03/03/2018 - 09:44

أوهام الحل الدولي

يبدو أنه لا حدود لقدرة السلطة الفلسطينية على مواصلة الاستسلام لأوهام الحل الدولي لإنهاء الاحتلال، في ظل الظروف الدولية الراهنة، وسط استعداد وموافقة عربيين لمسار "صفقة القرن" التي يعد لها الرئيس الأميركي دونالد ترامب

أوهام الحل الدولي

يبدو أنه لا حدود لقدرة السلطة الفلسطينية على مواصلة الاستسلام لأوهام الحل الدولي لإنهاء الاحتلال، في ظل الظروف الدولية الراهنة، وسط استعداد وموافقة عربيين لمسار "صفقة القرن" التي يعد لها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. يعود السبب إلى ما قاله الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمام المجلس الثوري لحركة فتح في رام الله، بشأن عقد مؤتمر دولي تنبثق عنه آلية لإنعاش واستعادة المفاوضات وبث الحياة مجدداً في العملية السلمية، معتبراً أن "الآلية الدولية ستعمل على إطلاق مفاوضات جادة وحقيقية، بهدف الوصول إلى مبدأ حل الدولتين، لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967."

وتكمن المشكلة في خطاب الرئيس عباس وحديثه المفعم بالتفاؤل عن الآلية الدولية، في كون الأوضاع الدولية السائدة لا ترشح أي طرف دولي، على استعداد لخوض غمار مواجهة تتعدى التصريح الكلامي إلى الفعل على الأرض، مع الإدارة الأميركية برئاسة ترامب، لمحاولة جرّ هذه الإدارة أو الضغط عليها لتغيير موقفها المنحاز كلياً لإسرائيل لجهة اعتماد موقف يأخذ بالحقوق الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية.

فروسيا ليست في وارد مواجهة كهذه بفعل مصالحها المختلفة، فهي لا تريد تصعيد مواجهة مع البيت الأبيض على خلفية الملف الفلسطيني، في الوقت الذي تحاول فيه الوصول إلى تنسيق عالي المستوى في ملفات الخلاف مع البيت الأبيض، ومنها ملف أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، ومجال المناورة الواسع الذي يتيحه ترامب لها في سورية لدرجة تكريسها صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة، ما دامت تحفظ لإسرائيل حرية الحركة في الأجواء السورية.

والاتحاد الأوروبي الذي يعاني من ضربة الانسحاب البريطاني منه لا يرغب في التخلي عن الدعم الأميركي له في مواجهة الأخطار التي تشكلها روسيا، خصوصاً في ملف شبه جزيرة القرم وملفات الطاقة واستيراد الغاز من روسيا. والأمر ذاته ينطبق على الصين التي تواجه بدورها محاولات ترامب لضرب نشاطها الاقتصادي الدولي وتجارتها العابرة للقارات، ناهيك عن مشاكلها في جنوب شرق آسيا وفي شبه الجزيرة الكورية.

أما دول "الرباعية العربية": السعودية والإمارات ومصر والأردن، فهي تجاهر بتأييدها لخطة ترامب حتى قبل إعلانها رسمياً وقبل طرحها للتداول. ويعني هذا عملياً أن خطاب عباس الأخير وما سبقه في مجلس الأمن لن يبقى أكثر من حبر على ورق و"آمال" هي في واقع الحال أوهام حارقة.


                     (العربي الجديد)

التعليقات