05/04/2018 - 11:42

غزة ووقت نتنياهو الضائع

لم يعد هناك أي مجال للكذب والشمس لا تغطى بعباءة. فمسيرة العودة أرادت أن تنفض الغبار عن ملف عودة اللاجئين الذي أبدع حكام العرب بالتلاعب به، وتذكير إسرائيل بأن القضية ما زالت حية

غزة ووقت نتنياهو الضائع

اعتبر الصحافي الإسرائيلي أمير أورن، في موقع "واللا" الالكتروني الإسرائيلي في الثاني من نيسان/أبريل الحالي، في تحليل يخدم الأجندة الصهيونية، أن الدوافع الأساسية لمسيرة العودة في غزة، يوم الجمعة الماضي، هي اقتصادية - اجتماعية سببها الحصار على عزة، زاعما أنه إذا أرادت غزة أن تنتفض فلا مكان لهذه الانتفاضة على الحدود الإسرائيلية أو حدود ١٩٤٨، وكان يجب على أهل غزة أن يوجهوا غضبهم نحو مصر وحكامها.

في هذه الكلمات القليلة والبسيطة الكثير من المغالطات وحرف الحقائق التاريخية عن مسارها إضافة لطمس حقيقة المسيرة، وهي تذكير العالم قبل الإسرائيليين بحق العودة.

لم يعِ هذا الصحفي أنه لم يعد هناك أي مجال للكذب وأن الشمس لا تغطى بعباءة. فمسيرة العودة أرادت أن تنفض الغبار عن ملف عودة اللاجئين الذي أبدع حكام العرب بالتلاعب به، وتذكير إسرائيل بأن القضية ما زالت حية.

لمعبر رفح وتعامل المصريين مع الحصار على غزة حيثيات من الممكن أن نخوضها في مناسبة آخر. أما بالنسبة لحق العودة، فإن مصر لم تكن طرفا ولَم ترحل الفلسطينيين عن أراضيهم سنة ١٩٤٨، لا بل إسرائيل من فعلت ذلك. وللفلسطينيين الذين هجروا كامل الحق بالعودة إلى أرضهم وما قاموا به هو اضعف الإيمان وهو رمزية العودة والمسير نحو أراضي ١٩٤٨.

وما بين الرواية الصهيونية والحقيقة هناك فرق شاسع لا يمت للواقع بصلة. فالحصار والقمع والبطش في غزة لم يعد يؤثر على أهل غزة أو يرهبهم، وهم اعتادوا الأزمة واعتادوا الحصار والشح فشعب الجبارين لا يقهر. ولكن هذا الشعب حرّكه حبه لوطنه ولمسقط رأسه، ولحركته هذه الدور الأكبر بتذكير العالم والإسرائيلي بأن حق العودة حق لا يموت بل شعلة يمررها جيل لجيل.

وما أن خرج أهل غزة لينتفضوا، وإلا بمن يلعب في الوقت بدل الضائع، آخر ملوك اسرائيل، بنيامين نتنياهو، يستغل المسير والنفير نحو أرض الآباء والأجداد ويحرف الحقائق، مستغلا تطرف جمهوره، واصفا ذلك بأنه عمل إرهابي تقف وراءه جماعات إرهابية تريد محو إسرائيل، متبنيا بذلك الرواية التي تستقطب أوساط واسعة وتأييد منقطع للنظير، في محاولة لتحييد قضايا فساده جانبا.

سخرية الأقدار أن يتهم قاتل الأطفال والشباب، دون هوادة ودون تردد، منظمي مسيرة سلمية بالإرهابيين، والأنكى من ذلك أنه ما زال هناك من يطبل ويزمر لمثل هذه الادعاءات.

إن التهويل وسياسة الترهيب التي يتبعها نتنياهو ومؤسسته، تعتبر سياسة ناجحة وتفي بالغرض، فما أن يلوح نتنياهو بكلمة إرهاب وأن المؤسسة الصهيونية بخطر، ترى أوساطا واسعة من المجتمع الإسرائيلي تغفر له وتشفع له وتسانده حتى بمعركته الوهمية، متناسية قضايا الفساد التي تعيب سارق عبوات فارغة فكم بالحري إذا كان رئيس حكومة.

لمن يشكك بأهل غزة، فأهل غزة أخيار صامدون، لا يزاودون، يدافعون عن أرضهم وعرضهم وحتى أنهم يناضلون على أكثر من جبهة، فهم الْيَوْمَ وضعوا قضية اللاجئين في الصدارة، في الوقت الذي فيه يتآمر الكثيرون على اللاجئين وحقهم بالعودة لأرضهم.

ولمن يوهم نفسه أن القضية الفلسطينية انتهت وان اللاجئين استوطنوا حيث مكان تواجدهم وأنهم قد نسوا مسقط رأسهم، فهو واهم.

فحق العودة ينبض على الدوام، ولا المعاهدات ولا المؤامرات، قادرة عن نزع حق العودة وتشبث الفلسطيني بأرضه.

فلسطين كريمة وأهلها أخيار، تقدم الشهداء بغزارة، لا تهادن، لا تساوم ومستعدة دائما لأية مواجهة، فالشرف لا يشترونه من واشنطن ولا من تل أبيب، بل ينقبون عنه بأحذية أطفال غزة وشهدائها أو تحت أقدامهم حيث منبع الكرامة والشهامة. ومهما طال حكم نتنياهو، فهو زائل وتبقى شجرة الكرامة تنبت وسيبقى منبع الشرف يضخ في غزة.. في فلسطين.

التعليقات