26/04/2018 - 14:45

بعد 70 عاما ما زلنا نفتش عن أسباب هزائمنا!

نبحث في أرشيفهم عما لا نجده في أرشيفنا. ونقرأ "بيوغرافيا" رابين وغولدا وبن غوريون لنعرف كيف تواطأ الملك عبد الله والسادات وأين أخفق عرفات وعبد الناصر. وهم، من جهتهم، يوفرون لنا "البيبلوغرافيا"

بعد 70 عاما ما زلنا نفتش عن أسباب هزائمنا!

نبحث في أرشيفهم عما لا نجده في أرشيفنا. ونقرأ "بيوغرافيا" رابين وغولدا وبن غوريون لنعرف كيف تواطأ الملك عبد الله والسادات وأين أخفق عرفات وعبد الناصر. وهم، من جهتهم، يوفرون لنا "البيبلوغرافيا" الضرورية لذلك عبر كتابة التاريخ من مصادره الصهيونية الأولى وإعادة صياغته من خلال "المؤرخين الجدد".

ولا غرابة والحال كذلك أن يعيد أحد "المؤرخين الجدد"، توم سيغف، كتابة "بيوغرافيا" بن غوريون، بعنوان "دولة بكل ثمن"، مطعمة ببعض القصص الغرامية من غرفة نوم مؤسس الدولة العبرية، الذي يقول عنه مؤرخ آخر، بيني موريس، إنه قاد الحروب ونظر إلى المستقبل من ارتفاع 152 سم فقط، أي أقل بـ41 سم من شارل ديغول و31 سم من جون كنيدي.

د. أوري ميلشطاين، فيشير خلال دراسته للموروث العسكري لبن غوريون إلى قرارين مصيريين حسما مصير "الحرب" في الـ48: الأول هو قرار اختراق "الحصار" وفتح الطريق إلى القدس وتدمير جميع القرى الفلسطينية الواقعة على جنباتها والتي شكلت قواعد لمهاجمة القوافل العبرية، وهي المعركة التي ابتدأت بعملية "نحشون" وتواصلت بعمليتي "مكابي أ" و"مكابي ب" واستمرت قرابة الشهر ونصف الشهر.

بن غوريون اتخذ القرار على الرغم من معارضة قائد العمليات وقائد الأركان، يغئال يدين، الذي اعترف لاحقا بخطأه. يدين اعتقد أن بن غوريون يقوم بتضخيم موضوع القدس وأن قراره يسبب ضررا بالغا للجبهات الأخرى، بينما تبين لاحقا أن تلك المعركة، التي تقف في مركزها قضية دير ياسين وتدمير قرى قولونيا والسريس وبيت محسر وغيرها، ساهمت في كسر الروح المعنوية للعرب والتسبب بنزوحهم من حيفا، يافا، طبريا وصفد بدون معارك تقريبا. ويقول ميلشطاين إن القرار المذكور كان بمثابة خطوة مخططة مسبقا من بن غوريون، بدونها هناك شك فيما إذا كانت ستقوم دولة إسرائيل.

أما القرار الثاني الذي يشير إليه ميلشطاين، فيتعلق بـ"المؤامرة" التي حاكها بن غوريون مع العاهل الأردني الملك عبد الله بعد أن أسندت إليه القيادة العليا لقوات الدول العربية التي دخلت الى فلسطين.

ويورد ميلشطاين استنادا إلى ما كتبه يسرائيل بار، المقرب من بن غوريون ونائب يغئال يدين، في كتابه "أمن إسرائيل- أمس، اليوم وغدا"، والذي ألفه في السجن بعد ادانته بتهمة التجسس، أن بن غوريون وعبد الله عقدا صفقة- "مؤامرة"- تمتنع بموجبها القوات العربية، التي كانت تحت قيادة بريطانية، عن مهاجمة "إسرائيل" وبالمقابل تسمح إسرائيل بسيطرة الأردن على الضفة الغربية، التي كان من المقرر أن تكون جزءا من أراضي الدولة الفلسطينية..

الخطة العربية قضت بأن تركز قوات سوريا والعراق والأردن هجومها باتجاه حيفا كونها مدينة الميناء التي تشكل مركز الثقل العبري، بينما يقوم الجيش المصري بشن هجوم من الجنوب لمنع المنظمات الصهيونية من تركيز جميع قواتها في الجبهة الشمالية، ولكن في اللحظة الأخيرة أعلن الملك عبد الله، انه لن يشارك في الهجوم الذي كان يفترض ان يتم تحت قيادته وقام بتحويل قواته نحو القدس الأمر الذي عطل الهجوم المذكور.

وبعد خمسة أيام توصل قادة الدول العربية وقادة جيوشها الى استنتاج مفاده أنهم لن يستطيعوا تدمير الدولة اليهودية، ولذلك غيروا إسترتيجيتهم باتجاه تقليص حدودها، وحتى انتهاء المعارك لم تقم القوات العربية المشتركة بمهاجمة أي تجمع يهودي ولم تستغل نجاحها في وقف زحف "الهغناة" والجيش الإسرائيلي في اللطرون.

الصفقة- المؤامرة- أثبتت نجاحها ونجاعتها، بالنسبة للعصابات الصهيونية، خلال المعارك التي دامت عشرة أيام لاحتلال اللد والرملة واللطرون ورام الله، حيث قامت القوات العربية المشتركة بشكل واضح بتسهيل احتلال اللد والرملة، بينما منعت بسهولة، احتلال اللطرون ورام الله، كما يقول ميلشطاين، الذي يشير إلى سقوط 44 عنصرا من الكتيبة الأولى التابعة لـ"البلماح" في معركة "خربة كوريكور" التي وقعت في 17 تموز، بينما جمعت جثثهم بعد سنة ونصف السنة ودفنت في قبر جماعي في جبل الزيتون في القدس.

طبعا إسرائيل استكملت احتلال اللطرون ورام لله والقدس وسائر أرجاء الضفة الغربية إضافة الى أراض فلسطينية وعربية أخرى في حرب 67، بعد 20 عاما على النكبة وبعد ثورة يفترض أنها أطاحت بأسبابها. ولكن في الواقع اختلفت حيثيات الهزيمة فيما بقيت الأسباب التي أدت إلى نكبة 48 هي نفس الأسباب التي أدت الى هزيمة 67 والى هزيمة المقاومة الفلسطينية لاحقا.

 

التعليقات