13/04/2018 - 11:15

نيرون الجديد

لا يمكن أن تكون ديمقراطيا وإنسانا عانى من اللجوء وما زال يعاني، وفِي نفس الوقت تتناسى مئات الآلاف من السوريين وتدعي الديمقراطية وتدعم نظاما كان بائسا وما زال بائسا وسيبقى بائسا

نيرون الجديد

طالما استمات الفلسطينيون في نضالهم ضد القهر والاستبداد، خاصة وأنه شعب ذاق مرارة الاحتلال والاستعمار والاستغلال كشعب مستضعف، أبدع المحتل والمستعمر بقمعه وملاحقته، وعمل على تشريده فأصبح مصطلح الفلسطيني مرادفا لكلمة لجوء وأصبح الشتات مصطلحا شائعا في أدبياته.

فالشعوب المقموعة طالما تحركت من مكانها وكانت كالرحالة من ملجأ لآخر هروبا من القمع والقهر، والشعب الفلسطيني مثال أساسي للشعوب التي لوحقت وتشردت بسبب سياسات البطش التي انتهجها المحتل والمستعمر. فالصليبيون، والانجليز وغيرهم وصولا إلى الصهاينة أبدعوا بقمع وتهجير الشعب الفلسطيني الذي ما زال جزءا جديا منه يعيش في الشتات بظروف استثنائية لا ترتقي إلى اقل مستوى معيشي ممكن أن يعيشه إنسان.

شعب تجرع اللجوء وذاق مره على مدار السنين، من الطبيعي أن يهتز لسماعه عن تشريد وقمع شعب آخر بعيدا عن الكلام الكبير وصراعات الديوك خاصة في بلاد الشام. أما أن يهلل ويبجل الفلسطيني لنيرون الجديد فذلك يعكس حالة من عدم الاستقرار وخيانة الذات الإنسانية. هل يعقل أن ترى التهجير والملاحقة وان تتشدق بمصطلحات كبيرة كالامبريالية الغربية وبأيدي خفاء؟

التزم إنسانيتك ومعايير الحرية والعيش بكرامة، علها تقودك بعيدا عن الشعارات إلى الألم والوجع الحقيقيين لدى الشعب السوري الذي جل ما يطلبه مأوى له ولأولاده والعيش بطمأنينة. لا تحدثني عن إنسانيتك، خاصة وأنك تتجاهلها في تضامنك مع زمرة تبطش وتقتل الإنسان السوري الذي بسبب نظام فاشي ضعيف، أضحى لأجئا في بلاد بعيدة عن مسقط رأسه.

إن جثث السوريين الذين قذفتهم أمواج البحر بعد أن هربوا من القتل والقمع، تقشعر لها الأبدان، ويرتبط اللسان ويعجز عن وصف الكارثة التي حلت بالشعب السوري العريق.

يتشدق البعض بحجج واهية هنا وهناك أن السبب بتهجير الشعب السوري هم الإرهابيون وأعوانهم على مسمياتهم المختلفة، وأن داعميهم الكبار الأميركان والصهاينة الذين لا يريدون الخير لأمتنا العربية الوادعة.

ليس النقاش حول نوايا الأميركان والصهاينة الخبيثة، فذلك واضح وضوح الشمس ولطالما حلمت إسرائيل في القضاء على سوريا وكذلك أميركا. لكن السؤال الأول الذي يجب أن يجيب عليه مؤيدو زمرة أبو علي بوتين، هو ما سر تلهف روسيا بالدفاع عن الأراضي والنظام السوري؟ هل اعتنق أبو علي بوتين العروبة ونطق بضادها ؟ هل أصبحت الأراضي السورية محجا لبوتين وأتباعه؟

قطعا لا، فبوتين ليس أقل ضررا ولا خبثا، والقادم أعظم وأسوأ، وبوتين حضر هو وجنده المرتزقة ليعملوا بأجر، وستدفعه سورية مضاعفا ويبقى الشعب السوري خارج هذه اللعبة الدنيئة.

ما بين أميركا وروسيا يبقى بينهما، فسوئهما ونواياهما معروفة لأن نفسيتهم الاستعمارية دالتهم، ولن يجدوا أكثر بؤسا وضعفا من النظام السوري ليستبدلوه.

أما بالنسبة للمهللين من الديمقراطيين والذين يتغنون بشعارات حرية الشعوب والعيش بكرامة، هل فعلا يعولون على النظام السوري الحالي لإنقاذ سورية من غرقها؟ هل فعلا يعولون على زمرة الانتهازيين التي أنهكت سوريا بنشر الحرية والديمقراطية على الشعب السوري؟ هل فعلا من يدعي أنه يناصر الشعوب يرى بمن قمع السوريين على مدار السنين حلا مثاليا لسورية؟

لا يمكن أن تكون ديمقراطيا وإنسانا عانى من اللجوء وما زال يعاني، وفِي نفس الوقت تتناسى مئات الآلاف من السوريين وتدعي الديمقراطية وتدعم نظاما كان بائسا وما زال بائسا وسيبقى بائسا.

لمن يظن أننا نسينا من لا يزالون في سجون النظام فقط لأنهم جهروا برأيهم ضده، فهو واهم.

ومن يظن أن الشعب السوري يعول على هذا النظام فهو واهم.

من يظن أن روسيا ستنظف سورية من الإرهابيين وتسلم مقاليد الحكم للأسد فهو واهم.

سيذهب الأسد وتذهب معه زمرة بوتين وزمرة ترامب وسيلحقهم الصهاينة وستبقى سورية الشعب العربي العظيم، فقط عليه نعول لبناء سورية ديمقراطية تلملم جراحها من خونة الْيَوْمَ والأمس.

اتركوا سورية جميعكم فأنتم دخيلون عليها. الإرهابي والمستعمر ومن أتى بهم ما هو إلا دخيل لا يستحق أن يحكم سورية، فليذهب إلى سردينية ويترك أحرار سورية ليبنوها.

التعليقات