16/11/2016 - 12:34

فتاة "جر عربة البضائع" نموذج لحال ملايين المصريين

تداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤخرا، صورة لبدر، وهي تجر عربة خشبية صغيرة ذات عجلتين لنقل البضائع، في أحد شوارع الإسكندرية، بينما تشي ملامح جسدها المنهك، بالإرهاق الذي تعيشه يوميا لتوفير جنيهات تستر نفسها وعائلتها.

فتاة "جر عربة البضائع" نموذج لحال ملايين المصريين

(فيسبوك)

تعكس صورة المواطنة المصرية منى بدر، وهي تجر عربة محملة بالصناديق في أحد شوارع الإسكندرية (شمال)، قبل أيام، حال ملايين المصريين الذين يجهدون لتدبير مصدر رزق لهم ولعائلاتهم.

وتداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤخرا، صورة لبدر، وهي تجر عربة خشبية صغيرة ذات عجلتين لنقل البضائع، في أحد شوارع الإسكندرية، بينما تشي ملامح جسدها المنهك، بالإرهاق الذي تعيشه يوميا لتوفير جنيهات تستر نفسها وعائلتها.

الصورة التي دفعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للقاء منى، الأحد الماضي، تلقي الضوء من جديد على الطبقات المطحونة ماديا واجتماعيا في مصر، خاصة مع مشاكل البطالة وارتفاع الأسعار.

وأطلق الإعلام على السيدة، لقب صاحبة صورة 'جر عربة البضائع'، لكن من هم مثلها، يشكلون نحو 5.3% من عدد سكان مصر (أي نحو 6 ملايين من إجمالي سكان البلاد البالغ نحو 90 مليون) والذين يعانون من 'الفقر المدقع' في عام 2015، ارتفاعا من 4.4% في 2012/2013، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر (حكومي).

وأرجع الجهاز في تقرير له الشهر الماضي، ارتفاع نسبة 'الفقر المدقع' في البلاد خلال العام الماضي، إلى صعود أسعار السلع الغذائية.

ويعرف التعبئة والإحصاء المصري 'الفقر المدقع'، بأنه الوضع الذي لا يستطيع فيه الفرد أو الأسرة توفير الاحتياجات الغذائية الأساسية، بينما يعرّف الفقر، بأنه 'الوضعية التي يقل فيها دخل الفرد الواحد عن 600 دولار أمريكي سنويا'.

وقال الجهاز إن نسبة الفقراء في مصر زادت من 25.2% في 2010/2011، منذ اندلاع ثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011 المصرية ضد نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، إلى 27.8% في عام 2015.

وكانت نتيجة زيارة منى للرئيس، الإيعاز لوزارة الإسكان بتوفير شقة مُجهزة بكامل الأثاث لمنى ولأسرتها، ومساعدتها في تعلُم قيادة السيارات، على أن يتم توفير سيارة نقل بضائع لها لتقودها بدلا من جر عربة البضائع، وتكفل بتحمل تكلفة تأثيث شقة نجل شقيقها حتى يمكنه الزواج.

ومطلع آب/أغسطس الماضي، ذكرت مجلة 'الإيكونوميست' البريطانية في تقرير لها، أن مليارات الدولارات من دول الخليج تدفقت إلى مصر، بعد أحداث 30 حزيران/يونيو 2013، (بعدها بأيام تمت الإطاحة بمحمد مرسي أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا) ولا يزال معدل البطالة بين الشباب يتجاوز 40%.

وأضافت أنه في ضوء سيطرة الدولة المصرية على الاقتصاد، أصبح القطاع الخاص غير قادر على استيعاب الوافدين الجدد إلى سوق العمل.

الخبير الاقتصادي المصري رضا عيسى، حذر من ارتفاع معدل الفقر في مصر خلال الفترة المقبلة، بفعل السياسات التقشفية التي تتبعها الحكومة، في إطار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.

وقال عيسى في حديث للأناضول، إن نحو 40% من المصريين تحت خط الفقر أو على حافة الفقر، وأن المضي قدما في تطبيق شروط صندوق النقد الدولي ستدفع بمن هم على حافة الفقر إلى النزول تحت خط الفقر.

ودعا السلطات المصرية إلى تبني هدف 'القصاء على الفقر' الذي أطلقته الأمم المتحدة في أهداف التنمية المستدامة الـ17 لعام 2030، التي اعتمدها قادة العالم في سبتمبر/أيلول 2015 في قمة أممية تاريخية.

وبدأت مصر تطبيق سياسات تقشفيه تزايدت وتيرتها مؤخرا، شملت تعويم الجنيه ورفع الدعم جزئيا عن المواد البترولية (في الثالث من الشهر الجاري)، كما رفعت أسعار الكهرباء والمياه، وطبقت ضريبة جديدة تحت اسم قانون الضريبة على القيمة المضافة.

وقررت مصر في الثالث من الشهر الجاري، تعويم الجنيه أمام العملات الأجنبية ليخضع لقواعد العرض والطلب ورفع أسعار الوقود المرتبطة بسعر الدولار في السوق.

وقال المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تقرير له مؤخرا، إن قرارات تعويم الجنيه ورفع أسعار الوقود 'جاءت غير مكترثة بالمواطن العادي الذي سيتعرض لضغوط بالغة جراء هذه السياسات، ولم تطرح الحكومة المصرية أي بديل للحماية الاجتماعية إلا إجراءات محدودة الأثر'.

واعتبر المركز القرارات التي صدرت في الثالث من الشهر الجاري، بمثابة حرب اقتصادية على الأكثر فقرا، وقد ترفع معدلات الفقر بصورة غير مسبوقة في تاريخ مصر'.

من جانبها سارعت الحكومة المصرية في الرابع من الشهر الجاري، إلى الإعلان عن سلسلة من القرارات لحماية الطبقات منخفضة الدخل، منها زيادة جهود مراقبة الأسواق، وتأمين مخزون ستة أشهر من السلع الاستراتيجية وزيادة نصيب الفرد من السلع التموينية من 18 جنيها إلى 21 جنيها.

وضمن الإجراءات: 'زيادة أعداد المستفيدين من برنامج ' تكافل وكرامة' من مليون أسرة إلى 1.7 مليون أسرة، مع خفض حد السن الأدنى للمستفيدين إلى 60 عاما من 65 عاما، وزيادة أسعار التوريد من الفلاحين لمعظم المحصولات الزراعية.

واستحدثت الحكومة المصرية برنامج 'تكافل وكرامة' مطلع العام الماضي لتوسيع قاعدة المستفيدين من الدعم النقدي، واستخدام آليات استهداف أكثر كفاءة.

وتبلغ الاعتمادات الحكومية المخصصة للبرنامج خلال العام المالي 2016/2017 (يبدأ مطلع تموز/يوليو وينتهي بنهاية حزيران/يونيو بالعام الذي يليه) نحو 4.1 مليارات جنيه (461 مليون دولار).

واعتبر صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر في مصر، القرارات الحكومية مجرد محاولة للتخفيف عن كاهل الطبقات الفقيرة والمتوسطة، داعيا في حديثه للأناضول إلى الارتقاء بمستوى أداء الخدمات لتعويض المصريين عن تراجع قيمة مدخرات بنحو 48% خلال يوم تعويم الجنيه.

وبلغ معدل البطالة بين الشباب في مصر للفئة العمرية (18- 29 سنة) 26.7% بواقع ( 22% ذكور و 38.2%) إناث، وفقا لبيانات مسح القوى العاملة في عام 2015.

وقال الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، إن نسبة البطالة بين الشباب في الفئة العمرية ( 18-29 سنة) الحاصلين على مؤهل جامعي فأعلى بلغت 41.5% بواقع 34.4% ذكور و 51.2% إناث، كما بلغت نسبة البطالة 29.5% للحاصلين على مؤهل متوسط فني بواقع 23.9% ذكور و 44.8% إناث.

وتتوقع بنوك استثمار عديدة أن يحقق معدل التضخم في مصر، ارتفاعا كبيرا خلال الفترة المقبلة، في ضوء الإجراءات المصاحبة لقرض صندوق النقد.

اقرأ/ي أيضًا| مصر تطرد السفير السعودي يتصدر تويتر

وبعد ثلاثة شهور من الإعلان عن التوصل لاتفاق مبدئي، وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي مساء الجمعة الماضي، على منح مصر القرض بقيمة 12 مليار دولار، لدعم البرنامج الوطني الذي وضعته السلطات المصرية لإصلاح الاقتصاد.

ووافق الصندوق على صرف الشريحة الأولى بقيمة 2.75 مليار دولار مع صَرف بقية المبلغ على مراحل خلال مدة البرنامج.

التعليقات