16/09/2017 - 10:54

كابوس الجمعية العمومية

إذا أردنا اللجوء إلى تقييمات الفطرة العربية، فيكفي لنا أن يكون المؤتمر السنوي للجمعية العمومية مؤتمرا حاضنا للاحتلال وحكومته، وفرصة لتنظيم وترتيب لقاءات سرية أو مصافحات بـ"المصادفة"، كي يتحوّل هذا المجمع الدولي المساند ومناسبته من حدث قد يحمل الأمل لشعب

كابوس الجمعية العمومية

تغيّر المشهد الأممي في الجمعية العمومية للأمم المتحدة كليا، لم يعد ذلك المشهد الذي حقق فيه ياسر عرفات (أبو عمار) في خطابه الأول أمامها عام 1974 تكريس ملف فلسطين وقضية فلسطين باعتبارها قضية شعب، يقاوم الاحتلال، يحمل غصن الزيتون تعبيرا عن استعداده للسلام، لكنه يرفع بيده الأخرى بندقية الثائر. هذا المشهد لن يتكرر بعد الآن، ولن نطالعه بكل تأكيد الأسبوع المقبل، ففلسطين الرسمية لم تعد تؤمن بخيار استراتيجي سوى خيار المفاوضات، ولم يعد التعاون مع الاحتلال في قاموسها معيبا أو شائنا، بل صار تنسيقا وأمرا مقدسا.

إذا أردنا اللجوء إلى تقييمات الفطرة العربية، فيكفي لنا أن يكون المؤتمر السنوي للجمعية العمومية مؤتمرا حاضنا للاحتلال وحكومته، وفرصة لتنظيم وترتيب لقاءات سرية أو مصافحات بـ"المصادفة"، كي يتحوّل هذا المجمع الدولي المساند ومناسبته من حدث قد يحمل الأمل لشعب فلسطين إلى كابوس، ولو لأنه بات محل احتفاء إسرائيلي لا غير.

والمؤسف أن لقاءات نيويورك هذه باتت تحمل كل مرة، خيبة أمل ليس فقط لفقدان لهيب الخطاب الثوري والوطني، بل لتغيّر نبرة الخطاب من المطالبة بحق الاستقلال والتحرير، إلى الاستجداء مع ما يرافقه من تذلل يتجلى بإعلان اليمين بحق إسرائيل بالوجود وتمني العيش بسلام بجوارها، بعدما كانت إسرائيل الطرف الذي يستجدي الاعتراف من العرب وغيرهم بمجرد وجودها. ثم طورت خطابها إلى اشتراط الاعتراف بيهوديتها أولاً وبأنها الوطن القومي لليهود، بينما يصر قادتها على أن أقصى ما يمكن تقديمه لأهل البلاد الأصليين هو دولة ناقصة السيادة، أو شبه دولة ومسخ دويلة.

مرة أخرى استبقت القيادة الفلسطينية، على عادتها في السنوات الأخيرة، انعقاد المؤتمر بتقديم تنازلات لإسرائيل، فسحبت طلب انضمامها لمنظمة السياحة العالمية، تماماً كما سحبت قبل تسع سنوات تقرير غولدستون، ثم سحبت طلب طرد إسرائيل ليس كلها، بل بضعة فرق رياضية للمستوطنات من الفيفا.
ويبدو أن الحبل على الجرار على الرغم من أن مقربين من الرئيس الفلسطيني محمود عباس تعهّدوا بخطاب "مقاتل"، إلا أنه يبدو أن ذلك لن يتم في ظل ما يرشح عن ضغوط أميركية تطالب بخطاب "معتدل" كشرط مسبق لعقد اللقاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي لا يخفي تحيزه الكامل لأشد حكومات إسرائيل تطرفاً وطمعاً في الأرض العربية.

التعليقات