28/05/2018 - 11:33

هيئة "على المقاس"... انتقادات للمجلس الوطني للصحافة بالمغرب

في الوقت الذي تجري فيه الاستعدادات لانتخاب أعضاء المجلس الوطني المغربي للصحافة لأول مرة، يوم 22 حزيران المقبل؛ ينتقد عدد من أهل المهنة، تشكيلهُ وطريقة انتخابه باعتباره مجلسا "على المقاس".

هيئة

(الأناضول)

في الوقت الذي تجري فيه الاستعدادات لانتخاب أعضاء المجلس الوطني المغربي للصحافة لأول مرة، يوم 22 حزيران المقبل؛ ينتقد عدد من أهل المهنة، تشكيلهُ وطريقة انتخابه باعتباره مجلسا "على المقاس".

والمجلس الوطني للصحافة، حسب القانون المحدث له، هيئة معنية بصيانة مبادئ شرف المهنة، والتقيد بميثاق أخلاقياتها، لضمان وحماية حق المواطن في إعلام متعدد وحر ومسؤول ومهني، وتطوير حرية الصحافة والنشر.

ويهدف المجلس، إلى تفعيل التنظيم الذاتي لمهنة الصحافة، حيث سيتولى، بموجب المادة الثانية من القانون، تطوير الرقابة الذاتية لقطاع الصحافة والنشر، بكيفية مستقلة وعلى أسس ديمقراطية.

مجلس "على المقاس"

وانتقد المنتدى المغربي للصحفيين الشباب، عمل اللجنة المكلفة بالإشراف على انتخابات المجلس الوطني للصحافة.

وقال المنتدى في بيان له، إنه "لم يتم الإعلان في أي لحظة من اللحظات عن تشكيل لجنة للإشراف على عملية انتخاب ممثلي الصحفيين المهنيين، وناشري الصحف بالمجلس الوطني للصحافة من طرف وزارة الاتصال والثقافة، وهو الأمر الذي يثير الاستغراب".

وأضاف أن "هناك تعتيم واضح وغير مفهوم حول أشغال لجنة الإشراف على انتخابات أعضاء المجلس الوطني للصحافة، ضدا (خلافًا) على الحق في الوصول للمعلومة المقرر دستوريًا، ما أدى إلى تغييب المقاربة التشاركية في النقاش حول شكليات هذه الانتخابات".

وتابع: "لم يتم الأخذ بآراء ومقترحات الهيئات المدنية والحقوقية والمهنية بهذا الخصوص من طرف هذه اللجنة".

وانتقد المنتدى، "عدم إصدار وزارة الاتصال والثقافة بيانًا يوضح المبررات والأسباب التي دفعت أعضاء اللجنة، إلى اعتماد هذا الشكل من نمط الاقتراع دون غيره، خاصة أن قطاعًا عريضًا من الجسم الصحفي أبدى رفضه لنمط الاقتراع باللائحة المغلقة في حملة شارك فيها الصحفيون المهنيون، وطالبوا من خلالها باعتماد نمط الاقتراع الفردي المباشر".

من جانبه، قال عبد الإله شبل، الصحفي بموقع "هسبريس" (أكثر المواقع زيارة بالبلاد) إنه "يظهر من خلال اللوائح المرشحة من سيمثل الصحفيين بالمجلس".

وأضاف شبل في تدوينة له على صفحته بموقع "فيسبوك"، أن "43 صحفيًا محسوبين على جرائد حزب الاتحاد الاشتراكي (مشارك في الائتلاف الحكومي) على مستوى جهتي الدار البيضاء والرباط (تضم البلاد 12 جهة) مقابل 41 صحفيًا محسوبين على جرائد حزب الاستقلال بنفس الجهتين، أما الصحفيين الشباب فليس لهم أي حضور".

بدوره، قال مصطفى الفن، مدير موقع "آذار": "من منا لا يحزن وهو يسمع هذه الأخبار السيئة عن تفريخ لجان ممهدة، لتشكيل مجلس وطني للصحافة بلا ذرة واحدة من الديمقراطية، وبلا علم حتى الصحفيين المعنيين بتشكيل هذا المجلس".

وكتب على صفحته بموقع "فيسبوك": "ولأننا في هذه المهنة ننادي بالديمقراطية ونخاف من مفاجآتها، فقد جيء لنا بلجان على المقاس تشبه إلى حد بعيد تلك اللجان الشعبية من زمن الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي".

صراع خفي

في المقابل، اعتبر المصطفى عمراني، أستاذ التواصل والإعلام بجامعة "سيدي محمد بن عبد الله" ، بمدينة فاس، أنه "من المبكر جدًا تقييم تجربة المجلس الوطني للصحافة، والحديث عن دوره في تنمية قطاع الإعلام بالبلاد، لكنه في حد ذاته يعتبر خطوة مهمة".

وقال عمراني، في حديث للأناضول، إن "الجدل الدائر حول المجلس، واختلاف وجهات النظر بشأنه يعكس صراعًا خفيًا بين الصحفي والسياسي".

ورأى أن "الاختلاف الكبير الذي نشأ حول المجلس مرتبط باختلاف التمثيلات والتصورات والمنظورات التي ينطلق منها الصحفي والسياسي".

وأوضح عمراني، أن "الاختلاف يمكن أن ينتهي إلى صراع التأويلات، وبالتالي التأثير على نوعية العلاقة بينهما لتصل إلى حالات من التأزم وسوء الفهم".

شروط تعجيزية

ووُجهت انتقادات كبيرة إلى طريقة ترشيح أعضاء المجلس، وإقصاء شريحة واسعة من الصحفيين، باشتراط 15 عامًا من الأقدمية، وإقصاء الصحفيين المغاربة المشتغلين بمؤسسات دولية.

وسيتألف المجلس الوطني للصحافة من 21 عضوًا؛ 7 أعضاء ينتخبهم الصحفيون، و7 أعضاء ينتخبهم ناشرو الصحف، و3 أعضاء ممثلين لمؤسسات حكومية، و4 مؤسسات غير حكومية.

وستتم عملية الانتخاب عبر نظام الاقتراع باللائحة بالنسبة لانتخاب ممثلي الصحفيين المهنيين، ونظام الاقتراع الفردي بالنسبة لانتخاب ممثلي ناشري الصحف، وهو ما أثار نقاشًا وجدلًا كبيرين.

وعدد الناخبين 2372 في فئة الصحفيين المهنيين، و76 في فئة ناشري الصحف.

وفي 7 أيار الجاري انتهت فترة إيداع الترشيحات، التي بلغت ثلاث لوائح لفئة الصحفيين، و13 ترشيحًا فرديًا بالنسبة لفئة ناشري الصحف.

جدل التمثيل

بدوره، رأى محمد عبد الوهاب العلالي، أستاذ الإعلام بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالعاصمة الرباط، أن "التوافقات مسألة لن تكون سهلة داخل المجلس الوطني للصحافة، خصوصًا أن الأدوار المنوطة به مهمة".

وقال العلالي في حديث للأناضول، إن "ردود الفعل المختلفة تعكس دوائر متعددة من المصالح والتطلعات التي تطال في جزء منها مصالح السلطة".

وأشار إلى أن "السلطة تريد أن يكون المجلس الوطني للصحافة مجلسًا متوازنًا بشكل ما، ويعكس الوضع القائم والتوازنات التي سادت إدارة العمليات الإعلامية بالبلاد منذ فترة".

وأوضح العلالي، أن "الوصول إلى توافقات حضارية بعيدًا عن كل مظاهر التمزق في الجسم الإعلامي المغربي، يعتبر حاسمًا في الحاضر كما في المستقبل".

وشدد على أن "الديمقراطية هي السبيل لنزع فتيل التوتر داخل المجلس، والمدخل للتحديد على نحو دقيق علاقات استقلالية، وليس تبعية بين أطراف السلطة (التنفيذية والتشريعية والقضائية) والإعلام كسلطة رابعة".

واعتبر العلالي، أن "الديمقراطية تمكن الصحفيين من القيام بعملهم على أحسن وجه وبمهنية عالية واحترام تام للقوانين وتبني للأخلاقيات المهنية."

التعليقات