31/01/2018 - 15:20

حول الخرائط الهيكليّة ومراحل تقديم دعاوى التعويضات

الخرائط الهيكليّة التي تتمّ المصادقة عليها، تسبّب أحياناً ارتفاعا في قيمة العقارات، وبالتالي، تفرض السلطة المحليّة على المالك تقديم ضريبة تتلاءم مع هذا الارتفاع; تصل إلى 50% منه. على سبيل المثال، إذا تمت المصادقة على خارطة هيكليّه جديده ترفع نسبة

حول الخرائط الهيكليّة ومراحل تقديم دعاوى التعويضات

الخرائط الهيكليّة التي تتمّ المصادقة عليها، تسبّب أحياناً ارتفاعا في قيمة العقارات، وبالتالي، تفرض السلطة المحليّة على المالك تقديم ضريبة تتلاءم مع هذا الارتفاع; تصل إلى 50% منه. على سبيل المثال، إذا تمت المصادقة على خارطة هيكليّة جديدة ترفع نسبة البناء من 140% إلى 200%، تكون قيمة عقارك قد ارتفعت. وبالتالي يتوجّب عليك دفع ضريبة للسلطة المحلية تصل إلى 50% من الارتفاع بالقيمة (هناك بالطبع إمكانية للاستئناف على هذه الضريبة، لأن تخمين السلطة المحليّة لارتفاع القيمة يكون مبالغا فيه عادةً حتى يتمّ دفع ضريبة أعلى).

بالمقابل، هناك الكثير من الحالات قد تُسبّب فيها الخرائط الهيكلية الجديدة هبوط قيمة العقار (عندما يتمّ تخطيط شارع يمرّ بأرضك أو حتى بجوار أرضك أو عندما يتمّ تخطيط لبناء مؤسّسه عامّه قريبه من بيتك أو محطّة وقود، الخ); وبالتالي يكون لك الحقّ في تقديم دعوى تعويضات على الضرر الناجم عن الخارطة، وذلك بحسب المادة 197 لقانون التخطيط والبناء-1965 (لاحقاً: "قانون التخطيط والبناء"). عادةً، تعتبر هذه المرحلة (مرحلة المصادقة على الخارطة الهيكليّة)، مرحلة أولى قبل مصادرة الأرض بشكلٍ فعليّ لاحقاً.

بناءً على ذلك، واعتماداً على ما ينصّ عليه القانون، عندما تتمّ المصادقة على خارطة هيكليّه تؤدّي إلى هبوط قيمة العقار (أرض، بيت، مصنع والخ)، تكون أمام المالك إمكانية لاستعمال حقّه في تقديم دعوى تعويضات على مرحلتين:

المرحلة الأولى: تقديم دعوى تعويضات بحسب المادة 197 لقانون التخطيط والبناء. وذلك للتعويض عن هبوط قيمة العقار، نتيجة التغيير في إمكانيات استعماله المتاحة بحسب التخطيط الجديد (مثلاً تحويله من أرض خاصّه للبناء إلى أرض عامّه لتوسيع شارع).

ب. المرحلة الثانية: تقديم دعوى تعويضات عن المصادرة الفعليّة للأرض (التي يمكن أن تحصل بعد سنوات طويلة).

اذاً، عندما تتمّ المصادقة على خارطة هيكليّه جديده للمنطقة التي تمتلك فيها عقاراً، والتي ستحوّل عقارك – في المستقبل – إلى ملكٍ عام، يمنحك القانون الحقّ في تقديم دعوى تعويضات مباشرة بعد المصادقة على الخارطة الهيكليّة، وفي المستقبل، بعد تنفيذ المصادرة بشكلِ فعليّ – أحياناً قد تحصل بعد سنوات طويلة – يمكنك تقديم دعوى تعويضات أخرى ولكن هذه المرّة على المصادرة نفسها.

يجب التنويه هنا، إلى أنّ إمكانيّه تقديم دعوى التعويضات الأولى كما ذكرنا (بعد المصادقة على الخارطة الهيكليّة الجديدة)، ليست منحصرة فقط على الحالات التي يتم فيها تحويل عقارك إلى ملك عام (أي مصادرته في المستقبل)، بل هي ممكنه أيضاً إذا سبّبت الخارطة هبوط قيمة عقارك. بمعنى، العقار سيبقى لك ولن تتمّ مصادرته لاحقاً، ولكن ستهبط قيمته نتيجة التخطيط الجديد (كتغيير في نسبة البناء المتاحة مثلاً أو نتيجة التخطيط لبناء محطة وقود بالقرب من عقارك، الخ)، وبالتالي يحقّ لك تقديم دعوى تعويضات على هبوط قيمة العقار.

إمكانيّة تقديم دعوى التعويضات الأولى بحسب قانون التخطيط والبناء وقرارات المحاكم المختلفة، محدّدة لمدّة تصل إلى 3 سنوات فقط. هذه المدّة تبدأ عند المصادقة على الخارطة الهيكليّة الجديدة وتنتهي بعد 3 سنوات منها. وبالتالي، إذا تأخّرت في تقديم دعوى التعويضات لأكثر من 3 سنوات، سيتمّ رفضها لأنه قد تمّ تقديمها في فترة التقادم (هناك إمكانية لتقديم طلب خاص لوزير الداخليّة من أجل تمديد المدّة لأسباب معيّنة، ولكن من الأفضل تقديمها خلال الـ 3 سنوات).

لتسهيل الفكرة، يمكن أن نذكر حالات كثيره مثّلنا بها أصحاب أراض زراعية، بعد أنّ تمت المصادقة على خارطة هيكليّه جديدة تحوّل الأراضي من استخدامها الزراعي إلى ما يعرف بـ "استخدام عام" (مثل شقّ أو توسيع شارع أو بناء مؤسسة عامة والخ). في هذه المرحلة – وقبل مصادرة الأرض بشكل فعليّ من أجل شقّ أو توسيع الشارع – يجب تقديم دعوى تعويضات بحسب المادة 197 لقانون التخطيط والبناء; لأنّ الضرر الناجم عن الخارطة الجديدة قد حصل فعلاً في يوم المصادقة عليها، دون علاقة مع موعد شقّ الشارع الفعلي، أي موعد المصادرة (الذي، كما ذكرنا، يمكن أن يحصل بعد سنوات طويله). وفيما بعد، أي بعد السيطرة على الأرض ومصادرتها عمليّاً، يمكن تقديم دعوى أخرى للتعويض عن مصادرة الأرض. ولكن هنا يجب التنويه، إلى أنّه في هذه المرحلة يتم تقدير مبلغ التعويضات بحسب قيمة الأرض الجديدة (أي بعد تغيير امكانيات استعمالها من أرض زراعية إلى شارع)، وبالتالي تكون قيمتها منخفضة نسبةً إلى تعويضات المرحلة الأولى.

علينا أن ندرك، بأنّ التعويضات هي من حقّ المالك، ولكن تُدفع له فقط بعد مطالبته اللّجنة المحليّة للتخطيط والبناء بذلك، والتي بدورها تحاول عدم إعلام المالك بحقه هذا. هنا يجب أن نشير إلى أنّ اللجنة المحليّة ليست ملزمة بإعلام المالك بشكل شخصي حول التخطيط الجديد على أرضه، ولكن هي ملزمة فقط بنشر إعلان في الصحف اليوميّة (والإعلانات هذه تكون عادة مبهمة ومعدّه فقط للمختصين في مجال الأراضي).

بالمقابل، عندما نتحدّث عن خارطة تقسيم أرض أو خارطة هيكليّة تتعلق بقسيمة أرض تصل مساحتها إلى 3 دونمات فقط، فإن اللجنة المحليّة للتخطيط والبناء تكون ملزمة بإعلام المالكين بشكل شخصي.

بناءً على ذلك، وبما ان اللّجان المحليّة للتخطيط والبناء ليست ملزمه بإعلام المالكين بشكل شخصي عن الخرائط الهيكلية المصادق عليها، فانّ المشكلة الحقيقيّة تكمن عند تقادم دعوى التعويضات الأولى (أي بعد مرور 3 سنوات على المصادقة)، فتكون أمام المالك امكانية واحده فقط وهي تقديم دعوى تعويضات عن المصادرة الفعليّة للأرض، والتي تكون – كما ذكرنا – تعويضات قليلة مقارنة بالتعويضات الأولى. برأينا، يجب هنا تعديل القانون وإلزام السلطات أن تعلم المالك بشكل شخصي مباشرةً بعد المصادقة على الخرائط الهيكلية، حتى يتسنى له تقديم دعوى تعويضات أو مواجهتها قانونيا في المحاكم قبل تقادم حقه هذا.

باختصار، علينا أن ندرك بأنّه عند المصادقة على الخرائط الهيكليّة، يكون لنا الحقّ الكامل في تقديم دعوى تعويضات خلال 3 سنوات من موعد المصادقة، وعليه فإنّه من واجبنا متابعة موضوع التخطيط على الأراضي، دون انتظار إبلاغنا بذلك، لأنّه لن يتمّ.

* المحامي نضال داوود – حاصل على اللقب الثاني في القانون من جامعة تل-أبيب وجامعة كاليفورنيا – بيركلي، ومختصّ في مجال الأراضي والعقارات.

التعليقات