17/04/2018 - 08:14

17 نيسان.. على إيقاع الأموات وأنفاس الحرية

لا شك أن حجم وعدالة القضية الفلسطينية، وضعا الأسير في مرتبة عالية بعد مرتبة الشهادة، واكتسب هذا الملف، في الماضي، تضامنًا والتفافًا جماهيريًا واسعًا، ومن مختلف الفصائل الوطنية، بما فيها القيادة الفلسطينية

17 نيسان.. على إيقاع الأموات وأنفاس الحرية

يداهمنا نيسان في يومه الأول بكذبته المبتذلة، ويصدمنا بيومه السابع عشر، يوم الأسير الفلسطيني، بحقيقته الساطعة، واعتاد الفلسطينيون ومعهم أحرار العالم على إحياء هذه المناسبة الوطنية الإنسانية، كيوم نضالي لشعب يكافح من أجل الحرية والاستقلال وكونهم مناضلين وبصفتهم أسرى حرية وأصحاب أعدل قضية وآخر قضايا الاحتلالات بالعالم، ومن هنا اكتسب الأسر الناتج عن مقاومة الاحتلال معان ودلالات تمجد الأسير بتضحيته وتحفظ له مكانته وما يمثله في معركة الحرية.

لا شك أن حجم وعدالة القضية الفلسطينية، وضعا الأسير في مرتبة عالية بعد مرتبة الشهادة، واكتسب هذا الملف، في الماضي، تضامنًا والتفافًا جماهيريًا واسعًا، ومن مختلف الفصائل الوطنية، بما فيها القيادة الفلسطينية، بما في ذلك الوقوف إلى جانب الأسرى وهم يقارعون السجان بأمعائهم ولحمهم متسلحين بالإيمان والقناعة بعدالة قضيتهم.

إلا أن هذا الالتفاف وهذا الملف يشهد في السنوات الأخيرة تراجعًا حادًا، بل آخذ بالتآكل سنة بعد سنة، ليقتصر على نشاطات محدودة وخجولة، وبقي يراوح في إطار الاستخدام والاستثمار السياسي والفؤوي ومحط مزايدات بين القوى المتصارعة والمتنافسة، وأحيانا لمجرد رفع العتب، ليلقي هذا السلوك بظلاله على المزاج العام والنشاطات الجماهيرية.

وأصبح هذا الملف لا يحظى بالاهتمام الذي يستحقه، رغم الإجماع الفلسطيني بخصوص ملف الأسرى إذ بات واضحًا أن نهج القيادة الفلسطينية وحالة الانقسام منذ سنوات بكل ما أفرز من تداعيات كان لا بد وأن يُجَدَ له انعكاسٌ على المشاركة الجماهيرية، أيضًا، على شكل ومضمون العلاقات الداخلية للأسرى وعلى انعدام الوحدة والتي تستغلها مصلحة السجون لتعميق حالة التفكك داخل الحركة الأسيرة التي تشكل عاملَ الأساس لقوتهم وكذلك زيادة التنكيل والقمع وممارسة شتّى الأساليب القهرية من عزل ونقل أسرى من مكان لآخر والتعرض لقيادة الحركة الأسيرة.

يؤثّر تراجع الاهتمام بقضية الأسرى إلى حدٍ كبير عليهم داخل السجون. بالتالي، فإنّ هذا التراجع العام وتراجع الاهتمام بقضية الأسرى هو بسبب ما تعيشه الحركة الوطنية الفلسطينية من وهن مع غياب المشروع الوطني الواضح وإستراتيجيّات العمل والفشل في إنهاء الانقسام وإنجاز الوحدة، أمّا بالنسبة لعرب الداخل، فإنّ هذا الملف لم يحظَ على إجماع القوى السياسية الفاعلة على مفهوم ومكانة هذا الملف، وغالبية القوى تعاطت مع ملف الأسرى بمنطق التضامن المحدود بدوافع مختلفة ولم تضعه في صلب البرنامج الوطني ولم تجعل منه قضية نضالية على رأس سلم الأولويات. ولا زالت الفعاليات الموسميّة تقتصر على لقاءات هزيلة غالبا ما تتحول إلى مسرحية هزلّية، كما حصل على منصة يوم الأرض الأخير في عرابة البطوف.

يضاف إلى كل هذا، غياب المرجعية الوطنية التي تكتسب شرعيتها من إرادة الجمهور مباشرة إلى جانب الفشل الذريع للقائمة المشتركة في إنجاز العمل الوحدوي المشترك الحقيقي لتقدم نموذجا صادقا يعيد ثقة الجمهور بقيادته، كما أنّه، إلى جانب سوء الخطاب والأداء العام في مختلف الملفات الحارقة وغياب البوصلة، جلبت الخلاف في فضيحة التناوب، وبالتالي، فإنّ إيقاع حياة الأسرى والاهتمام به يتأثر بإيقاع الأموات من القيادات كما يتأثر بنفس وإرادة الأحياء.

 

التعليقات