شهد هذا العام حملاتٍ وانتفاضاتٍ إلكترونيّة قادها شباب المغرب في وسائل التواصل الاجتماعي، كان آخرها حملةً تجاوزت محلّيّتها لتصل العالم العربيّ كلّه، وهي #في_بلادي_ظلموني التي شهدها العالم من خلال انتشار فيديو لجمهور مغربي في الملعب يغني ضدّ سياسة الحكومة وضدّ الظلّم.
ولم تكن هذه الحملة الوحيدة، ففي نيسان/ أبريل الماضي، قاد ناشطون مغاربة حملة مقاطعة لثلاثة منتجات أساسية، هي الحليب، والماء، والوقود، وشهدت هذه الحملة تفاعلًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي عبر عدة وسوم أهمّها #خليه_يريب (أي اتركوا الحليب يفسد).
الحكومة تناشد المواطنين العدول عن المقاطعة بدريعة تضرر الفلاحين و الإقتصاد الوطني.
— Hamza Louani (@Hamza4but) June 1, 2018
أصبحت الحكومة مما لا يدع مجال لشك ناطقا رسميا و مدافعا قويا عن الشركات التي تضررت جراء المقاطعة الناجحة عوض الجلوس و إيجاد حلول عملية و تفادي تمدد المقاطعة.#مقاطعون #المغرب #خليه_يريب
واستهدفت الحملة غير المسبوقة شركةً لبيع الوقود يمتلكها وزير الفلاحة، عزيز أخنوش، وشركة للمياه المعدنية تمتلكها الرئيسة السابقة للاتحاد العام لمقاولات المغرب، وهو أكبر تجمع لرجال الأعمال، مريم بنصالح، بالإضافة إلى شركة دانون الفرنسية لبيع الحليب.
ونتيجة لهذه المقاطعة، قررت الشركة الفرنسية، خلال أيلول/ سبتمبر الماضي، تخفيض أسعار الحليب بعد حملة مقاطعة دامت ما يزيد على 4 أشهر بالمغرب، وقالت شركة "دانون"، في بيان لها إنها واجهت خسائر مالية جراء المقاطعة، متوقّعةً استمرار التراجع حتى نهاية العام الجاري بأكمله.
بعد اعتراف من شركة دانون العالمية بتأثير المقاطعة على منتوجاتها.. حملة المقاطعة
— Nada (@nada_n2018) July 6, 2018
تعصف بالاستثمارات الأجنبية في المغرب وتخوف المستثمرين الأجانب من مقاطعة المغاربة لعدة شركات ومن بينها شركة دانون التي كان لها أكبر نسبة من الخسائر!
انتصار آخر#خليه_يريب #مقاطعون pic.twitter.com/doH6JzU9XP
غير أن تداعيات تلك الحملة، الأوسع في تاريخ البلاد، لم تقتصر على المستوى الاقتصادي، بل وصلت شرارتها إلى المستوى السياسي، ففي 6 حزيران/ يونيو الماضي، طالب المنتدب المكلف بالشؤون الاقتصادية، لحسن الداودي الوزير المغربي، بإعفائه من منصبه بعد مشاركته في احتجاج لعمال شركة الحليب الفرنسية التي تواجه حملة المقاطعة.
وتجاوزت حملات المقاطعة المنتجات الثلاثة، ليطلق المغاربة سهام وسومهم باتجاه المزيد من المنتجات التي اتُّهِم منتجوها ومسوقوها بالتلاعب بأسعارها، مثل وسم #خليه_يعوم (في إشارةٍ إلى السّمك)، والتي هدفت إلى مقاطعة شراء الأسماك نظرًا لغلاء أسعارها.
الصراحة إخوتي للي شرى السردين ب20 درهم هداك هو دواه، خصوصاً بعدما شاف #مقاطعون علاش قادة
— Hicham (@HI_CHAM) May 24, 2018
المقاطعة خاصها تولي سلوك ديال المغاربة مشي غير حملة كحملات الدولة اللي تتبخر مع الزمن.. #خليه_يريب https://t.co/rqxGtQ4U2B
كما انطلقت في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم، حملة #خليه_يقاقي التي هدفت لمقاطعة الدّواجن في الأسواق المغربية، بعد ارتفاع أسعارها، ليلقى تفاعلًا كبيرًا بين المواطنين، إذ دفعت تلك الحملة الفدرالية المهنية لقطاع الدواجن، إلى تبرير ارتفاع الأسعار في بيان بالقول إن "الإضراب، الذي شنه أرباب شاحنات نقل البضائع، تسبب في خسائر وخيمة على قطاع الدواجن، حيث ارتفعت نسبة نفوق الدواجن، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها في الأسواق المغربية".
كيتشكى قاليك الدجاج ب 25 درهم للكيلو..ماتشريش
— sardi mohamed (@sardi2007) November 22, 2018
يجب أن نجعلها تقافة..أي منتوج غالي مانشريش..لأنك لن
تموت إذا لم تأكل الدجاج..#خليه_يقاقي
بارطاجي عندك و وصلها للجميع
Tarik Attourabi
ولم تقتصر الوسوم والحملات على مقاطعة المنتجات، بل شملت حملات معارضةً لسياسة الحكومة والنظام، ففي أيلول/ سبتمبر الماضي أطلق نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وسوم #بأي_ذنب_قتلت و #شهيدة_الحريك بعد أن قتلت السلطات المغربية البحرية المهاجرة #حياة_بلقاسم التي كانت على متن قارب مطاطي قالت السلطات المغربية إنّه كان متواجدًا "بصفة مشبوهة" في المياه المغربية وكان يقل مواطنين يعتزمون الهجرة.
وبالعودة إلى آخر الحملات المغربية، لا بدّ أن نتذكّر مقطع الفيديو الذي أظهر جماهير فريق "الرجاء" البيضاوي المغربي لكرة القدم خلال إحدى مباريات الفريق في كأس الكونفيدرالية الإفريقية، وهم يرددون بشكل جماعي أغنية بعنوان "في بلادي ظلموني"، يعبرون من خلالها عن معاناتهم، ويطالبون بتحسين أوضاعهم، وتأمين حياة أفضل لهم.
شكرا اولتراس الرجاء البيضاوي المغربي قولتوا اللي في قلب كل عربي والله ودوستوا على وجع كل مشجع كورة وفكرتوا ناس كتير ان لسة فيه شباب في السجون والتهمة مشجع #في_بلادي_ظلموني #الحرية_لمشجعين_الكورة #الحرية_للفكرة
— ShaMs (@_shhams_) November 26, 2018
ولقيت الأغنية والحملة انتشارًا واسعًا عبر منصات التواصل الاجتماعي تخطى حدود مشجعي الفريق ليشمل مشجعي أندية مغربية أخرى، كما تداول ناشطون في عدد من الدول العربية الأغنية المغربية، التي رأوا أنها تعبر عنهم أيضًا وعن أوجاعهم وأملهم في غد أفضل.
وقال الخبير المغربي في مجال التواصل، يحيى اليحياوي إن "لجوء المغاربة إلى الوسوم بمنصات التواصل الاجتماعي، يرجع إلى الندرة في الفضاءات العامة، وغياب النقاشات التي تهم المواطنين بالبرلمان ومؤسسات الأحزاب والنقابات والإعلام".
وأضاف أن "تراجع دور الأحزاب خلف فراغًا، بالإضافة إلى الإعلام المحتكر (في إشارة إلى عدم فتح القنوات أمام القطاع الخاص)، الذي لا يعبر عن احتياجات الناس، وهو مل جعل المواطنين يعبرون بحرية من خلال هذه منصات التواصل".
وتابع اليحياوي قائلًا إنّ "هناك مسألة الحاجة للتعبير عن الرأي، إذ أن المواطنين لم يجدوا النقاش الذي يهمهم في الوسائل التقليدية مثل النقابات والأحزاب والمؤسسات، ما جعلهم يلجؤون إلى اعتماد الوسوم في وسائل التواصل الاجتماعي".
اقرأ/ي أيضًا | "في بلادي ظلموني".. أغنية لجماهير مغربية تحاكي واقعا مريرا
التعليقات