10/09/2017 - 14:48

شعب اللحظة الأخيرة..

كثيرًا ما نسمع عن هدوء أعصاب الأوروبيين، وأنك نادرًا ما تسمع صافرة سيارة في الشارع، وإذا سمعت صافرة في أحد شوارع روما أو فيينا يتبين أن صاحبها من بلادك، بينما ينظر الأوروبيون إلى من يصفر باستغراب ودهشة، ثم نسأل أنفسنا

شعب اللحظة الأخيرة..

كثيرًا ما نسمع عن هدوء أعصاب الأوروبيين، وأنك نادرًا ما تسمع صافرة سيارة في الشارع، وإذا سمعت صافرة في أحد شوارع روما أو فيينا يتبين أن صاحبها من بلادك، بينما ينظر الأوروبيون إلى من يصفر باستغراب ودهشة، ثم نسأل أنفسنا لماذا نحن هكذا.

الانسدادات المرورية في بلادنا معروفة، يمكن القول إنها حتمية في مرحلة ما من الطريق، خصوصًا في ساعات الصباح وبعد العصر، نعرف هذا ولكننا عندما نسافر إلى موعد ما نهمل الوقت الضائع من حساباتنا، نعمل حساب المسافة وكأن الشارع مفتوح تمامًا لحضراتنا، كأن معجزة سوف تحدث اليوم، وبما أننا لم نعمل حساب الوقت الضائع يسخر الوقت منا ويحشرنا فننطلق بسرعة أكبر لنعوّض الدقائق التي خسرناها، في هذه الحالة يستفزنا من يسير بتمهل وحذر ونمرّ إلى جانبه منددين به بصفير وإشارات نابية وكأنه ارتكب حماقة كبيرة، وكثيرًا ما نغامر ونسرع أكثر كي نلحق الشارة الخضراء، أو كي نتجاوز شاحنة لأن الوقت يركض ركضًا، وهذا يُسبب خطورة وتورطا في حوادث طرق، إضافة إلى حشد الأعصاب، فالجميع يصفّر وسريع الاشتعال، كأن الشارع ساحة معركة.

معروف أن المدارس تفتح أبوابها في الأول من أيلول، ولكن بسبب العيد أُجل افتتاحها حتى الخامس من أيلول، كان مع الأهالي والطلاب مدة أكثر من ستين يومًا لاقتناء الكتب وإعداد أبنائهم، ولكن من مر بمحاذاة مكتبة في بلداتنا مساء الخامس من أيلول رأى الناس الواقفين بالدور لاقتناء الكتب والقرطاسية لأبنائهم، والسيارات التي لا تجد موقفا فيغلق بعضها نصف الشارع، والجميع في حالة توتر، فهل كان من الصعب اقتناء القرطاسية في الأسابيع الماضية، وتجنب التوتر والضغط وهدر الوقت!

تاريخ حلول العيد معروف للجميع، في ليلة الوقفة تجد المحلات التجارية والملاحم مكتظة، تضطر للانتظار ساعات أحيانا، كثيرون يقضون يوم الوقفة في الركض من مكان إلى مكان لمقتنيات العيد، ما المشكلة باقتناء ضرورات العيد قبل ثلاثة أيام أو حتى أسبوع في بحبوحة الوقت ومن دون توتر وضغط، لماذا التأجيل حتى الوقفة فترى الناس وكأنهم في يوم الحشر، كثيرًا ما يفسد هذا فرحة العيد.

تصل ورقة الكهرباء والهاتف ومخالفة السير وضريبة الدخل والتأمين الوطني وضريبة البلدية وثمن المياه والهاتف ورخصة السيارة كلها في موعدها، ولكن أكثرنا يؤجل الدفع وينسى أو يتناسى ويفطن ثم ينسى فندفع مخالفة السير أكبر من قيمتها الأصلية بنصف ضعف مكافأة لشرطة إسرائيل، والبعض لا يهمه أن يسير بسيارته بضعة أيام بدون ترخيص أو تغطية تأمين، وكثيرًا ما يؤدي إلى مضاعفات مالية، ويتورط البعض بسبب تأخره في دفع المستحقات الرسمية فيُحجز على حسابه في البنك وهذا يزيد من ورطته ويضطره لبذل جهود كبيرة وإضاعة وقته وماله، كل هذا يسبب توترًا وضغطا كبيرًا.

نصل إلى الفرح متأخرين عن الموعد المحدد في بطاقة الدعوة، فنحرج أصحاب الفرح ونقف في حيرة أين نجلس، ويضطر البعض للجلوس في مكان لا يناسبه، فقد يجد نفسه بين شبان صغار السن صاخبين بينما هو كهل مع زوجته يريد مكانا أقل صخبًا، أو يجد نفسه على طاولة واحدة مع أناس لا علاقة تربطه بهم، وصولك إلى الفرح في الوقت المحدد منذ البداية يمنحك فرصة اختيار مكان جلوسك والحصول على واجبك براحة وبدون ضغط لا لك ولا لصاحب الفرح.

بعض الطلاب يؤجلون الاستعداد للامتحان حتى الليلة الأخيرة، وبعد النتيجة المتوسطة يقولون، لو أنني قرأت أكثر لكنت حصلت على علامة أعلى! ما المشكلة بأن تستعد للامتحان قبل موعده بشهر أو أسبوعين ولماذا ترضى بعلامة متوسطة إذا كنت قادرًا على تحصيل علامة جيّد جدًا!

في الرحلات الجماعية، ينطلق المشاركون إلى الأسواق ويتفقون على اللقاء في مكان ما في ساعة محددة، البعض يلتزم ولكنه يضطر لانتظار أولئك الفوضويين، وأحيانا تضطر الحافلة للمضي ناقصة وقد يعترض البعض وتحدث مشكلة وتتحول الرحلة الجميلة إلى وجوه عابسة غير راضية وقَسمٍ بأغلظ الإيمان بعدم تكرار رحلة مع مجموعة.

المطار يفطن البعض لاقتناء شيء ما من المنطقة الحرة في اللحظات الأخيرة، فينتظره الجميع، وإذا تأخر تأخذهم الظنون ما الذي حدث له، وقد يرسلون من يبحث عنه فيختفي هو الآخر! في النهاية السعيدة يطل راكضًا وبيده كيس المقتنيات وهو يردد...متأسف، متأسف كان أمامي دور طويل.

بمثل هذه المعايير المُحبطة للجمهور تعامل ويتعامل بعض مركبات القائمة المشتركة في قضية التناوب، علما بأن تاريخ تنفيذ اتفاق التناوب محدد بالضبط، ولكن بعضهم مثل ذلك الذي يظن أنه فريد عصره وعلى الجميع انتظاره بل والتوسل لإقناعه بتنفيذ اتفاق مُوقّع، على كل حال حتى الآن لم ينفذ سوى جزء من الاتفاق وبتأخير، ونأمل أن لا تتحول القضية إلى نصب واحتيال تحت غطاء الخلاف في تفسير الاتفاق، بعدما كانت قضية تأخير فقط.

التعليقات