02/10/2020 - 17:38

عشر سنوات على إطلاق "إنستغرام"

مرت عشر سنوات على وجود "إنستغرام" في يوميات نحو مليار شخص في كل أنحاء العالم، أصبح خلالها هذا التطبيق جزءًا من حياتهم، لا بل قَلَبَ عاداتِهم رأسًا على عقب، سواء في ما يتعلق بالأكل أو السفر أو حتى الاستهلاك.

عشر سنوات على إطلاق

توضيحية (Pixabay)

مرت عشر سنوات على وجود "إنستغرام" في يوميات نحو مليار شخص في كل أنحاء العالم، أصبح خلالها هذا التطبيق جزءًا من حياتهم، لا بل قَلَبَ عاداتِهم رأسًا على عقب، سواء في ما يتعلق بالأكل أو السفر أو حتى الاستهلاك.

في 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2010 أطلق الأميركيان كيفن سيستروم ومايك كريغر، شبكة اجتماعية مخصصة لنشر الصور. وكان الجديد في هذا التطبيق المخصص للهواتف الذكية أنه يوفّر "فلاتر" لتحسين إضاءة الصورة وألوانها وتفاصيلها التقنية، فتصبح الصورة كاملة ومثالية والأهم أنها فورية، على غرار ما كانت عليه صور كاميرا "بولارويد"، وبالتالي يحصل صاحبها على ردود فعل مباشرة.

بعد سنتين، اشترت شركة "فيسبوك" هذا التطبيق الذي أحدث أيضًا ثورة في مجال التصوير من خلال فرض قواعده. واصبح "إنستغرام" في هذا الوقت المنصة التي يمكن من خلالها لأيّ كان أن يتولى "إخراج" صورته بواسطة الـ"سيلفي"، أو الصور الذاتية.

حتى أن الأمر أنتجَ نوعًا جديدًا من النجمات الافتراضيات، منهنّ مثلًا كيارا فيرّاني (21 مليون متابع) التي أصبحت لاحقاُ نجمة "لانكوم"، وكايلي جينر، الأخت غير الشقيقة لعائلة كارداشيان، ويتابعها 196 مليون شخص.

ويقول رئيس "المرصد الفرنسي للعوالم الرقمية" عالِم النفس مايكل ستورا "لقد دخلنا عصر 'إنترنت الواقع' حيث لا يمكن أن نكون موجودين إلا من خلال ما ننشره على الشبكات الاجتماعية. ويصح القول: أنا أتصور سيلفي إذًا أنا موجود".

ويلاحظ أن هذا السعي المحموم إلى سعي علامات الإعجاب أو الـ"لايك" يؤدي إلى "وضع المراهقين داخل فقاعة من الكمال" تجعلهم يشعرون بأنهم ليسوا "بالمستوى" اللازم. لكنّ هذا الآثار السلبية غالبًا ما يُسكِتُها عشّاق هذه الشبكة.

سرعان ما لفت نجاح "إنستغرام" انتباه الشركات والعلامات التجارية. فصورة الـ"سيلفي" في احتفال توزيع جوائز الأوسكار عام 2014 مثلًا، والتي جمعت براد بيت وجنيفر لورنس وإيلين ديجينيريس، التقطت في الواقع بهاتف "سامسونغ" الذكي، الجهة الراعية للمناسبة.

وباتت العلامات التجارية الفاخرة كما تلك الشعبية الخاصة بـ"الموضة السريعة" أو "فاست فاشن"، تدرك أن "إنستغرام" يتيح لها تحويل ملايين المستخدمين إلى زبائن لها، بفضل وظائف للتسوّق الإلكتروني يلحظها التطبيق، توجّه المستخدم إلى موقع العلامة التجارية من خلال النقر على الرابط.

ومكّن "إنستغرام" العلامات التجارية من أن تخاطب المستهلكين أينما كانوا، عبر هواتفهم الذكية، والأهم أنها تتواصل معهم مباشرة، من دون وسيط.

وشكّل "إنستغرام" منجم ذهب أيضًا لشركات المنتجات الفاخرة التي أفادت منها لتقترب أكثر من المستهلكين وتظهر أنها في متناولهم جميعًا وليست حكرًا على فئة منهم.

وتقول مؤرخة الموضة، أودري مييه، في هذا الصدد "من خلال نشر المحتوى مجانًا، تنفتح هذه العلامات التجارية على الجميع، كاسرةً صورة التكبّر التي كانت موصومة بها".

وكما هو بمثابة "آلة مال" للشركات ووسيلة كسب لها، تحوّل التطبيق مصدر رزق لآلاف المؤثرين من الجنسين، غالبًا ما يكونون في عمر الشباب، بفضل الصور التي ينشرونها على حساباتهم، وهم يحصلون على رعاية مادية من العلامات التجارية.

وشرحت بولين بريفيز (36 عامًا)، وهي مؤثرة منذ العام 2009 في مجالي الأزياء ومستحضرات التجميل ولديها 140 ألف متابع "بعد أن يُرسلوا إليّ المُنتَج، أتولى كل الخدمة (التسويقية) له، من التصوير إلى النشر...لم تعد العلامات التجارية بحاجة إلى الاستعانة بوكالة إعلان. نحن نهتم بكل شيء".

وفرض التطبيق نفسه أيضًا في عالم المطبخ وقطاع المطاعم، فغيّر حياة الطهاة وذوّاقة الطعام على السواء، وبات في إمكان أيّ كان أن ينشر صورة طبقه أو فنجان قهوته أو كوب مشروبه.

وتتابع الشابة الثلاثينية ماييل بورّاس "نحو 15 طاهيًا" من بينهم: آلان فاسار (نصف مليون متابع) وسيريل لينياك (مليونان ونصف مليون متابع). وتقول "في عطلة نهاية الأسبوع، أحاول أن أطبّق بعض ما ابتكراه. يمكن متابعتهما مجانًا والدخول إلى حسابيهما حرّ، ويمكّنني ذلك من تنويع ما أطبخه في المعتاد".

ويشكّل "إنستغرام" واجهة عرض مثالية لمكاتب السياحة التي باتت تتكل على هذا التطبيق وعلى مستخدميه لتسويق الوجهات السياحية وتقديمها في أبهى حللها.

ولّى إذًا زمن المرشدين السياحيين أو الكتب التي تتضمن معلومات وخرائط عن كل وجهة، فبولين مثلًا تكتفي بالاسترشاد بما توافر من معلومات على "إنستغرام": "أطلب توصيات ونصائح من المتابعين، وأبحث عبر أدوات تحديد الموقع الجغرافي".

خلال فترة الحجر الصحي، حقق الوقت الذي يقضيه المستخدمون في تصفّح "تويتر"، كما غيره من المنصات، قفزة ضخمة. ولكن بعد شهرين من صور التقدم في ممارسة اليوغا وفي تطبيق آخر وصفات الطبخ وسواها، طغت حركة "حياة السود مهمة" على اهتمامات مستخدمي الشبكة في الولايات المتحدة، إذ اتخذت المنصة بوضوح بعدًا سياسيًا لم يكن واضحًا من قبل.

في المقابل، اكتسب تطبيق "تيك توك" جمهورًا أكبر بعدما كان يجتذب الشباب والمراهقين فحسب بمقاطعه المصورة التي تتضمن رقصًا أو غناءً أو محاكاة ساخرة. وتهدد شعبيته الصاعدة بإطاحة "إنستغرام" عن عرشه.

التعليقات