10/04/2018 - 16:22

مسيرة سخنين رد فعل بائس..

ما زال الوقت أمامنا للحاق بركب غزة، وجعل مسيرات العودة تحاصر إسرائيل من كل نواحي جدران وأسلاك الحدود المصطنعة التي أقامتها بين أجزاء الوطن الواحد لإحكام سيطرتها عليه وتعميق الفرقة بين أهله، رغم سعيها الحثيث لتوحيده فعليا تحت سيطرتها

مسيرة سخنين رد فعل بائس..

مظاهرة "رفع العتب" التي نظمتها لجنة المتابعة، السبت الفائت، في سخنين وشارك بها المئات، لا ترتقي إلى مستوى الحدث الفلسطيني الذي يتشكل على جانبي الشريط "الحدودي" الفاصل بين أهل غزة ولاجئيها وبين سائر الوطن الفلسطيني فقط، بل هي تندرج ضمن ما وصف بردود الفعل "البائسة" التي انطلقت حتى الآن في الضفة الغربية والداخل الفلسطيني.

ويبدو من الواضح أن موقف الداخل الفلسطيني (الرسمي، على الأقل)، هو موقف يزداد في الآونة الأخيرة تأثرا وتناغما مع موقف السلطة الفلسطينية في رام الله، التي لا تخفي مساهمتها في تضييق خناق الحصار المفروض على القطاع تحت ذرائع مختلفة، وبهدف الضغط على حماس للخضوع لشروط المصالحة التي ترغب بها تلك السلطة.

الموقف المذكور يفقد هذا التجمع الفلسطيني حياده في الصراع الداخلي ومكانته المتميزة التي يكتسبها من الوقوف على مسافة واحدة من طرفي الانقسام الفلسطيني، وهو بالتالي يؤثر على دوره الموضوعي والفعلي في توحيد الجسم الفلسطيني، ويساهم في تعميم الانقسام وتعميقه.

لقد اكتسبنا، نحن البقية الباقية في الداخل الفلسطيني، موقعنا في صلب قضية شعبنا، ليس لأننا بقينا في الوطن فقط، بل لأننا بقايا من توزعوا في كافة أنحاء الجغرافيا السياسية الفلسطينية في الضفة وغزة والشتات. فنحن الجذر الباقي من " شعب اللاجئين" الموزع بين الضفة وغزة، "نصفنا" في الشاطئ وجباليا، و"نصفنا" الآخر في الدهيشة والجلزون، و"نصفنا" الثالث في الوحدات واليرموك وعين الحلوة. نحن جسم الوطن الذي تشكل غزة والضفة جناحيه، ولا يمكن أن نكون إلا كذلك.

لا يمكن أن نكون إلا مع "غزة"، ومع نضالها، ومع والالتحام مع مسيرة العودة الكبرى المنطلقة منها، تتطلب من أحزابنا وهيئاتنا وجماهيرنا جهدا أكبر من الذي بذل حتى الآن، وعملا وتجنيدا والتفافا أوسع مما كان، لأن تلك المسيرة التي عمدت طريق العودة بدماء عشرات الشهداء الغزيين، وهي بغض النظر عن المنطلقات التكتيكية لمن يقف وراءها تضع لبنات إستراتيجية العودة، وتعيد القضية الفلسطينية، بمضمونها الجوهري، إلى بساط البحث الدولي، وتحرج أنظمة العمالة العربية التي خلعت عنها برقع الحياء، وانتقلت من موقف الحياد إلى التحالف العلني مع دولة الاحتلال.

غزة قطعة عزيزة وأبية من فلسطين، منها انطلقت الرصاصة الأولى في المقاومة المسلحة بعد احتلال 1967، ولم تتوقف قبل أن تفقد شارون توازنه. ومنها انطلق أول حجر في المقاومة الشعبية السلمية خلال الانتفاضة الأولى، فأفقدت رابين أعصابه حتى تمنى أن تغرق في البحر. غزة كانت في ريادة النضال الفلسطيني دائما ولذلك حققت تحررا نسبيا أكثر من غيرها من المناطق، وهو "تحرر" يؤهلها لتشكل رافعة ونقطة انطلاق في مسيرة التحرير والعودة، وهي تقود اليوم أسلوبا كفاحيا جديدا، وتعيد القضية إلى أبجديتها الأولى، وتمضي بانتظار أن تلتف سائر التجمعات الفلسطينية حولها على طريق استعادة هيبة النضال الفلسطيني وبوصلته التي ضاعت في مستنقعات المفاوضات العبثية أو دوامة الانقسام الفلسطيني الداخلي.

لقد آن الأوان للانطلاق مجددا ومعا للانتصار لقضيتنا وحمايتها من محاولات ومؤامرات الطمس والتجزئة والتبديد التي تحيق بها، وليس أفضل من قضية النكبة والعودة قضية نجتمع حولها ونمسك بحبلها بها، لأنها نقطة البداية والحدث المؤسس الذي يجمع كل الشعب الفلسطيني.

هي فرصة لا يجب تفويتها بسبب حسابات فئوية و"إقليمية"، فما زال الوقت أمامنا للحاق بركب غزة، وجعل مسيرات العودة تحاصر إسرائيل من كل نواحي جدران وأسلاك الحدود المصطنعة التي أقامتها بين أجزاء الوطن الواحد لإحكام سيطرتها عليه وتعميق الفرقة بين أهله، رغم سعيها الحثيث لتوحيده فعليا تحت سيطرتها.

لقد آن أوان اللحاق بركب غزة الذي يشق طريق العودة والحرية والاستقلال.

التعليقات