01/11/2017 - 09:02

نُشر قبل 13 عامًا

قبل 13 عامًا، قيلت في دولة الاحتلال أشياءٌ بشأن ما صار فيها لاحقًا على المستوى الداخلي. ففي أيلول/ سبتمبر 2004، نشرت مجلة ذي ماركر، المتخصصة بشؤون سوق المال والأعمال، لائحة بأسماء "المائة شخص الأكثر تأثيرًا على اقتصاد إسرائيل". وتصدّر القائمة بنيامين نتنياهو الذي

نُشر قبل 13 عامًا

قبل 13 عامًا، قيلت في دولة الاحتلال أشياءٌ بشأن ما صار فيها لاحقًا على المستوى الداخلي. ففي أيلول/ سبتمبر 2004، نشرت مجلة ذي ماركر، المتخصصة بشؤون سوق المال والأعمال، لائحة بأسماء "المائة شخص الأكثر تأثيرًا على اقتصاد إسرائيل". وتصدّر القائمة بنيامين نتنياهو الذي كان وزيرًا للمال. ولاحظ محرّر المجلة أن هناك غيابًا مُطلقًا في اللائحة لأربعة نماذج من شخصيات مجردّة، هي: 

أولاً، عضو كنيست، وزير أو زعيم سياسي يحمل كل منهم لواء محاربة الفساد المستشري في القطاع العام، كما في السياسة وعالم الأعمال. وبرأيه، لا بد أن تتحلى هذه الشخصية بما يسميها "المفعولية الأخلاقية" في توجيه النقد إلى الآخرين، ومن أن يكون يضطرم في داخلها لهيب الرفض للفساد وانعدام الحياء، على حد تعبيره.

ثانياً، رجل أعمال راكم، في الأعوام الأخيرة، ثراء فاحشًا فقط من بيوع شركة "هايتك" كبيرة، وحصل على تمويل لمشروعاته، وبلغ مكانته المؤثرة المرموقة بدون أدنى استعانة بالسلطة المركزية، ومن غير أن يسرق ويمارس "هواية" تدوير الزوايا الحادة. 
ثالثاً، مدير كبير في هيئة رسمية يتولى شؤون إدارة وتصريف مليارات الشواكل "من أموال أشخاص آخرين"، ويحارب، يوميًا، الأنماط السلوكية المُختلة والمعتلة للمديرين، وأصحاب الشأن في شركات البورصة المتعددة. ويلجأ هذا المدير إلى جميع الأدوات القضائية والجماهيرية التي بحيازته في سبيل الحؤول دون سرقة أموال الغير، وسعيًا إلى تكريس أنماط أداءٍ أكثر صحة ومعقولية.
رابعاً، موظف مسؤول في الجهاز القضائي، حولته حربه التي لا هوادة فيها ضد الفساد وضد العلاقات المختلة بين الثروة والسلطة، ليس فقط إلى مصدر يبعث الرعب في القطاع الجماهيري، وإنما أيضًا إلى رمز وأمل في منظور مئات آلاف المواطنين الذين أخذ منهم اليأس كل مأخذ خلال الفترة الأخيرة، من جراء الانغلاق واللامبالاة العامة حيال الفساد المستشري. يمكن أن يصبح مثل هذا المسؤول حقيقة واقعة، في المناخ الإسرائيلي، إذا ما تحرّر مرة واحدة وأخيرة من عباءة التعابير البراقة ومغسلة الكلمات القضائية، وأصبح في قدرته أن يهزّ أركان المنظومة السائدة لدى انكشاف أي فضيحة فساد، بما يفضي إلى دفع رئيس حكومة أو وزير أو عضو كنيست أو عضو مركز حزب حاكم أو موظف مسؤول أو رجل أعمال نحو تقديم استقالته على الفور.

ويؤكد المحرّر، تعليقًا على اللائحة المذكورة، أن ليس كل شخص اغتنى ناجحاً بالضرورة، لأن هناك أهمية للسؤال بشأن كيفية بلوغه هذه المكانة، كما أن ليس كل من يؤثر ينبغي أن يكون شخصية مثيرة للإعجاب والاحتذاء، لأنه يتعين بدايةً السؤال عن المجالات التي يؤثر فيها، وعن ماهية هذا التأثير من الناحية الأخلاقية.

وقبل ثلاثة عشر عامًا أيضًا، صدر في إسرائيل كتاب الخبير القانوني، موشيه نغبي، "أصبحنا مثل سدوم: في المنزلق من دولة قانون إلى جمهورية موز"، جاء في تظهيره: "عصابات الإجرام المُنظّم تزرع العنف في شوارع إسرائيل، وأذرعها تتغلغل في سلطات النظام الحاكم، وتهدّد بالمساس بالديمقراطية من الداخل. قتلة، مغتصبون، أزواج عنيفون وتجار نساء يتجولون بيننا طلقاء، بسبب حدب المحاكم. أماكن لوائح المرشحين للكنيست تُباع في وضح النهار عدًّا ونقدًا، أو بما يعادل النقود، والساسة الذين يشترونها هم الذين يشّرعون قوانيننا.. مواطنون عاديون يذوقون مرّ العذاب في غياهب السجون والمعتقلات، دونما ذنب اقترفوه، بينما يواصل مسؤولون كبار، استغلوا مناصبهم لتحسين وضعيتهم ووضعية المقرّبين منهم، لهاثهم نحو القمة بدون حسيب أو رقيب. القضاء العسكري يمنح حصانة للقادة الذين أهدروا بإهمالهم الإجرامي حياة جنودهم، أو استغلوا جنسيًا جندياتهم، وأيضًا للذين ينكلون بالفلسطينيين. الإعلام الباحث عن الحقيقة اللسّاع يفقد نيوبه، ويأخذ مكانه إعلام امتثالي وفاسق. وأفظع من هذا كله أن سلطات القانون مشلولة تمامًا حيال التحريض والعنف الديني – القومي، اللذين سبق أن أديّا هنا إلى اغتيال رئيس للحكومة" (يقصد يتسحاق رابين الذي اغتيل عام 1995).

 

التعليقات