواء من ضرائب محلية أو من ضرائب عامة في الدولة سيتم الاستفادة منها كاملة وبشفافية، ما يقلل احتمال ضياعها اختلاسا وفسادا.

سيتم العمل على خلق اقتصاد محلي يتميز بالاكتفاء الذاتي. وسوف يتم إعداد خطة اقتصادية تظهر المواصفات والمميزات التي تتميز بها كل قرية أو حارة. وسيتم إقامة صندوق استثمار بمثابة وقفية جماعية يدعم المبادرات الجماعية والفردية التي ستعمل على ازدهار القرية أو الحارة اقتصاديا. وستشمل الخطة الاقتصادية تسهيلات لمستثمرين غير محليين.

انتخابات اللجان المحلية تقوي الألفة بين الناس وتضعف نزعة التعصب العائلي لأنه تفكير جاهلي.

رئيس وأعضاء مجلس السلطة المحلية يستمدون شرعيتهم من الناس ومن القانون العام وليس من موظف حكومي هنا أو هناك، مما يعطيهم قوة في مطالبة تحصيل الحقوق وإجبار السلطات المركزية القيام بواجبها تجاه المواطنين العرب، خاصة أن الأحزاب العربية في الكنيست الإسرائيلي ليست مشاركة في السلطة، وفي ظل السياسات الحالية، لا يمكن أن تشارك كونها أحزابا عربية، أي أنها بعيدة عن تقسيم الثروات في الدولة.

للمواطن العربي حقوق أساسية يجب انتزاعها من السلطات المركزية، كونه مواطنا ودافعا للضرائب مثل باقي المواطنين اليهود إن لم يكن أكثر.

وأخيرا علينا انتخاب لجان محلية ممثلة حقيقية للجماهير وتتمتع بشرعية مباشرة وتنتهج الشفافية، وهي بدورها ستقوم بانتخاب أو تحديد من الرئيس وأعضاء مجلس السلطة المحلية. وهذا يدفع للتخلص من عصر الوصاية والتحكم من قبل الحكومات الإسرائيلية على سلطاتنا المحلية ويقلل من احتمال وجود فساد. تبنّي هذا الاقتراح سيساعد على تفجير طاقاتنا الذاتية ويعمل على تنمية جيل جديد من القيادات السياسية خاصة ونحن نعيش أصعب السنوات الحالكة في تعامل السلطة المركزية معنا كمواطنين عرب. إن لم نأخذ الأمور بأيادينا ونضع حدا للفساد سنرتكب جرائم بحقنا وبحق الاجيال القادمة.

إن لم نضع حدا للفساد ونقتلعه من الجذور من بين صفوفنا سوف يتزايد وينتشر.

آمل ان يتقبل زعماؤنا الحاليون، وهؤلاء من يرون أنفسهم في المستقبل، هذا الاقتراح لنضعه موضع التنفيذ. لن تكون هناك عقبات أمام شعب يريد ويعمل من أجل الازدهار.


د. مسعود احمد إغبارية، أستاذ العلوم السياسية، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، فلسطين

[1] رحمه الله واسكنه فسيح جناته. توفي الاديب والمفكر في 23 آب، 2017 في قريته، مصمص. ويذكر أن أحمد حسين هو اخ الشاعر الفلسطيني المقاوم راشد حسين الذي صرخ صرخته القائلة: "سنفهم الصخر ان لم يفهم البشر أنّ الشعوب إذا هبت ستنتصر."

[2] حول أزمة السلطات المحلية العربية في البلاد، انظر دراسة للمؤلف تحت عنوان "أزمة الحكم المحلي العربي كرافعة ليهودية الدولة" نشر في كتاب المنتدى الفكري العاشر تحت عنوان "يهودية الدولة والداخل الفلسطيني"، مركز الدراسات المعاصرة، أم الفحم، 2010 ص ص :48-69

[3] نشر المقال على الرابط الآتي في صحيفة هآرتس بتاريخ 21 آب 2017 https://www.haaretz.co.il/misc/article-print-page/.premium-1.4367225

[4] كان لي شرف عظيم، كعضو هيئة تدريسية في الجامعة، ان اكون رئيس اللجنة التحضيرية الاكاديمية للمؤتمر ومن ساهم في تنظيمه.

[5] Massoud Eghbarieh (2014) “Arabs in Israel: How to Make Up a Proficient Society” in Majdi Taha (Ed) “Politics of Deficiency”, The Center for Contemporary Studies, Um El Phahem, Israel. Pp:133-172

 

التعليقات