28/05/2018 - 14:24

خطة كابل وتخلي حزب العمل عن حل الدولتين

تعزيزا لهذا التوجه ولخطة كابل، دعا ما يسمى بـ"التيار المركزي" في حزب العمل والذي يشكل المجموعة الأكبر داخل الحزب، ويقوده عضو الكنيست السابق ميخائيل بار زوهر، دعا في بيان له إلى الانفصال عن فكرة الدولتين واتخاذ خطوات أحادية الجانب على

خطة كابل وتخلي حزب العمل عن حل الدولتين

أصابت الصحفية أيالا حسون، عندما أخطأت عمدا وعرفت إيتان كابل، بأنه عضو كنيست من البيت اليهودي، وهو توجه عززه الأخير عندما كشف خلال المقابلة عن التغريدات المشجعة التي تلقاها من نفتالي بينيت، فور الكشف عن خطته.

وكان كابل، الذي أشغل في السابق منصب سكرتير الحزب، قد دعا من خلال مقال نشرته صحيفة "هآرتس"، قيادات وأعضاء حزب العمل إلى الاستفاقة من "حلم" أوسلو ومن تهيئات توقيع اتفاق سلام على عشب البيت الأبيض، معلنا عن موت عملية السلام وفكرة حل الدولتين بادعاء عدم وجود شريك فلسطيني.

ويدعي كابل أن منظومة أوسلو، التي بنيت على إمكانية أن يتم التوصل في الشرق الأوسط إلى اتفاقيات سلام، على غرار أوروبا، مع حدود مفتوحة، قد فشلت وهكذا انهار "الممر الآمن" و"مطار الدهنية" الذي تحول الى أنقاض، مثلما انهارت الرؤية العسكرية الخاطئة التي آمنت بإمكانية ضبط "المنظمات التي يسمها إرهابية بواسطة الأجهزة الأمنية التابعة لعرفات ودحلان في غزة، حيث قامت تلك المنظمات بقيادة حماس، بعد عقد من الزمن، كما يقول، إلى إلقاء عناصر الأجهزة الأمنية من على أسطح البنايات".

ويلاحظ في هذا السياق، أن تصور كابل لا ينحصر في نطاق الانقلاب على أوسلو الذي صممه ونظر له وقاده قادة حزبه الكبار، ودفع بعضهم ثمنا لذلك، بل يمكن اعتباره ردة فعل ترى بأن عملية أوسلو كانت منذ البداية إستراتيجية سياسية فاشلة نتجت رؤية سياسية خاطئة على غرار ما حدث في حرب 1973 .

ولا حاجة للكثير من التمحيص، لنكتشف أن كابل يغالط عندما يحاول أن يحمل الفشل لـ "إستراتيجية أوسلو" الناتجة عن رؤية خاطئة و"غير المناسبة للشرق الأوسط"، ويرى أن رؤساء الحكومات الإسرائيلية أخطأوا عندما تمسكوا بهذه الإستراتيجية الفاشلة، متجاهلا عن عمد الانقلاب السياسي الذي قاده اليمين بزعامة الليكود ضد أوسلو، وأسفر عن قتل زعيمي قطبيه، الإسرائيلي يتسحاق رابين، والفلسطيني ياسر عرفات، مثلما أسفر عن تجميد الممر الآمن وتدمير مطار الدهنية الفلسطيني وإعادة احتلال المدن الفلسطينية ودخول الدبابات الإسرائيلية إليها بقيادة شارون.

طبعا، هو يتجاهل أيضا أن كل ذلك حدث وسط سكوت وتواطؤ حزب العمل ومشاركته، في كثير من الأحيان، كما حدث في عملية إعادة احتلال المدن وحصار عرفات، وهي المسيرة (التراجع) التي بدأت لدى حزب العمل فور مقتل رابين، وترجمت مباشرة بامتناع بيرس عن تطبيق اتفاق الخليل وتوجت بإطلاق براك لمقولة "عدم وجود شريك فلسطيني بعد مفاوضات كامب ديفيد"، وهي المقولة التي مازال يلوح بها الليكود حتى اليوم وتشكل المحور الأساس في خطة كابل.

وتدعو خطة كابل إلى سحب القانون الإسرائيلي بالكامل على الكتل الاستيطانية التي يحددها بـ "غوش عتصيون" و"كرني شومرون" و"أريئيل" و"غور الأردن" والتي يسكنها 300 ألف مستوطن من مجموع 400 ألف يسكنون في الضفة الغربية (بدون القدس).

كما تدعو خطته إلى إعداد خرائط هيكلية كاملة ومفصلة للمستوطنات الموجودة داخل تلك الكتل وتسوية وضعها التخطيطي، بهدف تأسيس الاستيطان فيها بصورة مسؤولة وجادة، على حد تعبيره، وبالمقابل يدعو إلى تجميد عمليات التخطيط والبناء في المستوطنات الواقعة خارجها ووقف الاستثمار الاقتصادي فيها إلى جانب البدء بعملية إخلاء وتعويض المستوطنين الذين يسكنونها.

وتعزيزا لهذا التوجه ولخطة كابل، دعا ما يسمى بـ"التيار المركزي" في حزب العمل والذي يشكل المجموعة الأكبر داخل الحزب، ويقوده عضو الكنيست السابق ميخائيل بار زوهر، دعا في بيان له إلى الانفصال عن فكرة الدولتين واتخاذ خطوات أحادية الجانب على الأرض.

بار زوهر أشار إلى أن خطة بهذا الشأن قدمت إلى رئيس الحزب، آفي غباي، مشيرا إلى أنها تشكك في احتمال التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، في الفترة القريبة، على أساس حل الدولتين، ولذلك يتوجب على إسرائيل العمل بشكل مستقل، بضم الكتل الاستيطانية وبذل جهود لنقل المستوطنات العشوائية إليها. كما تدعو الخطة إلى بقاء الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، بعكس ما حدث في غزة، إلى حين التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين.

وتضم المجموعة أعضاء الكنيست إيتان بروش، حيليك بار، نحمان شاي، أييلت نحمياس ورابين، رفيطال سويد، ليئا فديدا، عومير بار ليف، ورئيس الصندوق الدائم لإسرائيل (كيرن كييمت)، داني عطار.

ويقول رئيس المجموعة المذكورة، بار زوهر، إنه بعد أن عمل حزبه 20 عاما لأجل فكرة الدولتين آن الأوان للعمل ضمن خطوات أحادية الجانب، ويسوغ كابل خطته بالحفاظ على يهودية دولة إسرائيل ومنع تحولها إلى دولة ثنائية القومية، كما يريد اليمين المتطرف واليسار المتطرف، على حد قوله، ويدعي أن الخطة تحصر الاستيطان في مساحة معينة، وتمنع انتشاره بشكل قد يؤدي إلى حل الدولتين مستقبلا.

وفي الحقيقة يرى المراقبون أن خطة كابل وغيرها من الخطوات، تندرج في محاولات حزب العمل مسايرة حالة الانزياح إلى اليمين التي تكتنف الشارع الإسرائيلي حتى بثمن التخلي عن هويته السياسية، وهي عملية تم التعبير عنها بأكثر من مناسبة ولاقت ترجماتها بتصريحات قادة هذا الحزب وعلى رأسهم زعيمه الحالي، آفي غباي، التي كان أبرزها التصريح الذي أعلن فيه أنه لن يقوم بإخلاء مستوطنات، كما يدخل في نطاقها تصريح عضو الكنيست نحمان شاي، الذي ينافس على رئاسة بلدية الاحتلال في القدس، والذي قال فيه إنه يسعى لإزالة وصمة العار التي تسمى "يسار" عن نفسه.

وإن كنا، من جهتنا، لا نراهن على سلام يأتي به حزب العمل وأقطابه السابقين واللاحقين، من أوسلو وحتى وادي عربة وكامب ديفيد الثانية، فإن خلع هذا الحزب لجلده وانبطاحه أمام سطوة اليمين الديني الاستيطاني، بقدر ما يمثله ذلك من إخلال لتوازن المجتمع الإسرائيلي، بقدر ما هو أمر معيب ومهين لتاريخ حزب العمل ذاته.

 

التعليقات